آراء

أطلب رضاء أمي…

حمد بن صالح العلوي

Advertisement

قارئي العزيز..

سعد صباحكم، وحسن حالكم، وطابت أوقاتكم، وأنتم تتمتعون بفضل من الله تعالى  بالصحة والعافية، وهناء حال، وصفاء بال بعيدين عن كل كدر .

Advertisement

كل منا، صغيرنا وكبيرنا، ذكورا وإناثا، شيبا وشبابا، يؤمن أن القصة رواح للعقل، وأنس للوحشة، وملء لوقت الفراغ، إضافة إلى ذلك أن القصة عبرة وعظة لغافل، وعلاج لمسئ ورواح لمحسن.

قارئي العزيز..

ذات يوم مشرق بنور شمس جديدة، ووقت ليس ببرد ولا دفو وإنما كان صباحا يسوده طمأنينة ، ولم يمض وقت إلا وتغير الحال، ودوام الحال من المحال، فقد تغير الحال إلى حزن وذلك لأمر  جلل،!

هذا ما سأخبرك عنه ولن أتأخر…

الغالي.. الحبيب..

قال محدثي “بعد أن استلمت العمل وكان ذلك في عام 1992 وقع قلبي بحب فتاة، بعد أن أيقنت انها هي المناسبة لي ،جمعت أهلي، للحديث عما يكنه قلبي من علوم وأخبار، جمعت أمي وأخواني وأخواتي، وتكلمت معهم بكل شفافية، لكن قوبل كلامي بالرفض  قطعا، بحجة أن الفتاة، ليست من أهلنا،  ولا من جماعتنا ولا من قبيلتنا، وليس بيننا صلة قرابة لامن قريب ولا من بعيد، حاولت إقناعهم لكنني لم أفلح.

وتابع محدثي “ص”  :لم يعجب هذا القرار احد وصار فيه أخذ ورد بل وصل الأمر إلى الشقاق والفرقة وشتات العائلة.

مرت ستة أشهر، أحسست بالضيق، ساءت حالتي، صرت ناحل الجسم مريضا، أصبحت وحيدا، كئيبا حزينا، لا يكلمني أحد، أسودت الدنيا في عيني، فقدت السيطرة وأشيع بين الناس أن “ص” قد جن ،….

بعدها خطرت لي فكرة، أن أترك البيت ومن فيه، تواصلت بالاتصال هاتفيا مع احد أقارب أبي –  رحمه الله، يسكن في منطقة بعيدة، وأخبرته أنني، سأزوره،قريبا.

رحب بي، وبعد أيام، جهزت حقيبتي وحزمت أمتعتي، ووضعت الحقيبة عند باب بيتنا الخارجي، ومن ثم جئت إلى أمي وقبلت رأسها، ثم أخبرتها، اني مسافر، ولم أخبرها مكان وجهتي.

وصلت إلى بيت قريبنا، وطال بنا الحديث، ومن حديث إلى آخر، بعدها أوصلني  إلى الحجرة التي ستكون مقر إقامتي، ومرت ثلاثة أيام بلياليها حينها، أخبرته بحقيقة الأمر، وقصصت له ماحدث بيني وبين أخوتي ،وما صار من تدهور حال، وكيف والله أنني صبرت على أذى أخوتي وأخواتي، كان ذلك أذى في اللسان أو في اليد والرجل أحيانا، وفي مجريات الحديث، استأذنته السكن معه، ريثما، أجد لي سكنا،لم يمانع، بل رحب بي قائلا:البيت بيتك بني، أهلا بك..

ويتذكر “ص”..

أنه ذات يوم وأنا في طريقي إلى البيت عائدا من عملي وإذا بهاتفي النقال يرن، نظرت إلى شاشة الهاتف وإذا برقم مكتب، أجبت على الفور :ملقيا التحية والسلام وطيب الكلام قلت  نعم مالأمر؟  ، رد التحية بأحسن منها ، ودار بيننا حديث طويل لم أفهم منه إلا جملة واحدة  أنني يحتم علي الحضور وفورا!،أجبته، خيرا، ماالأمر؟

رد قائلا :شكوى ضدك، من أحد أخوانك، تعال تكرما وستعرف التفاصيل.

غيرت اتجاه سيري، ووصلت، طرقت باب المكتب ، وألقيت التحية والسلام، وإذا بالموظف يقول : أنت فلان بن فلان؟

نعم

أنك متهم بإزعاج أمك وكان في يده اليمنى سجل أزرق، قدم لي السجل الذي  كتب في صفحاته كلاما كثيرا، مفاده، أنني سبب في إزعاج أمي وأنني دخلت بيتنا في وقت متأخر!

وتابع “ص” حديثه للموظف :لايمكن لأحد أيا كان، أن يمنعني من زيارة أمي، مهما كان الوقت ليلا أو نهارا.

رجعت إلى البيت وجلست روية وعقدت مشاورة مع المقربين ومن بينهم “خالي” الذي أرشدني إلى أن أشكو الأمر إلى القضاء.

لعل هذا هو الحل الوحيدلأعود إلى حضن أمي،..

وذات صباح اتجهت إلى مكتب القضاء، لعل البسمة تعود من جديد، فقد سئمت الحياة ومافيها من منغصات.

عندئذ حدد الوقت، لحضور أمي وأخواني وأخواتي، إلى القاضي حتى يتفهم الأمر..

وانا أعد الايام والليالي وأنظر إلى عقارب الساعة التي فى معصم يدي.

وجاء اليوم الموعود وانا متلهف لغاليتي ومتشوق إلى رؤيتها، وأول ما رأيتها، أسرعت الخطى، وإذا باخواني يمنعونني وانا متمسك بجلباب امي حبيبتي، غاليتي مقبلا رأسها ثم هويت إلى راحة قدميها وهي تمتنع واخواني يدفعونني بقوة، والقاضي يشاهد الوضع ولم يحرك ساكنا، ولم ينبس ببنت شفه.

وبعد فترة نطق القاضي قائلا:”انه ولدك فلذة كبدك،…”

قالت أمي : قد عصى أمري، ولن أسامحه، ولا أريد أن أراه ثانية، بل لا أريد منه أن يتبع جنازتي إذا فارقت الحياة … يتبع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى