د. محمد الندابي

متخصص علم نفس اجتماع
آراء

أنتولوجيا قسائم اليانصيب

بقلم : د. محمد الندابي

Advertisement

يطيب لي أن أطرح بين أيديكم مقالي السابع من سلسلة مقالات “قضية الهو ومراحل تطور الأنا” ، كما أود أن ألفت الانتباه إلى عدم تفويت المواضيع السابقة وضرورة تتبع القراءة لأجل فهم محور هذه القضية وخطورتها على الجانب النفسي والمجتمعي ، ولأن المقالات ليست طويلة بحيث يستطيع القارئ الكريم التتبع بسهولة ويسر.

إن المقال السابق بعنوان المطبات العاطفية وأنتولوجيا التنوير والمقال الذي بين يديك الآن لأجل علاج قضية سيكلوجية بحتة ولأجل إستثارة كمية الادراك بأهمية السيطرة على المشاعر العاطفية التي غالباً ما يحاول الإنسان إخفائها أو التستر عليها ، وهنا تكمن خطورتها فالتستر على مثل تلك المشاعر يراكم تأثير الإصابة بأمراض نفسية ستتحول لاحقاً إلى أمراض عضوية فيما يعرف بالأمراض السايكوسوماتيكية ، وأن مجرد التعرف عليها يعد أحد علاجاتها.

Advertisement

ولكل مجتهد نصيب وما جهدنا إلا أن يحصل القارئ على الرؤية من زاوية جديدة ومنعطف آخر حول الداخل النفسي وكمية الصدامات وفوضى المعلومات لنتعرف على جانب مختلف من قضايا السلوك البشري وتأثيراته على مجريات الأحداث ومعرفة حلول جديدة غير تلك التي تعرض من خلال سكة الحياه الطبيعية ، وإنني أهدف هنا إلى استنهاض قدراتك الكامنة داخل ذلك الشئ الذي يتربع بين القفص الصدري لديك وهو أهم جزء في جسم الانسان ألا وهو القلب.

أجل عزيزي استنهض قدراتك الكامنة من خلال قلبك لأنه هو الملك الذي يصدر الأوامر فيتلقاها الدماغ لكي يقوم بتشغيل أجهزة الجسم الأخرى لتنفيذ رغباتك ، وفي هذا السياق يقول رب العالمين : ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذان يسمعون بها ) وقال تأكيداً لذلك جلت قدرته : ( فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) وهذا برهان أن العقل الذي تسقط من خلاله رغباتك وغرائزك وميولك وأحلامك وتطلعاتك إنما هو قلبك وما الدماغ إلا ذلك الوزير المخلص الذي بيده سلطة تنفيذ رغبات القلب ويفرض الدماغ سلطته على أجهزة الجسم الأخرى سواء الأجهزة الحسية والتي تعمل بشكل دينامايكي أو ميكانيكي وهي الأجهزة التي تتحكم بها إراديا مثل اليدين والرجلين والتحدث ، وكذلك الأجهزة اللاحسية مثل الخيال والتصور والشعور والاحساس والتوقع والفرضيات والحسابات كل ذلك يتم تشغيله بأمر من الدماغ الذي تلقى الأمر هذه اللحظة من القلب .

إقرأ هذا المقال بتمعن شديد:

(عندما كانت فاطمة تحمل رغيف الخبز لأبيها في الحقل المجاور للمنزل وجدت في طريقها قطعة من الذهب فأخذتها وعادت مسرعة للمنزل ، هذه المواضيع التي أكتبها عبارة عن اجتهاد مني حتى أوصل المعلومة إليك بالشكل المناسب ، والشكل الآخر هو اجتهاد الأستاذ / سامر شعلان مدير تحرير صحيفة هرمز نيوز الذي طلب مني الكتابة ، وقد اخترت مواضيع قضية الهو والأنا لأجل الطرح داخل أروقة الصحيفه ولن تجد هذه المقالات في مكان آخر ، وكان أخوها سعيد يراقبها من النافذة وعندما دخلت فاطمة للمنزل أخبرت أمها بما وجدت في طريقها فأمرت الأم سعيد بدلا من فاطمة أن يذهب برغيف الخبز إلى أبيه فورا ، فأصبح عبدالصمد حائرا في قراره ).

إقرأ حتى النهاية ..

إن نصيبي من هذا العمل أنني أوصلت لك رسالتي التي أرى أنها قضية مفيدة لي ولك ، وأن نصيب الأستاذ سامر شعلان أنه صاحب فكرة عرض هذه المواضيع ، ونصيب الصحيفة أنها البيت الذي فتح لنا الباب لتناول هذه المواضيع ، ونصيبك أنت الاستفادة قدر الممكن ، أما نصيب فاطمة أنها حصلت على الذهب من غير الدخول في اليانصيب ونصيب أخوها أنه هو من ذهب برغيف الخبز لأبيه بدلا من فاطمة ولكن أين نصيب عبد الصمد ؟

وهنا يكمن محور الحديث حول موضوع أنتولوجيا قسائم اليانصيب ، ما هو نصيب عبد الصمد ؟

لقد أثار هذا الأمر ضجة هائلة في دوائر الإعلام واهتماما كبيراً عند المحللين والمتخصصين ، نعم ايها القارئ الكريم إن هذه الضجة تم إرسالها فورا إلى خيالك الكبير عمداً لتتناقلها الأجهزة المعلوماتية بداخلك حتى يقوم المتخصصون البيولوجيون في عالمك الداخلي والموكل إليهم البحث عن المبررات التي أدت إلى خلط المعلومات وما هو النصيب الذي يستحقه عبدالصمد .

لقد كان المغزى هو إثارة حفيظة اهتمامك عندما طرحت بين يديك حديثاً مبعثراً محاولا إجبارك على قراءته وقد لاحظت حتما أن هناك تشتت في الموضوع وما هو دور فاطمة وأخيها مع رغيف الخبز ، وأين نصيب عبدالصمد ، إن هذه الفوضى قد أحدثت نوعاً من تشتت لا بد أنها أثارت فضولك إن لم تكن قررت التوقف عن القراءة بسببها ، حسنا لقد كان ذلك محاولة إثارة لعصف ذهنك ، لقد تسببت في شد فضولك نحو إدخال معلومات في اتجاهات متفرقة أو في غير ذات الصلة وحتى تكتشف نوع جديد من فلسفة التضاد في العزف على إيقاع مقياس ضبط المزاج لديك ما بين الشد و الجذب.

وأنه لن تكتمل لديك الصورة النهائية والتي أهدف إلى إيصالها عبر هذه المقالات إلا عندما تعانق أهم المؤثرات وتتذوق مواقف التحكم في العواطف ودرجة الاحساس والتأثر بالشعور اللامنطقي بهدف الوصول إلى إخراج نهائي لهذه القضية.

إن العصف الذهني  في قضية أنتلوجيا قسائم اليانصيب تظهر لك مقدار الانفعالات التي يتوقعها الانسان عندما يدخل لعبة حظ تكون نتيجتها فوز كبير مقابل خسارة بسيطة إن لم تفز.

إنه ومن الطبيعي وليس عليك بأس أن توقف القراءة أو أن تغلق الموضوع إذا كان أساس حديثنا يصب حول القصص والروايات ولكن ليس من الطبيعي أن تغلق الموضوع وتوقف القراءة إذا كنت مقتنع من تتبع للمقالات والحصول على الأهداف المرجوة منها والسؤال هنا : ما هو الخيال الذي رسمته أثناء قراءتك للموضوع وكم كانت نسبة السلبيات التي تصورتها ؟ و كيف أثرت عليك تلك السلبيات عاطفياً ؟ وما مقدار حسن الظن الذي يدفعك لتكملة القراءة ؟ هل راودك شعور لإنهاء القراءة أو غلق الموضوع فعلاً ؟

في حال أنك مررت بأحد أو بعض أو كل تلك الأحاسيس فباستطاعتك أن تعطي لنفسك التقييم الفلسفي النفسي بماهية الشعور لديك وأين الاشكالية وكيفية كسر وتحطيم أو تفكيك بعض قيود الأنا الغريزية انطلاقاً إلى الحرية وأنتلوجيا السعادة الداخلية من خلال:

1.هل كنت دينمايكيا في تحليلك و تصوراتك واستمرارك في القراءة وتقبلك للموضوع رغم خروج الحديث عن المسار المنطقي ؟ نعم ؟ إذا فقد حطمت قيداً من قيود الأنا الغريزية واكتسبت عامل أنتلوجي رائع.

2.هل كنت استاتيكيا يعني هل شعرت بنفور وانزعاج وراودتك رغبة في غلق الموضوع ؟ أجل ؟ إذا يجب عليك في المرة القادمة أن تكسر شعور ضغط الأنا حيث كان من المفترض أن تكمل القراءة حتى تصل إلى آخر استناج لتصديق قناعاتك وتأكيدها.

3.ما هو أشد ما أزعجك في هذا الموضوع ؟ حدد أشد ما أزعجك وحاول كسر ذلك الشعور حاول أكثر وأكثر حتى تشعر بالراحة الداخلية لأن ما أزعجك مطلوب أن يزعجك عمداً ، أكيد شعرت الآن بنوع من الراحة.

إن هذه الطريقة في خلخلة المشاعر النفسية تزيد من صبرك في تقبل أشكال و أنواع الأحداث التي تصادفك كل يوم والتي حتما لا تسير حسب مزاجك وتصوراتك أو ميولك ما يزيد في حكمة عقلك المتزن بالنضج رشيداً متحكماً بمشاعرك وحكيما في قراراتك.

إن قسيمة اليانصيب التي اكتسبتها من هذا الموضوع هي نسبة الايجابية التي تمتعت بها أو حصلت عليها و بالتالي أخرجت نفسك إلى أنتلوجيا العالم المتطور لتتهيأ لك ظروف أكثر فاعلية لوضع بصمتك المميزة في هذا العالم الكبير ، إذا فأنت هو عبد الصمد ، تابع معي هذه السلسله من المقالات وإلى حديث آخر بإذن الله تعالى.

د.محمد بن صالح بن علي الندابي

متخصص علم نفس اجتماع

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى