آراء

قراءات في القانون الدولي الإنساني

بقلم السفير : أشرف عقل

Advertisement

القانون الدولي الإنساني هو مجموعة القواعد التي تهدف إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية ، ويحمي هذا القانون الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة أو بشكل فعال في الأعمال العدائية ، أو الذين كفوا عن المشاركة فيها مباشرة أو بشكل فعال ، كما أنه يفرض قيوداً على وسائل الحرب وأساليبها. ويُعرف القانون الدولي الإنساني أيضا بقانون الحرب أو قانون النزاعات المسلحة ، ويعد القانون الدولي الإنساني أحد فروع  القانون الدولي العام ، الذي يتألف بصفة رئيسية من عدد من المعاهدات ، والقانون الدولي العرفي ، فضلًا عن المبادئ العامة للقانون .

وينبغي التمييز بين القانون الدولي الإنساني ، الذي يحكم سلوك الأطراف المنخرطة في النزاعات المسلحة ، والقانون الدولي العام الذي يكرسه ميثاق الأمم المتحدة ، والذي ينظم مدى قانونية لجوء دولة إلى استخدام القوة المسلحة ضد دولة أخرى ، ويحظر الميثاق اللجوء إلى القوة ، ولكنه يتضمن استثناءين أولهما : حالات الدفاع عن النفس ضد هجوم مسلح ، والثانى : عندما يخول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة استخدام القوة المسلحة ، ولا يبحث القانون الدولي الإنساني في وجود أسباب مشروعة وراء انطلاق شرارة النزاع من عدمه ، وإنما يسعى بالأحرى إلى تنظيم سلوك أطراف النزاع فور اندلاعه .

Advertisement

خلفية :

عرف القانون الدولي الإنساني بالعديد من المسميات قبل أن تتمسك لجنة الصليب الأحمر الدولية بهذا المسمى ، حيث كان يعرف سابقاً بقانون الحرب ؛ إلا أنه بعد تحريم الحروب أصبح يطلق عليه مسميات أخرى مثل : القانون الدولي الإنساني ، وقانون النزاعات المسلحة ، وقانون جنيف وذلك نسبة لمعاهدات جنيف الأربعة .

تعريف اللجنة الدولية للصليب الأحمر :  تعرف اللجنة القانون الدولي الإنساني بأنه مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى معاهدات أو أعراف ، والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية ، والتي تحد ، لاعتبارات إنسانية ، من حق أطراف النزاع في اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب أو وسائل للقتال ، وتحمي الأشخاص والممتلكات.

الأمم المتحدة و القانون الدولي الإنساني

لما كان الاختصاص الأصيل والأهم للأمم المتحدة ، هو حفظ السلم والأمن الدوليين ، فإن للأجهزة التنفيذية في منظمة الأمم المتحدة دور هام في تطبيق القانون الدولي الإنساني ، وهذه الأجهزة الرئيسية للمنظمة وفقاً لنص المادة (7) فقرة (1) من الميثاق هي : الجمعية العامة ، مجلس الأمن ، المجلس الاقتصادى والاجتماعى ، مجلس الوصاية ، ومحكمة العدل الدولية . وقد نصت الفقرة (2) من المادة أعلاه على جواز إنشاء ما يلزم من أجهزة أخرى إن تطلب الأمر ذلك .

واستناداً على ماسبق ، ومع نهاية القرن العشرين ، تمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى صيغة مقبولة لنظام أساسى للمحكمة الجنائية الدولية لتسهم ، إلى جانب التدابير والآليات الأخرى على المستويين الدولي والداخلي ، في تلبية متطلبات الأمن الجماعي الدولي ككل ، ومكافحة الجريمة الدولية ، وحفظ استقرار الأمن الدولي .

وعلى الرغم من كثرة العهود والمواثيق الدولية ، الخاصة بقواعد القانون الدولي الإنساني ، فلا بد أن نوضح أن الأمم المتحدة لم تتمكن حتى الآن من وضع آليات فاعلة ونشيطة لحمل كل الدول على تنفيذ تعهداتها بموجب المواثيق الدولية ، أسوة بالعقوبات التي تفرضها القوانين الوطنية على المواطنين الذين ينتهكون القانون ، كما أن الاعتبارات السياسية كثيراً ما عطلت أو أعاقت عمل أجهزة الأمم المتحدة والمحاكم الدولية فى هذا الصدد.

مصادر القانون الدولي الإنساني :

تتمثل مصادر القانون الدولى الانسانى فى :

– المعاهدات :

يرتكز القانون الدولي الإنساني على عدد من المعاهدات ، ولا سيما اتفاقيات جنيف 1949م. وبروتوكولاتها الإضافية ، فضلا عن سلسلة من الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى التي تغطي جوانب معينة .

– القانون الدولي الإنساني العرفي :

يتألف القانون الدولي العرفي من قواعد مستمدة من ممارسات عامة مقبولة كقانون ، وهي مستقلة عن قانون المعاهدات .

– الأشخاص المحميون :

يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية لمجموعة واسعة من الأشخاص والممتلكات خلال النـزاعات المسلحة ، فاتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية تحمي المرضى والجرحى والمنكوبين في البحار الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية ، وأسرى الحرب ، والأشخاص المحتجزين الآخرين ، بالإضافة إلى المدنيين والأعيان المدنية .

– الأسلحة :

يتضمن القانون الدولي الإنساني مبادئ وقواعد أساسية تحكم اختيار الأسلحة وتحظر استعمال أسلحة معينة أو تقيدها ، وتضطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدور ريادي في التعريف بالقانون الذي ينظم استعمال أسلحة معينة ، وتطويره .

– العمليات العدائية :

ينظم القانون الدولي أساليب ووسائل القتال ، ويهدف القانون إلى تحقيق توازن بين العمل العسكري المشروع ، والهدف الإنساني المتمثل في : التخفيف من معاناة الناس ، وخاصة بين المدنيين .

الهدف الرئيس للقانون الدولي الإنساني :

يتمثل ذلك في الحفاظ على شيء من الإنسانية في النزاعات المسلحة ، وإنقاذ الأرواح ، والتخفيف من المعاناة . وحتى يتسنى القيام بذلك ، ينظم القانون الدولي الإنساني الكيفية التي تُخاض بها الحروب من خلال السعي إلى تحقيق توازن بين الهدفين التاليين :

–  إضعاف قدرات العدو .

–  الحد من معاناة السكان .

انتهاكات القانون الدولي الإنساني :

تزايد توجه المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية نحو وضع نظام قضائي دولي مكمل لنظام المحاكم الوطنية من أجل مقاضاة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ، وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ، ويقوم هذا النظام أساساً على نهج مزدوج : فهو من جهة يعول على إنشاء محاكم خاصة ، ومحاكم أخرى ذات طابع دولي تُقام في أعقاب النزاعات ؛ ويعتمد من جهة أخرى على المحكمة الجنائية الدولية التي أُنشئت منذ مدة ليست بالطويلة.

التحديات المعاصرة أمام القانون الدولي الإنساني :

يشكل المدنيون الضحايا الرئيسيين لانتهاكات القانون الدولي الإنساني التي ترتكب في النزاعات المسلحة المعاصرة ، وما فتئت طبيعة النزاعات المسلحة المعاصرة تفرض تحديات حيال القانون الدولي الإنساني في عدة مجالات مثل : استخدام التقنيات الحديثة ، وتصنيف النزاعات المسلحة ، وهناك حاجة لفهم تلك التحديات والاستجابة لها من أجل ضمان استمرار القانون الدولي الإنساني في توفير الحماية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى