ثقافة وفن

قيمة الهدية في توقيتها

بقلم : محمد بن العبد مسن

Advertisement

أخي القارئ..

يقال أن العطاء هو أول ثمرة من شجرة التعليم.

Advertisement

يحكى أنهُ جاء رجل إلى الحسن بن سهل رحمه الله يستشفع به في حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره ، فقال له الحسن بن سهل: “علامَ تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاةً كما أن للمال زكاةً؟!

إن الأخلاق المثلى هي عماد الأمم وقوام الشعوب والأمم باقية ما بقيت أخلاقها وهذه حقيقة لا ينازع فيها إلا مريضٌ لم يَنَقـه أو مُغرضٌ لا يَفقَه كما أن من المُسَلَّم أيضاً أن تدهور الأخلاق ناجمٌ عن نقص الوازع الديني في النفوس ، ذلك الوازع الديني الزاجر الذي يمتلك عنان النفس ويسيطر عليها فيكبح جماحها، ويهتن دمعها، ويغسلها بالنقاخ الذي يبرد الفؤاد.

وإن من أعظم الأخلاق المندوبة والسجايا المطلوبة ، خلق الرحمة والتراحم بين المسلمين ، ولا غرو؛ إذ هو مفتاح القبول لدى القلوب ، ولا جرم أن فقدان الرحمة بين الناس فقدان للحياة الهانئة ، وإحلالٌ للجاهلية الجهلاء، والأثرة العمياء.

أخي القارئ..

يحكى أنَّ رجلاً دخلَ على سالمٍ بن قُتيبة بن مسلم الباهلي يسأله عن حاجة وسالم جالسٌ على الأرض فوضعَ الرجلُ سيفه وهو في غمده على إصبعِ سالم وهو لا يشعر واتكأ عليه .

وجعلَ يطلبُ حاجته إلى أن نزفَ إصبع سالم  ، ولكن سالم لم يُكلمه ، فلما انتهى الرجلُ من مسألتِه وقضاها له وخرج ، أخذ سالمٌ يمسحُ الدمَ عن إصبعه .

فقال له أحد الحاضرين : لِمَ لَمْ ترفع السيف عن إصبعك؟!!

فقال: خِفْتُ أن أفعل فيخجل الرجلُ من فعلته وينسى حاجةً من مسألته!

أخي القارئ..

عندما يأتيكَ إنسان في حاجةٍ فاعلمْ أنه طلبها من الله أولاً فأرشده سُبحانه إليك.

وجعلكَ سبباً في إجابةِ الدعاء فلا تنظُرْ في شأنِ من تقضي حاجته فقط.

إنَّما أنظر في الذي أراد أن يتكرمَ عليكَ ويجعلكَ سبباً في قضاءِ حوائجِ الناس!

عزيزي القارئ..

أعلم أن للعطاء أدب وهو حفظُ ماء وجه الطالب..

فالناسُ قبل أن يكونَ لديهم حاجات فإنَّ لديهم كرامات وترميمُ كرامة الإنسانِ لا تقل نُبلاً عن ترميمِ حاجته!

إنَّ الذي يطلبكَ في حاجةٍ وفي نفسه انكسار وإن لم يُبدِهِ لك وفي روحه حزنٌ وإن أخفاه عنكَ فلا تكُنْ والدُنيا عليه.

حاول أخي أن تلينْ له بالكلام وتبسِطْ له وجهكَ وزيِّنْ المجلس بابتسامتكَ.

إن الحاجةُ مُرَّةٌ ولا يُخفف مرارتها إلا حُسن الأسلوب في أدائها!

وتذكَّرْ دوماً أن الجزاء من جِنسِ العمل ولا أحد أوفى من الله!

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل”.

فعلًا اخي الكريم إن في قضاء حوائج الناس بها لذة لايعرفها إلا من جربها فافعل الخير مهما استصغرته فإنك لا تدري أي حسنة تدخلك الجنة.

قال جبران خليل جبران:

إنما الأمير هو ذلك الذي يجد عرشهُ في قلوب الدراويش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى