آراء

كُن مُنصفاً

بقلم : بدرية بنت حمد السيابية

Advertisement

تختلف نفوس البشر حسب ميولها للتفكير والتعمق فيما تميل إليه النفس، ويصبح أسيراً لذلك، ولكن لا يدرك ما هي عواقب التفكير المبالغ فيه، فتجده متعباً جداً على العقل وكل أعضاء الجسد، يجلب الإحباط وكأننا نرمي بأنفسنا ونسلمها لليأس بدون تردد إلى “الهلاك النفسي”.

لنأخذ مثالًا على ذلك: إذا أراد شخص ما في شراء سيارة وجدها في المعرض الخاص ببيع السيارات، أعجبته من حيث الشكل فيختار ويحتار في الاختيار المناسب له، يصطحب معه أصدقاءه أو أحد أقاربه ليُشاركه الرأي بحكم خبرتهم ومعرفتهم بنوع السيارات من جميع النواحي ومع ذلك لا يقتنع بآرائهم، فهنا يُركز تفكيره على الشيء السلبي.

Advertisement

فيردد في فكره ونفسه لا أعتقد اختيارهم مناسب، حتى لو كان مناسباً، وتتراقص في مخيلته هواجس التردد وبالتالي يُرهق نفسه بالتفكير الزائد ولا يعلم ما هو الصواب فتجده عالقاً في دائرة الاختلاف والشك مع نفسه ولايستطيع الخروج منها. ولا يعترف بخبرة واختيار من لجأ لهم. هناك مثل شعبي يقول “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب” فالتشبيه به لا يعني التقليل من الطبيب عندما نقول: لا تسأل الطبيب، وإنما القصد أن المجرب يحل محل الطبيب، وهذا رفع من مكانة المجرب وليس تقليلاً من مكانة الطبيب.

جميعنا نملك القدرة على التغافل عن شيء يزعجنا ولكن البعض مازال على حاله وسجين اللحظات المحبطة ويحسب لها ألف حساب حتى لو كانت ليست من مصلحته فتجده يضحي وكأنه يوضح لمن حوله بأني قادر على إسعاد الجميع مهما كان، ولكن لا يعلم بأن بهذا التصرف يقلل من أهميته ويجعل منه نقطة ضعف واستغلاله من قبل كل من يحتاج له في إنهاء ما يرغب به الطرف الآخر كمثال: شخص يحمل في قلبه الطيبة والحنان ويحب أن يُساعد زملاءه في تغطيه مكانهم في إنهاء العمل والبعض يخرج من عمله بعذر وبدون عذر مُستغلين طيبة قلب من يقدم هذه التضحيات غير المبررة، وللأسف الشديد هناك فئة تستغل فئة من أجل مصلحتها الشخصية وهذا واقع الحياة.

لا تجعل طيبتك نقطة ضعفك وليس لزوماً عليك أن تردد كلمة “نعم” وتمحي كلمة “لا” من قاموسك في الحياة فبعض الكلمات تحسب علينا وتكون ضدنا مع سابق الزمان أجعل من نفسك شخصية مُستقلة لها مقاييس ومعايير يحسب لها فالقلب الطيب بطبيعته يتواجد داخل الإنسان الحساس، إنسان يشعر بألم وأحزان غيره، ويؤلمه أن يراهم يعانون، لذلك يشاركهم هذه المشاعر وكأنه هو من يُعاني هذه الآلام، ولكنه في نفس الوقت سريع الأذى؛ لأنّه يملك إحساساً مرهفاً ومشاعر رقيقة، وقلباً طيباً، يعتقد أنّ كل من حوله مثلَه ولا يجب استغلالهم.

لاخلاف في تلبية احتياجات الغير والوقوف بجانبهم في الشدائد ولكن لا يجب علينا استغلال هذا الأمر لصالح شخص يتكل على غيره لإنجاز مهامه مهما كانت مكانته، وأن يكون هناك إدراك بأن ديننا الحنيف نهى عن استغلال طيبة الغير والضحك عليهم والاستهزاء بهم واحتقارهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].

السخرية من الصفات والأخلاق الذميمة التي نهانا عنها الله عزّ وجلّ ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي تعكس قيماً سلبية خطيرة أخرى داخل النفس البشرية منها الكبر والاستخفاف بمشاعر الإنسان، وهي قيم أبعد ما تكون عن المُجتمع المسلم لأنها تؤدي إلى الفرقة والشقاق بين أفراد المجتمع.

لذلك لا يجب علينا النظر للناس نظرة التعالي والتكبر ولنعلم بأن الله خلقنا جميعاً سواسية على هذه الدنيا لنعمرها وفق ما كتبه الله لنا، الطيبة صفة توجد في الإنسان ولا يجب استغلالها أو إهانتها بطرق مباشرة أو غير ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى