حوارات

د. إيهاب أبو الشامات : المرأة السورية في ظل الحرب تغير دورها “من نون النسوة إلى نون القوة”

في لقاء مثمر مع رجل الأعمال السوري د/ إيهاب أبو الشامات حول مكانة المرأة السورية اليوم في صناعة القرار وحل الأزمات الراهنة وتيسير العقبات التي قد تعترض سبيل إعادة بناء وتنمية المجتمع السوري.

Advertisement

صرح الدكتور إيهاب ابو الشامات قائلا ” إن المرأة هي الوتد في الأسرة وفي المجتمع ولم تكن المرأة السورية خلال السنوات العشر الماضية كباقي نساء العالم ، فقد شاركت في التضحيات التي بذلت منذ بداية المؤامرة على بلدنا الحبيب فكانت الأم والزوجة والأخت للشهيد، وفي كثير من الأحيان كانت الشهيدة أيضاً ولا زلنا نرى لغاية يومنا هذا أمهات عظيمات يستشهد أبناؤهن من جنود وضباط في الجيش العربي السوري في حربهم ضد الإرهاب وهن يتحملن آلام الفراق صابرات محتسبات.

لقد شكلت المرأة السورية خلال هذه السنوات مفصلاً مهماً من مفاصل الحياة، فقد تحملت مسؤولية كبيرة في انقاذ الوطن في أشد الأزمات التي مرت على وطننا وعندما احتاجتها سوريا لأن تقف أمام محاولات تدميرها وتطبيق الأفكار المتطرفة الغريبة على مجتمعها والتي تريد أن تعيدها إلى حكم الجاهلية، وقفت جنباً إلى جنب مع الرجل في المعامل والمؤسسات ، ونجحت وتفوقت وتبوأت مراكز استثنائية لم تستطع الكثيرات من نساء العالم الوصول إلى تلك المراكز في بلادهن أيام الحرب والسلم.

Advertisement

واستأنف حديثه ” وهذا ليس بالأمر الغريب على المرأة السورية  فقد حصلت المرأة السورية قبل معظم النساء العربيات ومعظم نساء العالم الثالث على حق الاقتراع والترشح لمجلس الشعب ومجالس الإدارة المحلية من دون قيد أو شرط ، كما دخلت السلك الدبلوماسي منذ العام 1953 وكان لها دور فاعل فيه ، أما بالنسبة للقضاء فإن قانون السلطة القضائية الصادر في سورية عام 1961 قد ساوى بين النساء والرجال ، وأعطى للمرأة حق تولي القضاء مثلها مثل الرجال، وتخضع للشروط نفسها في التعيين والترقية والتعويض وكل الحقوق والواجبات ، فواقع المرأة السورية والمكانة المجتمعية التي حظيت بها طيلة العقود الماضية خير شاهد على ما حقّقته سورية من تقدم في مجال تدعيم مكانة المرأة ضمن القوانين والأنظمة والتشريعات”.

واستطرد أبو الشامات “وفي مجال التنمية، أولت القيادة السياسية المرأة في بلادنا كل الرعاية والعناية والاهتمام، لتتبوأ بذلك مكانة مهمة تمّ استثمارها في خدمة التنمية وتقدم المجتمع بعد أن أثبتت جدارتها في تناول مختلف القضايا بأسلوب علمي، وفي التعامل المبدع مع تقانة العصر، وهي تدرك أنها ركيزة أساسية في التنمية والديمقراطية، لا بل هي القلب والجوهر في حركة التنمية الشاملة والمستدامة”.

وهذا ما أكده السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد في خطاب القسم بالقول: (المرأة هي التي تنشئ وتربي الرجال والنساء وتهيئهم للمشاركة في بناء وطنهم، وهي التي تسهم في مختلف مواقع العمل في التنمية والتقدم، وهنا يتطلب أن نهيئ لها البيئة الملائمة لكي تكون أكثر فعالية في المجتمع وبالتالي أكثر قدرة على أداء دورها في التنمية).

و أضاف الدكتور ايهاب أبو الشامات “وعلى نهج سيادة الرئيس الأسد تسير أيضا وبكل قوة وثقة ومعرفة سيدة سورية الأولى السيدة أسماء الأسد التي جعلت من تمكين المرأة السورية القضية الأساسية والهدف الاسمى التي تسعى إليه لإحداث نقلة نوعية للمرأة السورية لتواكب واقع المجتمع وفق المتغيرات الاقتصادية والسياسية الحالية والتي ترتب عنها تحديات مستجدة وكثيرة تتطلب استجابة مجتمعية سريعة فقد قامت باطلاق العديد من البرامج والمشاريع لتدعيم الجهود وتفعيل دور المرأة السورية في المجتمع اضافة الى مشاركتها ومتابعتها الشخصية في العديد من المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتى تعنى بالاسرة السورية ولا ننسى مشاركتها الفعالة في مؤتمر الأول لمنظمة المرأة العربية ودورها الكبير في وضع استرتيجية تمكين المرأة العربية.

وأضاف أبو الشامات اسمحوا لي أن أقتبس  من حديث السيدة أسماء الأسد أثناء زيارتها لسوق منتجات سوريات الذي أقيم هذا العام في دمشق بمناسبة يوم المرأة العالمي لكي نتأكد من رؤية الصحيحة التي تنطلق منها وهي وضع برامج واليات  لتمكين المرأة السورية وفق المتغيرات الاقتصادية والسياسية الحالية

” أنا أفتخر بأن أكون بينكن اليوم، نحن نمر بظروف صعبة وقاسية علينا وعلى كل العالم كما تتابعون، وهذه الظروف أثرت على كل جانب من جوانب حياتنا الإنسانية، وأصابت كل القطاعات وكل المجالات، ولا يوجد قطاع تأثر بهذه الظروف أكثر من قطاع الأعمال الذي نعرف جميعاً درجة حساسيته لأي هزة، لأي اضطراب ولأي تغيير يصيب محيطه، فكيف إذا كان هذا المحيط يتعرض ليس فقط لهزات وانما لزلازل، وهذه الزلازل بدأت بالحرب على سورية، وامتدت لتصيب كل العالم وانعكست أضرارها على الجميع.

وأكدت أنه إذا كنا بحاجة لإرادة وصمود عالٍ لكي نستطيع أن نتجاوز كل هذه التحديات الصعبة التي تمس كل القطاعات وكل المجالات، فبكل تأكيد في قطاع الإنتاج تحديداً نحن بحاجة لهذه الإرادة والصمود أكثر ليس فقط بسبب حساسية هذا القطاع كما ذكرت، وإنما الإنتاج هو الوسيلة الوحيدة لكثير من الدول والمجتمعات كي تستطيع تطوير نفسها في الظروف الطبيعية وكي تستطيع أن تحافظ على الحد الأدنى الضروري والطبيعي في الظروف الاستثنائية.

وأضافت: قد يقول البعض إن هذا الكلام كلام عام جميل ولكننا بحاجة إلى شيء ملموس. عندما نريد أن نرى شيئاً ملموساً علينا أن نستفيد ونطّلع على تجارب دول أخرى أصابتها الحروب وحدث فيها دمار أكبر بكثير من الدمار الذي حدث لدينا في سورية، ورغم ذلك فإن هذه الدول استطاعت أن تعود لتبني نفسها وتنهض بمجتمعها، هناك تجارب لدول أصابها انهيار اقتصادي كامل وأيضاً استطاعت أن تعيد تشغيل المعامل وإنتاج صناعات وطنية وحققت نهضة اقتصادية والأمثلة موجودة.

وقالت السيدة أسماء الأسد: من المؤكد أن السؤال الذي يدور في بال الجميع هو كيف نستطيع أن ننتج تحت الحصار؟ الجواب البديهي هو أننا كيف سنستطيع فك الحصار إذا لم ننتج.. الحصار جزء منه خارجي ليمنعوا عنا وصول المواد الأساسية.. ولا شك أن هناك اليوم نقصاً ببعض المواد من وقت لآخر في الأسواق ولكننا نقوم بالالتفاف عليه ولو بتكلفة أعلى.. أما الجزء الأخطر من الحصار هو الجزء الداخلي وقلة الإنتاج.. وهذا الشيء بيدنا جميعاً .. والأكيد أن هذا الشي يتطلب تعاوناً بين المنتجين أمثالكن وغيركن وبين الدولة.

وأضافت: اليوم الدولة سياستها واضحة بدعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليس بسبب الحرب والحصار كما يعتقد البعض وإنما هذه المشاريع تُعتبر قوة اقتصادية لأكثرية الدول.. سواء كانت هذه الدول قوية وكبيرة أو صغيرة، غنية أم فقيرة، وهذه المشاريع تشكل القاعدة الأساسية العامة للاقتصاد وتخلق فرص عمل أكبر، كما أنها تتكامل مع المشاريع الكبيرة.. وبالتالي فهذه السياسة سياسة الدولة بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي اليوم أولوية وبدأت بتطبيقها بشكل عملي من خلال القانون الذي صدر العام الماضي وسمح بإنشاء مصارف مختصة لتسهيل عملية الإقراض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.. وخلال هذا العام تمكنت هذه المصارف من تمويل وإعطاء قروض لما يقارب 50 ألف مشروع بقيمة 61 مليار ليرة سورية.. وبالطبع فإن التمويل هو واحد من التحديات وهناك تحديات أخرى تواجه هذه المشاريع من مرحلة التأسيس مثل التسجيل وإجراءات الترخيص إلى مرحلة ما بعد التأسيس والانطلاق.. ولهذا السبب هناك اليوم مجموعة مختصة من عدة جهات حكومية وغير حكومية تقوم بوضع مقترحات كي تتم إزالة هذه العقبات بهدف أن نخلق بيئة داعمة مشجعة لهذه المشاريع مثل مشاريعكن وغيرها لتتمكن من الاستمرار والنهوض والتطوير، فنحن أملنا بكن كبير جداً.

وتابعت: قد يكون لفت انتباهكن أنني ركزت خلال حديثي على الإنتاج بشكل أساسي ولم أذكر شيئاً عن دور المرأة، وخاصة أن عنوان المعرض اليوم هو سيدات سوريات منتجات، لكن في الحقيقة فإن دور المرأة في الأعمال والإنتاج ليس شيئاً جديداً ، هي منذ عشرات السنين موجودة، حاضرة، ومؤثرة، الجديد والمتميز بدور المرأة مرتبط بظروفنا الحالية، ففي الوقت الذي  يتم فيه  خلال الحروب تصدير صورة المرأة على أنها ضحية وعنصر ضعيف ، فإن المرأة السورية قاتلت وقاومت وأنتجت إلى جانب الرجل، وبالتالي استطاعت أن تقدم نفسها كعنصر من عناصر مقاومة آثار الحرب، وكعنصر قادر على أن يغير في مسار الحرب وليس ضحية لها ، وظهرت كرمز للقوة ليس للضعف.

وقالت: ولكن هذه القوة لا تأتي من فراغ وليس عن طريق الصدفة، هذه القوة  تحتاج صلابة، وهذه الصلابة لا تأتي إلا بالوطنية الحقيقية، بمعنى الانتماء الصادق للوطن والمجتمع، هذا الانتماء وهذه الإرادة هي التي نراها اليوم على وجوهكن وهي الموجودة في مشاريعكن ومنتجاتكن، وهي التي أعطتكن القوة والقدرة لتستطيعن أن تأخذن قراركن وتخضن التحدي بنجاح، واستطعتن أن تحولن الوقت والمال والموارد والقدرات الذاتية التي تمتلكنها  إلى مشاريع واستثمارات ناجحة ومبدعة، أنا  أهنئكن وأهنئ سورية بكن”

وختم ابوالشامات كلامه استخدم لقب المرأة الحديدية ليعبر عن الارادة القوية للمرأة التي استطاعت من خلال عملها وفكرها من احداث تغيرات حقيقية وواقعية في مجتمعها وتلهم النساء وبرأي ان السيدة اسماء الاسد تستحق بجدارة لقب المرأة الحديدية التي أستطاعت أن تحول نون النسوة السورية الى نون القوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى