قراءة في كتاب

“الإستشراق” إدوارد سعيد .. وكيف يرانا الغرب

كتاب “الإستشراق” واحداً من أبرز الكتب التي أثارت جدلاً في العالم ، بمجرد صدوره ، ونال الكثير من الاهتمام العالمي ، وتناوله الكثير من المستشرقين والمهتمين والمؤسسات الأكاديمية في العالم بالنقاش ، وتُرجم إلى أكثر من عشرين لغة ، وذلك بسبب التصور الذي قدمه “ادوارد سعيد” عن طرق تفكير الغرب في الشرق ، ووسائله لاستغلاله عبر الأزمنة.

Advertisement

وإدوارد سعيد كاتب فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية ، ولد عام 1935م في القدس ، وتوفى في العام 2003 عن عمر يناهز 67 عاما بعد أكثر من عشر سنوات من الصراع مع سرطان الدم ، تلقى تعليمه الأولي في مدينة القدس ، وترعرع في القاهرة ، والتحق بكلية فيكتوريا بالاسكندرية ، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، والتحق بجامعة كولومبيا ، درس اللغة الإنجليزية والأدب المقارن ، وبعد تخرجه عمل كأستاذ للأدب المقارن ، واتجه للكتابة من خلال نشر بعض المقالات في الصحف والمجلات الأمريكية.

صدر كتابه الاستشراق فى عام 1978 ، واعتبره “إدوارد سعيد”  الكتاب الأول في سلسلة من ثلاث كتب تتناول العلاقة بين العالمين الغربي والعربي ، والكتابين الآخرين هما “القضية الفلسطينية” ، وكتاب “تغطية الإسلام” ، ثم أتبعهم بكتاب “الثقافة والإمبريالية” ، الذي قال عنه في المقدمة إنه بمنزلة الجزء الثاني من  “الاستشراق”.

Advertisement

يتناول إدوارد سعيد في كتابه موضوع الاستشراق وخلفياته وكيف استطاعت الثقافة الغربية من خلاله أن تتدبر الشرق وحتى أن تنتجه سياسيًا واجتماعيًا وعسكريًا وعقائديًا وعلميًا وتخيليًا.

ومن جهة أخرى يتحدث إدوارد سعيد فى كتابه هذا عن الاستشراق الذى احتل مركز السيادة بحيث فرض قيوده على الفكر الشرقى وحتى على من يكتبون عن الشرق. وغاية حديثه هذا هو الوصول إلى كيفية حدوث كل ذلك ليكشف عنه وليظهر أن الثقافة الغربية اكتسبت المزيد من القوة والهوية بوضع نفسها موضع التضاد مع الشرق باعتباره ذاتاً بديلة.

الكتاب يحتوي على ثلاثة فصول رئيسية :

الأول “الاستشراق” : وتناول فيه مدى معرفة الغرب بالشرق ، تلك المعرفة الباهتة التى ألزمت الشرقى صفة الجاهل وغير عارف بمصالحه ، وأن الغربى أكثر دراية بها ، وكانت بدايته مع احتلال نابليون لمصر عام 1798 ، تلك الفترة التي تحول فيها الاستشراق من استشراق ناءٍ وتخيلي ، إلى استشراق مقيم ، تستمد نصوصُه قوتَها وتأثيرها من خلال إقامة المستشرق في الشرق ، واتصاله به وسيطرته عليه ، وأصبح الاستشراق مكتبة أو أرشيفا من المعلومات ، تتقاسم الإفادة منه فرنسا وبريطانيا فيسهل على هاتين القوتين إتقان التعامل مع الشرقيين وإدامة السيطرة عليهم.

الثانى “أبنية الاستشراق وإعادة بنائها” : ويركز فيه “إدوارد سعيد” على المراحل المبكرة لما يسميه بالاستشراق الحديث؛ فحتى القرن الثامن عشر استمر الاستشراق ينطلق من أسباب دينية في تحليل الشرق والحكم عليه. إلا أن عناصر جديدة طرأت بعد ذلك ، وهى التوسع والمجابهة التاريخية والتلبس المتعاطف والتنميط ، وكان من أثرها أنها أطلق الاستشراق من عقال التقصي الديني الضيق ، وأسلمته إلى مستشرقين حولوه إلى فرع من فروع المعرفة ، التي تنتمي إلى المعتقدات العلمانية وشبه الدينية للقرن الثامن عشر ، وقد مهد هؤلاء “المعسكر البريطاني الفرنسي” الطريق أمام انبعاث الاستشراق بشكله الحديث.

والثالث “الاستشراق الآن” : ويتحدث فيه عن الوريث الأمريكي ، وآلية الاستشراق المعاصر ، حيث يثبت سطحية الرؤية التي تنظر بها الولايات المتحدة إلى المنطقة؛ وهو ما يقودها إلى العديد من المواقف ، التي لا تفقدها مصداقيتها كبلد متقدم يدعو إلى حرية الشعوب فحسب ، بل يحولها إلى عدو مكروه بشدة من الشارع العربي.

كتاب “الاستشراق” له أكثر من ترجمة عربية ، الأولى للناقد كمال أبو ديب ، وصدرت عن “مؤسسة الأبحاث العربية” في بيروت 1980 ، بعنوان “الاستشراق – المعرفة ، السلطة ، الإنشاء” ، والثانية لأستاذ الأدب الإنجليزي الدكتور محمد العناني ، وصدرت عن دار رؤية بالقاهرة عام 2006 بعنوان “الاستشراق – المفاهيم الغربية عن الشرق” ، والثالثة للدكتور محمد عصفور أستاذ الأدب الإنجليزي بالجامعة الأردنية ، عن دار الآداب بيروت 2022.

الكتاب : الاستشراق ” Orientalism”

المؤلف : إدوارد سعيد

الناشر :

الحجم : 372 صفحة “24×17سم)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى