بنوك و استثمار

إصدارات الحكومات الخليجية تتراجع في ظل مكاسب النفط ، واصدارات الشركات ما زالت قوية …

بعد تزايد إصدارات السندات والصكوك الخليجية على مدار عامين متتاليين، عادت مجدداً للتراجع في العام 2021. وكما كان متوقعاً، كان هذا التراجع مدفوعاً بانخفاض الإصدارات الحكومية لمدة عامين متتاليين، بينما نمت إصدارات الشركات للعام السادس على التوالي. وكانت أسعار النفط الخام التي وصلت في متوسطها إلى أعلى المستويات المسجلة في ثلاث سنوات عند مستوى 70.9 دولار أمريكي للبرميل ضمن الأسباب الرئيسية لانخفاض الإصدارات الحكومية خلال العام 2021. من جهة أخرى، أدى تعافي النشاط الاقتصادي بعد القيود المتعلقة بجائحة كوفيد-19 إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص مما أدى إلى تزايد الإصدارات خلال العام.

Advertisement

5

أما من حيث نوع أداة الدين المصدرة، زادت إصدارات الصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي للعام الثالث على التوالي ووصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق ببلوغها 57.2 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 52.1 مليار دولار أمريكي في العام 2020. من جهة أخرى، تراجعت إصدارات السندات للمرة الأولى منذ العام 2018 لتصل إلى 89.5 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 99.0 مليار دولار أمريكي في العام 2020. وبلغ إجمالي قيمة الإصدارات الخليجية 146.7 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 151.1 مليار دولار أمريكي في العام 2020.

Advertisement

4

كما سجل إجمالي إصدارات أدوات الدخل الثابت لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمواً للعام الثالث على التوالي ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 233.2 مليار دولار أمريكي. إلا أن النمو على أساس سنوي جاء أقل بكثير، حيث لم تتجاوز نسبته 6.4 في المائة مقارنة بالنمو ثنائي الرقم الذي شهدناه خلال العامين الماضيين. وكان معدل النمو على أساس سنوي لإصدارات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في العام 2021 مدفوعاً فقط بزيادة هائلة في إصدارات الصكوك على خلفية تسجيل إصدارات السندات لمعدل نمو هامشي في خانة الاحاد. أما من حيث عملة الإصدار، جاءت السندات المقومة بالدولار الأمريكي في الصدارة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك على الرغم من انخفاض حصتها من 118.6 مليار دولار أمريكي أو ما يعادل نحو 54.1 في المائة في العام 2020 إلى 100.2 مليار دولار أمريكي أو 43.0 في المائة في العام 2021. وجاء الجنيه المصري والريال السعودي في المرتبة التالية بإصدارات بلغت قيمتها الاجمالية 52.9 مليار دولار أمريكي و 34.0 مليار دولار أمريكي مما يمثل 22.7 في المائة و 14.6 في المائة من إجمالي إصدارات العام 2021، على التوالي.

ونتوقع مجدداً ان يشهد إجمالي الإصدارات في المنطقة تراجعاً هامشياً في العام 2022. ومن المتوقع أن تنخفض الإصدارات الحكومية على خلفية ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الاحتياجات التمويلية للإنفاق الاجتماعي، في حين أن رفع أسعار الفائدة قد يؤثر أيضاً على إصدارات الشركات.

إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

1

ازدادت إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام الثالث على التوالي في العام 2021 لتصل إلى مستوى قياسي جديد. وكان نمو الإصدارات مدفوعاً بصفة رئيسية بإصدارات سندات الحكومة المصرية التي سجلت ارتفاعاً قياسياً خلال العام. وارتفع إجمالي السندات الصادرة عن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 2.2 في المائة ليصل إلى 176.2 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 172.4 مليار دولار أمريكي في العام 2020. في حين بلغت إصدارات السندات من قبل دول مجلس التعاون الخليجي 89.5 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 99.0 مليار دولار أمريكي في العام 2020، وسجلت الدول غير الخليجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً بنسبة 18.1 في المائة ببلوغ قيمة إصداراتها 86.7 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 73.4 مليار دولار أمريكي في العام 2020.

أما على صعيد جهة الإصدار، مازالت السندات الصادرة عن حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستأثر بالنصيب الأكبر من إصدارات أدوات الدخل الثابت خلال العام. إلا انه على الرغم من ذلك، انخفض إجمالي الإصدارات خلال العام بنسبة 1.9 في المائة ليصل إلى 118.1 مليار دولار أمريكي وهو الأمر الذي قابله زيادة بنسبة 11.7 في المائة في إصدارات الشركات. ويعزى تراجع الإصدارات الحكومية إلى انخفاض الإصدارات من قبل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي. من جهة أخرى، ارتفعت الإصدارات الحكومية من خارج دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 16.3 في المائة لتصل إلى 84.8 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 73.0 مليار دولار أمريكي في العام 2020. كما نمت إصدارات الشركات غير الخليجية، وإن كان بمعدل هامشي بلغ 2.0 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 0.5 مليار دولار أمريكي في العام 2020. كما ارتفعت إصدارات الشركات الخليجية بنسبة 9.0 في المائة لتصل إلى 56.2 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 51.5 مليار دولار أمريكي في العام 2020.

ومرة أخرى، احتلت مصر مركز الريادة في إصدار السندات على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام الثاني على التوالي. إذ بلغ إجمالي قيمة الإصدارات المصرية 61.4 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 42.2 مليار دولار أمريكي في العام 2020 بنمو بلغت نسبته 45.6 في المائة. وكانت الحكومة المصرية مسؤولة عن الجزء الأكبر من الإصدارات، في حين لم يصدر عن الشركات العاملة في مصر سوى ثلاث إصدارات من السندات بقيمة 474 مليون دولار أمريكي فقط. ويشمل ذلك سندات بقيمة 450 مليون دولار أمريكي قامت بإصدارها شركة إنرجين بي إل سي. كما كانت الحكومة المصرية هي الأولى على مستوى المنطقة في إصدار سندات خضراء خلال العام 2021 بقيمة 750 مليون دولار أمريكي لأجل 5 سنوات. وبعد تلك الإصدارات الماراثونية، تستعد مصر للانضمام إلى مؤشر جي بي مورجان للسندات الحكومية للأسواق الناشئة هذا العام. كما تقوم الحكومة أيضا بوضع اللمسات الأخيرة على اللوائح الخاصة بإصدار صكوك سيادية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي خلال العام الحالي. وجاءت الإمارات في المرتبة التالية بإصدارها لسندات بقيمة إجمالية وصلت إلى 39.1 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 40.5 مليار دولار أمريكي في العام 2020. ويعزى هذا الانخفاض الهامشي بصفة رئيسية إلى تراجع قيمة السندات الحكومية من 17.3 مليار دولار أمريكي في العام 2020 إلى 11.0 مليار دولار أمريكي في العام 2021. وقد قابل ذلك زيادة سندات الشركات من 23.2 مليار دولار أمريكي في العام 2020 إلى 28.1 مليار دولار أمريكي في العام 2021. واحتلت قطر المرتبة الثالثة على مستوى المنطقة من خلال زيادة إصدارات السندات على أساس سنوي والتي بلغت 25.3 مليار دولار أمريكي في العام 2021.

إصدارات الصكوك العالمية

2

بعد أن شهدت إصدارات الصكوك العالمية انخفاضاً حاداً خلال العام 2020، عادت لتشهد انتعاشاً جزئياً مرة أخرى في العام 2021. وبلغ إجمالي الإصدارات 109.7 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 104.2 مليار دولار أمريكي في العام 2020 وأقل بكثير من إصدارات العام 2019 التي بلغت قيمتها 124.8 مليار دولار أمريكي. وتعزى الزيادة بصفة رئيسية إلى تزايد إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي، في حين شهدت جهات الإصدار البارزة بخلاف دول مجلس التعاون الخليجي مثل ماليزيا وإندونيسيا تراجع اصداراتها. أما من حيث جهة الإصدار، زادت إصدارات الصكوك الحكومية ومن قبل الشركات على حد سواء في العام 2021 بعد التراجع الذي شهدته في العام 2020.

أما على مستوى كل دولة على حدة، احتلت ماليزيا المرتبة الثانية للعام الثاني على التوالي، بعد أن أطاحت بها السعودية من حيث حجم إصدارات الصكوك، بما في ذلك الجهات السيادية. وجاءت المملكة في الصدارة بنمو ملحوظ لإصداراتها بقيمة إجمالية بلغت 49.0 مليار دولار أمريكي مقابل 31.8 مليار دولار أمريكي في العام 2020، أي بنمو بلغت نسبته 54.2 في المائة. وبلغت إصدارات ماليزيا 26.3 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 29.0 مليار دولار أمريكي في العام 2020. وانخفضت إصدارات ماليزيا بأكثر من النصف عن مستويات العام 2019. واحتلت إندونيسيا المركز الثالث بإصدارات بلغت قيمتها الاجمالية 12.1 مليار دولار أمريكي في العام 2021، مسجلة انخفاضاً بنسبة 17.1 في المائة مقارنة بالعام 2020. من جهة أخرى، زادت إصدارات الصكوك الصادرة عن تركيا والكويت وعمان في العام 2021. بينما تراجعت إصدارات الصكوك في كل من قطر والبحرين خلال العام.

3

واستمرت الجهات الحكومية في الاستحواذ على النصيب الأكبر من إصدارات الصكوك خلال العام، إلا ان حصتها انخفضت هامشياً من 65 في المائة في العام 2020 إلى 64 في المائة في العام 2021. وبلغ إجمالي الإصدارات الحكومية من الصكوك 70.2 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 67.7 مليار دولار أمريكي في العام 2020 بنمو بلغت نسبته 3.7 في المائة. من جهة أخرى، سجلت الشركات زيادة أكبر بكثير على أساس سنوي بنسبة 8.2 في المائة خلال العام بإصدارات بلغت قيمتها 39.5 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 36.5 مليار دولار أمريكي في العام 2020. وأعلنت جهات الإصدار الحكومية والشركات في دول مجلس التعاون الخليجي عن ارتفاع إصدارات الصكوك خلال العام. بلغ إجمالي إصدارات الصكوك الحكومية خلال العام 2021 ما قيمته 35.3 مليار دولار أمريكي مقابل 32.0 مليار دولار أمريكي في العام 2021. وكان النمو مدفوعاً بصفة رئيسية بتزايد الإصدارات الحكومية من قبل حكومات كل من السعودية وقطر وعمان. وعلى صعيد الشركات، بلغت نسبة النمو الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي 8.5 في المائة من 20.2 مليار دولار أمريكي في العام 2020 إلى 21.9 مليار دولار أمريكي في العام 2021.

أما من حيث عملة الإصدار، احتفظت الصكوك المقومة بالدولار الأمريكي بمركز الصدارة ووصلت قيمتها إلى 34.6 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 31.1 مليار دولار أمريكي في العام 2020. تبعه الريال السعودي في المرتبة الثانية بإصدارات بلغت قيمتها الاجمالية 34.0 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 22.5 مليار دولار أمريكي في العام 2020. وبلغت قيمة الإصدارات بالرينجت الماليزي ما يعادل 23.9 مليار دولار أمريكي في العام 2021 مقابل 28.6 مليار دولار أمريكي في العام 2020.

من المتوقع حدوث انخفاض في الإصدارات التي تقودها الحكومة في العام 2022

تظهر التوقعات لعام 2022 أن البنوك المركزية لا تزال متباينة في نهجها لمعالجة القضايا الاقتصادية. من ناحية، من المتوقع أن تظل البنوك مركزة على احتواء التضخم عن طريق تشديد السياسة النقدية ومن ناحية أخرى هناك اقتصادات تحتاج إلى مزيد من الدعم ومن المتوقع أن تحافظ البنوك هناك على السياسة النقدية المرنة. وفقًا لبلومبيرج، من المتوقع أن يقوم الجزء الأكبر من الاقتصادات برفع أسعار الفائدة هذا العام على خطى بنك الاحتياطي الفيدرالي. من ناحية أخرى، قد تخفض البلدان في وسط وشرق أوروبا المعدلات. تعد الصين أحد الاقتصادات الرئيسية التي من المتوقع أن تخفض معدلاتها من أجل دعم النمو بعد أزمة الإسكان وتباطؤ النمو، كما ألمح مسؤول حكومي الشهر الماضي. ومن المتوقع إلى حد كبير أن تتبع دول مجلس التعاون الخليجي خطى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نتيجة ربط العملات. لا يزال الضغط على ربط العملات ، كما يتضح من الأسعار الآجلة لعملات دول مجلس التعاون الخليجي، عند مستويات المتوسط التاريخية بعد أن بلغ ذروته خلال منتصف العام الماضي.

بالنسبة لإصدارات الدخل الثابت في العام 2022، نتوقع أن نرى اتجاهاً مماثلاً من قبل الحكومات في المنطقة خلال العام 2022 مع انخفاض في الإصدارات السيادية يقابله جزئياً زيادة في إصدارات الشركات. أشارت المملكة العربية السعودية، في بيان الميزانية الأخير، إلى انخفاض في الإصدارات هذا العام بهدف إعادة تمويل الديون المستحقة السداد. من المتوقع أيضًا أن تنخفض الإصدارات الحكومية الإماراتية في العام 2022 ويرجع ذلك أساسًا إلى الخصخصة السريعة من خلال قوائم الادراجات التي أعلنت عنها حكومتا أبوظبي ودبي. ومن المتوقع أن يؤدي هذا، إلى جانب أسعار النفط المرتفعة، إلى خفض إصدارات الدخل الثابت الجديدة لدولة الإمارات في العام 2022. ومن المتوقع أن تعمل قطر، مع مركز الفائض المالي المستقر، على تعزيز وضعها المالي حيث يظل الطلب على الغاز الطبيعي مرتفعاً بينما تضيف الدولة المزيد السعة. من المتوقع أن تكون احتياجات التمويل مرتبطة بشكل أساسي بتوسيع القدرات. تراجعت دوافع الكويت لإقرار قانون الديون مرة أخرى بسبب ارتفاع أسعار النفط، على الرغم من أن موازنة الميزانية لا تزال أولوية.

من ناحية أخرى، فإن تعافي الاقتصاد وزيادة ثقة المستهلك يوفران حوافز للقطاع الخاص لإصدار الديون والتوسع، بما في ذلك المشاركة في المشاريع الحكومية عبر نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في العام 2022 مما يؤدي إلى ارتفاع طفيف في إصدارات الشركات خلال العام مقابل 2021. ومع ذلك، من المتوقع أن تعوض هذه الزيادة جزئيًا الانخفاض المتوقع من قبل جهات الإصدار الحكومية المتوقعة في العام المقبل.

المصدر : بلومبيرج و وبحوث كامكو إنفست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى