” حكايات المحطات ” العُمانية تحصد الجوائز في مهرجان المسرح لشباب الجنوب في مصر

كتب : علي باقر

تزداد فرحتي و أنا أتتبع الأنشطة الإبداعية الشبابية الفنية في بلدان خليجنا العربي ، و أتحمس اغتباطاً عندما يتألق الشباب الخليجي في المحافل العربية والعالمية وأجد أمام نظري أن هذا التألق و الفوز لا يأتي من فراغ و إنّما هناك من ورائهم خبرات يافعة تؤمن بالثقافة ونشر الفنون والدفع بها في معترك المسابقات الإبداعية في شتى المهرجانات سواء كانت تلك المنافسات الإبداعية الفنية داخلية أو خارجية ليتنافسوا مع المتنافسين من أجل أن يكتسبوا الخبرات ويلموا بالمعارف التَّطويرية ويبنوا شخصياتهم.

هذا الدَّفع المستمر للشباب سيحقق نهضة ثقافية تسمو ببلدانهم نحو الصدارة والنجومية والتألق. وكم شاهدت وتابعت فرقاً مسرحية عُمانية على سبيل المثال .. فرقة الدن للثقافة والفن المسرحية ومهرجانهم المسرحي ، و فرقة مزون المسرحية وفرقة صلالة المسرحية وفرقة الرستاق المسرحية ومهرجانهم المسرحي العربي الكوميدي وفرقة الصحوة وفرق أخرى يطول البَّحث فيها .. وأجد فنانيها يخوضوا ميادين الإبداع في بلدهم سلطنة عُمان ، أجدهم يشاركون ويتنافسون ويحققون الصدارة والجوائز لفرقهم المسرحية أوأنديتهم ، كما يشاركون في مهرجانات عربية ودولية تضم نخباً من ذوي الخبرات ويعودوا لوطنهم بالجوائز.. لذا أرى أن هناك ثمة معادلة أشبه بمعادلات “رياضية” ، وهي كلما أتحنا الفرص للشَّباب وآمنا بالثقافة والفنون وزدنا في دعم الشباب وحُسنِ توجيههم تنامت ثقافاتهم فأحسنوا اختيارهم للنصوص والمخرجين الواعين ذوي الرؤى القادرين على التحليل وكذلك الممثلين المبدعين بتشخيصهم لأدوارهم ، فيقل عندهم التعثر والهفوات ونرى عروضهم ترتقي بجودتها ، وهنا أدرك تماماً أنَّ نصيبهم الفوز والتألق.

تابعتُ المهرجان الدولي لشباب الجنوب بجمهورية مصر العربية في دورته السابعة الذي أقيم في محافظة قِنا من 7 إلى 12 مارس 2023  برئاسة الفنان الناقد المسرحي هيثم الهواري رئيس اتحاد المسرحيين الأفارقة تحت رعاية كريمة من وزارة الثَّقافة ووزارة الشباب و الرياضة ومحافظة قنا ” الهيئة العامة لقصور الثقافة ” ، وقد افتتح المهرجان اللواء أشرف الداودي محافظ محافظة قِنا المصرية بمشاركة أربع عشرة دولة تتنافس على جوائز المهرجان وهم : مصر بثلاثة عروض وتونس والعراق وسلطنة عُمان وفلسطين وفرنسا وبولندا وأسبانيا ، كما قُدِمت عروض موازية في المهرجان لكل من : مصر بأحد عشرعرضا موازيا وفعاليات في المقاهي وعروض مسرحية موازية لفلسطين والجزائر وألمانيا وكندا والسويد وكوردستان والسودان ، كما اشتمل هذا المهرجان الدَّسم بعروضه المسرحية على الورش الفنية والندوات الفكرية أو البرامج السياحية للوفود ضيوف المهرجان.

لفت انتباهي أن دولة خليجية واحدة ” سلطنة عُمان ” هي المشاركة في هذا المهرجان مع دول عربية و عالمية فحاولت الاتصال بالصديق الفنان الرائع أحمد السَّابعي فنان الصوت و التأثيرات الموسيقية المتواجد مع فرقة الأمجاد العُمانية في جمهورية مصر العربية ، و كنت شغوفاً للمحادثة مع صديقي المخرج والمؤلف الفنان أحمد الشِّبلي لأستقي منه بعض المعلومات عن العرض المسرحي العُماني “حكايات المحطات” المشارك في المهرجان فلم أتمكن لانشغاله في تلك الفترة بالتَّدريبات استعداداً للعرض.

وكانت الفرحة كبيرة عندما هاتفني الفنان أحمد السابعي وأكد لي : أن مسرحية الديودراما العُمانية “حكايات المحطات” أبهرت الجمهور المصري والمتذوقين للفن المسرحي وضيوف المهرجان ، وقال : كنا سعداء جداً بالعرض المسرحي الاحترافي بكل المقايس وكنا نأمل أن تكون معنا لترى بنفسك كيف كان أداء بطلي العرض العُماني وهما يشخصان شخصيتهما على خشبة المسرح وجمهور كبير يشاهد العرض ؟ وأردف مغموراً بالفرحة  قائلاً : وما أن انتهت المسرحية حتى وقف الجمهور بالتصفيق تحية لبطلي العرض المسرحي الديودرامي واقتحم خشبة المسرح متهللا بالسعادة والرضا و أوضح الفنان السابعي :  كنا مغتبطين جدأ بالمستوى الفنِّي الرائع الذي أبهج الجمهور .. ولكن كم كنا نأمل أن تقدَّم ورقة تقييمة لعرضنا المسرحي الذي حافظنا على إيقاعه لنستدل من خلالها على الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية باستدلالاتها وكذلك الجوانب التي تحتاج إلى التطوير لنتبصَّر من أجل تطويره في المستقبل.. إننا ندرك أن المهرجان دسمٌ جداً بما يحتوي من عروض مسرحية وفيه ورش وندوات ووقت المهرجان قصير حيث يحتوي على أحدَ عشرَ عرضاً مسرحياً متنافساً على جوائز المهرجان ،  وعلى ثمانية عشر عرضا موازياً في المهرجان ومعاداً في مناطق أخرى داخل محافظة قِنا ، ما يؤكد أن هذا المهرجان دسم جداً بعروضه يستحق أن نتقدم بالثَّناء و الشكر و التَّقدير للفنان النَّاقد المسرحي هيثم الهواري وكل الأخوة الأعزاء الفنانين المنظمين لهذا المهرجان على جهدهم الكبير المبذول لنجاح هذه التظاهرة الفنية التي جمعت المبدعين في مسرح محافظة قِنا المصرية من الوطن العربي ودول العالم.

وعن جوائز المهرجان ونصيب فرقة الأمجاد المسرحية بمسرحيتها “حكاية المحطات” قال : حصدنا خمس جوائز : جائزة ثاني أفضل عرض متكامل وجائزة أفضل نص مسرحي للمؤلف الفنان أحمد الشبلي والجائزة الثانية في الإخراج للفنان المخرج أحمد الشِّبلي وجائزة أفضل ممثلة دور ثان للفنانة أسماء العوفية وجائزة أفضل ممثل دور أول للفنَّان عبد الله الشبلي.

وحول وفد فرقة الأمجاد المسرحية العُمانية التي تشارك في المهرجان يضمُّ نخبة من الفنانين منهم : الفنان سيف المؤمن المشرف العام للفرقة والفنان المؤلف والمخرج أحمد الشبلي ومن بطولة الفنان عبد الله الشبلي والفنانة أسماء العوفية ، ولسينوغرافيا الفنان يوسف البريكي والصوتيات الفنان أحمد السابعي والديكور والأزياء المسرحية لفريق العمل أما المكياج للفنانة عزيزة البلوشية.

وعن الكلمة التي قدمها الفنان المؤلف والمخرج أحمد الشبلي في الكتيب لجمهور قال السابعي : تتمحور الكلمة في بساطة مفرداتها وتلخيصها لمحتوى المسرحية وهدفها فقد ذكر المؤلف المخرج أحمد الشبلي أن الحياة رحلة حافلة بمحطات كثيرة و متنوعة ، علينا ألَّا نطيل الوقوف عند محطاتها البائسة ، علينا أن نتعلم منها ونمضي ، وحينما سنجد محطات تأسرنا بجمالها ، تستحق منا أن نتوقف لنقضي فيها وقتاً أطول .. الحياة تقذف فرصاً في طريق البشر.. وكل إنسان نهيئ له فرصة من محطة من المحطات .. لذا عليه ألايتيح المجال لليأس .. ففرصته لاشك أنها في محطة أخرى وعليه أن يغتنمها .. وحتما سيصل.

ومن خلال بحثي المتواصل عن فرقة الأمجاد المسرحية العمانية التي نقشت اسم وطنها سلطنة عُمان في المهرجان الدولي لشباب الجنوب بجمهورية مصر العربية بعرضها المسرحي “محطة حكايات” وجدت أنها أشهرت تحت مظلة وزارة الثَّقافة والرياضة والشباب في 2003 بنادي مجيس العُماني وتتكون من رئيس و أعضاء من مختلف شمال الباطنة ممكن يتصفون بالخبرات الفنية وقد حازت الفرقة على مراكز متقدمة في سلطنة عُمان وفي بعض بلدان الوطن العربي منها المملكة المغربية والمركز الثاني والثالث على مستوى السلطنة ، كما حققت المركز الأول على مستوى شمال الباطنة ، وقد فازت مرة واحدة على محافظة مسندم ، كما فازت مرة أيضاً محافظة جنوب الشرقية.

وتنتمي فرقة الأمجاد المسرحية لنادي مجيس الذي تأسس في عام 1797وهو أحد الأندية الرياضية لكرة القدم في سلطنة عُمان ويقع مقره الرسمي في مدينة مجيس وهي إحدى مدن منطقة الباطنة في الجانب الشمالي لولاية صُحار على بُعْد حوالي 250 كيلومتر مسقط العاصمة العُمانية. نادي مجيس الرياضي خصب في نشاطه الثقافي أيضاً ، فقد أقام عدَّة مسابقات في الشِّعر الشَّعبي والإنشاد والفنون الموسيقية والتَّعليق الرياضي ومسابقات ثقافية خاصة للفتيات العُمانيات تشمل الفئتين من ( 10إلى 16 ) سنة و إخرى من ( 17 إلى 30 ) سنة.

وبهذا الإنجاز المسرحي العُماني المشرِّف في المحافل الدُّولية أهنئ فرقة الأمجاد المسرحية على ثباتهم وتعاونهم وتطلعهم لتقديم عرض محطاتها التي تعرف الإنسان بقضاياه وحكاياته التي يئنُّ منها جَلَدُ الإنسان رغم  صبره وكفاحه من أجل حياة أفضل شكراً لكم ولمجلس إدارتكم ولمجلس إدارة نادي مجيس الثقافي والرياضي الذي هيَّأ أرضية فكرية وثقافية وفنون موازية لتنمية الأجسام وبنائها رياضياً وهنيئاً لمسئولي وزارة الثقافة والشَّباب العُمانية على دعم الشباب العُماني ببرامج مثرية في الثقافة والمسرح والفنون وتحفيزهم في مسابقات داخلية ومهرجانات وورش تصقلهم فنياً ليكتسبوا مهارات تطويرية وخبرات فنِية لينطلقوا بفنهم ويحققوا الإنجازات لهم ولوطنهم سلطنة عُمان ، كما أهنئ أصدقائي الفنَّانين السَّينمائيين والمسرحيين وعلى رأسهم الفنان الدكتور حميد العامري رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للسينما والمسرح وكافة أعضاء الجمعية العُمانية على الإنجاز العُماني الذي قدَّمه شباب فرقة الأمجاد المسرحية في المهرجان الدُّولي لمسرح شباب الجنوب بمحافظة قِنَا مصرية باستحقاق وحصدوا خمس جوائز ثمينة تتوجهم وتسهم في نهضة وطنهم الشقيق سلطنة عُمان.