قراءات في الذكاء الإصطناعي
بقلم : السفير / أشرف عقل
فى ضوء ما يحظى به موضوع الذكاء الإصطناعى من أهمية كبيرة على كافة المستويات ، سواء على المستوى العالمى أو على المستوى المحلى ، باعتباره تطورا بالغ الدلالة على سعى الإنسان نحو تحقيق الأفضل له ولأبنائه ، فقد عمدت العديد من الدول إلى الاهتمام بهذا العلم ، بل وخصصت له مدارس وجامعات لدراسته ، ومنها مصر التى أنشأت كلية خاصة به فى جامعة كفر الشيخ تسمى ” كلية الذكاء الإصطناعى” ، فضلا عن أقسام فى كليات أخرى ، وادارات فى مؤسسات وشركات ، لذا لزم علينا الكتابة فى هذا الموضوع ، للتعرف على ما وصل إليه العلم بشأنه ، فى محاولة أرجو أن تكون موفقة”…
“وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”.
* عام :
– الذكاء الإصطناعى Artificial Intelligence هو سلوك وخصائص معينة تتسم بها برامج الحاسوب الآلى تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها ، ومن أهم هذه الخصائص القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الحاسوب . إلاّ أنَّ هذا المصطلح جدلي نظراً لعدم وجود تعريف محدد للذكاء .
– ويعد جون مكارثي ( ٤ سبتمبر ١٩٢٧م – ٢٣ أكتوبر ٢٠١١م ) و هو عالم أمريكي في مجال الحاسوب ، حصل عام ١٩٧١م على جائزة تيورنج لمساهماته الكبيرة في علم الذكاء الاصطناعي ، صاحب الفضل في اختيار لفظ الذكاء الاصطناعي وإطلاقه على هذا العلم .
* ماهية الذكاء الاصطناعي :
– هو فرع من علم الحاسوب . تُعرِّفه الكثير من المؤلفات على أنه : “دراسة وتصميم العملاء الأذكياء” ، والعميل الذكي هو نظام يستوعب بيئته ويتخذ المواقف التي تزيد من فرصته في النجاح في تحقيق مهمته أو مهمة فريقه . ويعود هذا التعريف ، من حيث الأهداف والأفعال والتصور والبيئة إلى العالمين راسل ونورفيج .
– وتشمل أيضا التعريفات الأخرى المعرفة والتعلم كمعايير إضافية . وقد صاغ عالم الحاسوب جون مكارثي هذا المصطلح بالأساس في عام ١٩٥٦م ، وقد عرَّفه هو نفسه على أنه “علم وهندسة صنع الآلات الذكية”.
– بينما يعرِّف أندرياس كابلان ومايكل هاينلين الذكاء الاصطناعي بأنه “قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح ، والتعلم من هذه البيانات ، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن”.
* النشأة :
– تأسس هذا المجال على افتراض أن مَلَكة الذكاء يمكن وصفها بدقة بدرجة تمكن الآلة من محاكاتها ، وهو مايثير جدلاً فلسفياً حول طبيعة العقل البشري وحدود المناهج العلمية ، وهي قضايا تناولتها نقاشات وحكايات أسطورية وخيالية وفلسفية منذ القدم . كما يدور جدل عن ماهية الذكاء وأنواعه التي يمتلكها الإنسان ، وكيفية محاكاتها بواسطة الآلة .
– وقد كان وما زال الذكاء الاصطناعي سبباً لأفكار شديدة التفاؤل ، كما عانى نكسات فادحة عبر التاريخ ، إلا أنه أصبح اليوم جزءاً أساسياً من صناعة التكنولوجيا ، حاملاً عبء أصعب المشاكل في علوم الحاسوب الحديثة .
* بحوث الذكاء الاصطناعى :
– إن بحوث الذكاء الاصطناعي من الأبحاث عالية التخصص والتقنيَّة ، لدرجة أن بعض النقَّاد ينتقدون “تفكك” هذا المجال . وتدور المجالات الفرعية للذكاء الاصطناعي حول مشاكل معينة ، وتطبيق أدوات خاصة وكذلك حول اختلافات نظرية قديمة في الآراء .
* المشاكل الرئيسية للذكاء الاصطناعي :
– تتضمن هذه المشاكل قدراتٍ مثل التفكير المنطقي والمعرفة والتخطيط والتعلم والتواصل والإدراك والقدرة على تحريك وتغيير الأشياء ، كما لا يزال الذكاء العام ، أو “الذكاء الاصطناعي القوي” هدفاً بعيد المدى لبعض الأبحاث في هذا المجال .
* تاريخ بحوث الذكاء الاصطناعي :
– في منتصف القرن العشرين ، بدأ عدد قليل من العلماء فى استكشاف نهج جديد لبناء آلات ذكية ، بناءً على الاكتشافات الحديثة في علم الأعصاب ، ونظرية رياضية جديدة للمعلومات ، وتطور علم التحكم الآلي ، وقبل كل ذلك ، عن طريق اختراع الحاسوب الرقمي ، تم اختراع آلة يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي للإنسان .
– وقد أسس المجال الحديث لبحوث الذكاء الاصطناعي في مؤتمر عقد في كلية دارتموث بلندن في صيف عام ١٩٥٦م ، حيث أصبح المشاركون فيه قادة بحوث الذكاء الاصطناعي لعدة عقود ، وخاصة جون مكارثي ، ومارفن مينسكاي ، ألين نويل ، وهربرت سيمون الذي أسس مختبرات للذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، وجامعة كارنيغي ميلون ، وستانفورد ، وقد كتبوا هم وتلاميذهم برامج أدهشت معظم الناس ، إذ كان الحاسب الآلي يحل مسائل في الجبر ويثبت النظريات المنطقية ، ويتحدث الإنجليزية .
* وبحلول منتصف الستينيات أصبحت تلك البحوث تمول بسخاء من وزارة الدفاع الأمريكية ، وقام هؤلاء الباحثون بالتوقعات الآتية :
– فى عام ١٩٦٥م ، ستكون الآلات قادرة ، في غضون عشرين عاما ، علي القيام بأي عمل يمكن أن يقوم به الإنسان .
– فى عام ١٩٧٦م “في غضون جيل واحد سوف يتم حل مشكلة ” خلق الذكاء الاصطناعي بشكل كبير”.
– ورغم ذلك فقد فشلوا في إدراك صعوبة بعض المشاكل التي واجهتهم في عام ١٩٧٤م .
– ورداً على انتقادات السير جيمس لايتيل الإنجليزي ، والضغط المستمر من الكونغرس لتمويل مشاريع أكثر إنتاجية ، قطعت الحكومتان الأمريكية والبريطانية تمويلهما لكل الأبحاث الاستكشافية غير الموجهة في مجال الذكاء الاصطناعي ، لتكون تلك أول انتكاسة تشهدها أبحاث الذكاء الاصطناعي .
– وفي أوائل الثمانينيات من القرن العشرين ، شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي صحوة جديدة من خلال النجاح التجاري “للنظم الخبيرة” ، وهي أحد برامج الذكاء الاصطناعي التي تحاكي المعرفة والمهارات التحليلية لواحد أو أكثر من الخبراء البشريين.
– وفى عام ١٩٨٥م وصلت أرباح أبحاث الذكاء الاصطناعي في السوق إلى أكثر من مليار دولار ، وبدأت الحكومات تمويلها من جديد.
– وبعد سنوات قليلة ، بدءا من انهيار سوق آلة ال Lisp Machine ( إحدى لغات البرمجة ) في عام ١٩٨٧م ، شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي انتكاسة أخرى ولكن أطول .
– وفي تسعينيات القرن العشرين ، وأوائل القرن الحادى والعشرين ، حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات أكبر ، وإن كان ذلك إلى حد ما وراء الكواليس . ولكن تم استخدامه في الأمور اللوجستية ، واستخراج البيانات ، والتشخيص الطبي والعديد من المجالات الأخرى في جميع أنحاء صناعة التكنولوجيا ، وهو نجاح يعود إلى عدة عوامل هي : القوة الكبيرة للحواسب اليوم ، وزيادة التركيز على حل مشاكل فرعية محددة ، وخلق علاقات جديدة بين مجال الذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات العمل في مشاكل مماثلة ، وفوق كل ذلك ، بدأ الباحثون الالتزام بمناهج رياضية قوية ومعايير علمية صارمة .
– وفي القرن الحادى والعشرين ، أصبحت أبحاث الذكاء الاصطناعي على درجة عالية من التخصص والتقنية ، وانقسمت إلى مجالات فرعية مستقلة بشكل عميق لدرجة أنها أصبحت قليلة الصلة ببعضها البعض . كما نمت أقسام المجال حول مؤسسات معينة ، وعمل الباحثون على حل مشكلات محددة ، أيضا ، نشأت خلافات في الرأي منذ زمن طويل حول الطريقة التي ينبغي أن يعمل وفقا لها الذكاء الاصطناعي .
* أنواع الذكاء الاصطناعي :
– يمكن تقسيمه إلى :
* الذكاء الاصطناعي الضيق :
– وهو الذكاء الذي يتخصص في مجال واحد ، فمثلاً هناك أنظمة ذكاء اصطناعي يمكنها التغلب على بطل العالم في لعبة الشطرنج ، وهو الشيء الوحيد الذي تفعله هذه الأنظمة فقط .
* الذكاء الاصطناعي العام :
– يشير هذا النوع إلى حواسب بمستوى ذكاء الانسان في جميع المجالات ، أي يمكنها تأدية أي مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها ، إن إنشاء هذا النوع من الذكاء أصعب بكثير من النوع السابق ولم يتم الوصول إلى هذا المستوى بعد .
* الذكاء الاصطناعي الفائق :
– يعرف الفيلسوف نيك بوستروم الذكاء الفائق بأنه “فكر أذكى بكثير من أفضل العقول البشرية في كل مجال تقريبًا ، بما في ذلك الإبداع العلمي والحكمة العامة والمهارات الاجتماعية” ، وبسبب هذا النوع يعتبر مجال الذكاء الاصطناعي مجالاً شيقاَ للتعمق فيه.
* تقييم الذكاء الاصطناعي :
– كيف يمكن تحديد ما إذا كان العامل ذكيا أم لا ؟ في عام ١٩٥٠م اقترح آلان تورنغ إجراء عام لاختبار ذكاء عاملاً يعرف الآن باختبار تورنغ . يسمح هذا الإجراء باختبار معظم المشاكل الرئيسية للذكاء الاصطناعي ولكنه يعد تحديا صعبا للغاية في الوقت الحالي وجميع العوامل التى خضعت له باءت بالفشل .
– ويمكن أيضا أن يقيم الذكاء الاصطناعي وفقا لمشاكل محددة مثل مشاكل صغيرة في الكيمياء ، والتعرف على خط اليد والألعاب ، وقد سميت هذه الاختبارات باختبارات تورنغ الخبيرة ، إذ أنه كلما صغر حجم المشاكل زاد عدد الأهداف القابلة للتحقيق ، وهناك عدد متزايد من النتائج الإيجابية .
* و تصنف نتائج اختبارات الذكاء الاصطناعي إلى المجموعات التالية :
– الأمثل : أنه لا يمكن لأداء أفضل من ذلك .
– إنسان خارق قوى : أداء أفضل من كل البشر .
– إنسان خارق : أداء أفضل من معظم البشر .
– أقل من الإنسان : أداء أسوأ من أداء معظم البشر .
وعلى سبيل المثال ، فإن الأداء في لعبة الشطرنج يندرج تحت “الإنسان الخارق” ويقترب من “الإنسان الخارق القوى” والأداء في العديد من المهام اليومية التي يقوم بها البشر يندرج تحت فئة “أقل من الإنسان”.
- وهناك نهج مختلف تماما يقوم على قياس ذكاء الآلات من خلال اختبارات مستمدة من التعريفات الرياضية للذكاء . وقد بدأت أمثلة على هذا النوع من الاختبارات في أواخر تسعينيات القرن الماضى ؛ كاختبارات الذكاء باستخدام مفاهيم أندريه كولموغوروف مثل التعقيد والضغط ، كما قدم ماركوس هوتر تعريفات مماثلة لذكاء الآلات.
* تطبيقات الذكاء الاصطناعي :
– استخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح في مجموعة واسعة من المجالات من بينها النظم الخبيرة ، ومعالجة اللغات الطبيعية وتمييز الأصوات ، وتمييز وتحليل الصور وكذلك التشخيص الطبي ، وتداول الأسهم ، والتحكم الآلي ، والقانون ، والاكتشافات العلمية ، وألعاب الفيديو ، ولعب الأطفال ومحركات البحث على الإنترنت . وفى كثير من الأحيان ، عندما يتسع استخدام التقنية لا ينظر إليها بوصفها ذكاء اصطناعيا ، فتوصف أحيانا بأنها أثر الذكاء الاصطناعي . ومن الممكن أيضا دمجها في الحياة الاصطناعية .
* المسابقات والجوائز :
– هناك عدد من المسابقات والجوائز لتشجيع البحث في مجال الذكاء الاصطناعي . وتتمثل المجالات الرئيسية التي تم تعزيزها فى : الذكاء العام للآلة ، سلوك المحادثة ، تحليل البيانات ، السيارات المتحركة بدون سائق (السيارات ذاتية القيادة) ، والروبوت لكرة القدم.