آراء

العلاقات العُمانية المصرية .. علاقات دبلوماسية مبنية على الاحترام المتبادل

بقلم : سعيد الشعيلي

Advertisement

تقوم الدبلوماسية في عصرنا الحاضر بدور مميز وهام في نطاق العلاقات بين الدول وبعضها البعض ، ويقع على عاتقها معالجة كافة الأمور ، وعن طريقها يمكن التوفيق بين المصالح المتعارضة ووجهات النظر المتباينة ، ومن هنا يمكن تعريف الدبلوماسية بأنها فن تمثيل الحكومة ومصالح البلاد في الخارج  ، وادارة الشؤون الدولية وتولي ومتابعة المفاوضات السياسية ، فالدبلوماسية إذاً علم وفن في ذات الوقت كما يقول في ذلك فوديريه : “أن الدبلوماسية علم يجب تعلم قواعده ، وهي فن يتعين الوقوف على أسراره”.

والمتابع الأمين للعلاقات العُمانية المصرية في الوقت الراهن وماتشهده من تطور في شتى المجالات من السهل أن يبرهن على صدق هذه المقولة ، حيث يجد التنسيق الكامل بين البلدين الشقيقين في كافة الملفات الإقليمية والدولية ، والتشاور  الدائم فيما بينهما في جميع المحافل (الجامعة العربية ، منظمة المؤتمر  الإسلامي ، الأمم المتحدة ، وغيرها) ، حيث تتفق رؤية صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – مع فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصدي للمشكلات الإقليمية والدولية.

Advertisement

كما أن تبادل الزيارات بين الطرفين على كافة المستويات تعضد من تلك الرؤى ، منها زيارتين للرئيس عبد الفتاح السيسي لسلطنة عُمان ، الأولى كانت في 4 فبراير 2018 إلتقى خلالها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – ، والثانية كانت في 27 يونيو 2022 إلتقى خلالها  بجلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه –  ، هذا بخلاف اللقاء الذي تم خلال قمة أبو ظبي السداسية في 18 يناير الماضي ، وأخيراً زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – إلى القاهرة بتاريخ 21 مايو 2023 كل هذه اللقاءات بين قيادة البلدين ولقاءات أخرى على مستوى الوزراء والسفراء والمندوبين ترسخ لمستقبل العلاقات العُمانية المصرية في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والإعلامية.

في كل الأحوال تؤكد صفحات التاريخ ، أن الشراكة التي جمعت بين عُمان ومصر لم تقتصر يوماً على التنسيق السياسي والتبادل التجاري والثقافي ، بل كانت دائما شراكة في القيم وبناء الحضارة الإنسانية ، ولعل تلك الفلسفة هي الأساس اليوم  في توجهات البلدين الشقيقين للعمل على بناء عالم خال من كل أنواع النزاعات والخلافات ، وأن الحلول الدبلوماسية هى الوسيلة الوحيدة لحل أي صراع ينشأ في أي منطقة من مناطق العالم المختلفة.

ومن يطالع بدايات عصر النهضة يتأكد له أن العلاقات العُمانية المصرية علاقات تستند إلى الاحترام المتبادل والمصير المشترك  ، حيث كانت مصر من أوائل الدول الداعمة لسلطنة عُمان وتوجهها نحو الإستقلال ، وكانت من أوئل الدول التي إعترفت بإستقلال سلطنة عُمان عام 1972. وعلى الجانب الآخر كان لمسقط موقف واضح من توقيع مصر لإتفاقية كامب ديفيد عام 1978 حيث رفضت قطع علاقاتها مع القاهرة ، والجميع يتذكر المقولة الشهيرة للسلطان قابوس – طيب الله ثراه – : “إن مصر لا تقاطع ولا تعزل ولا تموت بسبب موقفها”.

واليوم وتأسيساً على قوة هذه الروابط واتفاق الرؤى والثوابت المشتركة ، يرى الجانبان ضرورة زيادة التعاون في المجال الإقتصادي ، بما يتماشى مع مستوى العلاقات التاريخية ، خاصة أن هناك حراك اقتصادي بالبلدين في مجالات متعددة مثل الطاقة المتجددة والصناعة والأمن الغذائي والتعدين والصناعات التحويلية والنقل والأمن والصناعات الدوائية. وفقاً لرؤيتي “عُمان 2040″ و”مصر 2030” ، وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية شهد في عام 2022م ارتفاعا بلغ ما يقارب 393 مليونا و628 ألف ريال عُماني مقارنة بـ217 مليونا و742 ألف ريال عُماني في عام 2021.

وسجلت قيمة الصادرات العُمانية إلى مصر ارتفاعا من 157 مليونا و515 ألف ريال عُماني في عام 2021 إلى 298 مليونا و77 ألف ريال عُماني في عام 2022م ، في حين بلغت قيمة الواردات العُمانية في مصر 95 مليونا و551 ألف ريال عُماني في عام 2022 مقارنة بـ60 مليونا و227 ألف ريال عُماني في عام 2021.

كل ماسبق يؤكد أن العلاقات العُمانية المصرية ينتظرها مستقبل واعد وآفاق غير مسبوقة من التعاون والشراكة بما يعود بالخير والنفع على البلدين والشعبين الشقيقين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى