آراء

الرياض .. طهران .. لتبقى الأيادي مُمتدة

بقلم : وافي الجرادي

Advertisement

مما لاشك فيه أن كل من المملكة العربية السعودية ، والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، تتميزان بموقع جغرافي مهم للغاية ، وللرياض وطهران القدرة على التأثير على محيطهما الإقليمي والعالمي ، لذا تضع القوى العظمى حساباتها وأطماعها للنيل منهما ، وابقاءهما مختلفين ومشتتين ، ولهذا رأينا تصريحات معادية لمسؤولين اسرائيلين تجاه الحوارات السعودية الايرانية في بغداد خلال المرحلة الحالية  ، كما وأصدرت مراكز الدراسات والأبحاث الصهيونية تقارير وتحليلات ، تؤكد بأن أي تفاهم سعودي ايراني سيؤثر سلباً على دولة الكيان الصهيوني ، ومواقفها وخططها المستقبلية ، كما سيشكل أي اتفاق بينهما مصدر خطر وتهديد رئيسي للكيان الصهيوني ، الذي يحاول أن يستثمر الخلافات بين الرياض وطهران في إبراز نفسه كحامي ومدافع عن الدول العربية من المخاطر الايرانية ، وأن لابد من مواجهة ايران وعبر تشكيل ناتو عربي بقيادة الكيان.

وكما أسلفت في حديثي فإن الموقع المهم للملكة وإيران ، وأنهما يشكلان الدولتان المحوريتان في المنطقة ، والاتفاق بينهما ، واعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية بينهما ، سيخدمان في الأساس الشعبين السعودي والإيراني ، فضلاً عن توفير عشرات المليارات الدولارات التي تعود عليهما بفوائد اقتصادية جمة ، فلو أحسن الطرفان لبعضهما ، وعملا على شراكات اقتصادية وتجارية لشكلا القوتين الاقتصاديتين الأكبر في المنطقة.

Advertisement

ومن هنا يمكن أن نقول إن أي تفاهمات بين الجانبين ستقود لتعزيز اقتصاد البلدين ونقل الخبرات والكفاءات بينهما ، وستستفيد الرياض في تحقيق تقدم صناعي في المجال العسكري وتطوير ترسانتها العسكرية بدلاً من انفاق عشرات المليارات في شراء صفقات الأسلحة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ، وكذلك من الممكن أن تستثمر المملكة ايران زراعياً وصناعياً لمئات الشركات السعودية وتحقيق عائدات مالية ضخمة ،  كما أنها وبحكم ما تملكه إيران من ثروة بشرية ضخمة يمكن الاستفادة منها في جعلها سوقاً رائجاً للمنتجات والسلع المختلفة.

الجدير بالذكر أنه قبل عام ونصف تبنت بغداد مبادرة للتقريب بين الرياض وطهران وعلى ضوءها حصلت لقاءات عدة بين الجانبين السعودي والايراني ، وشكلت هذه اللقاءات مصدر لارتياح وامتنان الكثيرين في عالمنا العربي والاسلامي ، وتحديداً لمن يدركون بأن صراعات وخلافات المنطقة ، لا يمكن وأدها وانهاءها إلا من خلال التفاهمات بين الطرفين.

ويقرأ العرب وتحديداً في سوريا والعراق واليمن ولبنان ما يجري في بلدانهم من صراعات وأزمات جمه ، الى جانب تردئ الأوضاع المعيشية والانسانية  ، وبالتالي فهم بأمسّ الحاجة لوقف كل هذه المعاناه والعيش بكرامة ، وأمن ورخاء ، ولتحقيق ذلك فهم ينشدون أن تسهم الدولتان في دعم عمليات الاستقرار والتنمية بدلاً من اهدارهما.

ومن المهم الاشارة بأن على الرياض وطهران المضي صوب التهدئه الاعلامية كأساس مهم يمكن الاعتماد عليه للوصول الى تفاهمات ، وأن يستخدم الطرفان لغة دبلوماسية قائمة على مبادئ حسن الجوار ، وأن تتعاطى الدولتان بمسؤولية أخلاقية بعيداً عن التصريحات النارية هنا وهناك ، وأن يعملان جنباً الى جنب ، صوب تجنيب المنطقة الكثير من المخاطر ، وأن يدركا بأن من يمنح الكيان الصهيوني الحق في انتهاك الاراضي الفلسطينية والسورية والعراقية ، ومضاعفة جرائمه هي الخلافات البينية ، وما هرولة بعض الأنظمة للتطبيع معه ، إلا نتاج خلافات الرياض مع طهران وتصاعد أعمال العنف والإقتتال الطائفي بين القوى والمكونات في العراق وسوريا واليمن.

وفي هذا الطور يجب على الرياض وطهران ، أن يتفقا سوياً انطلاقاً من مبادئ حسن الجوار ، وأن يلعبا دوراً حاسماً في التخفيف من الصراعات الطائفية والمذهبية الدخيلة على أمتنا ، وأن ينظرا لإستمرار الحروب والصراعات ، من منظور أنها تخدم أعداء الأمة الاسلامية ، وتشتت أواصر الأخوة والتماسك بين الشعوب ، وتجعل من الدول مطية لتدخلات قوى غربية ذات طابع استعماري تاريخي بغيض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى