تحقيقات

حين تتحدث الأرقام وتردّ التكنولوجيا.. مقارنة شاملة بين الجيشين الإيراني والإسرائيلي

تحقيق : سعيد الشعيلي

Advertisement

في ظل التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران عقب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية في العمق الإيراني، وتوعد طهران برد “قاسٍ ومزلزل”، تتجه الأنظار إلى موازين القوة بين الطرفين، وسط تساؤلات: من الأقوى فعليًا؟ وهل تُحسم المواجهة بالأرقام وحدها أم أن التكنولوجيا والتحالفات الإقليمية والعالمية هي الفيصل الحقيقي؟

تُظهر أحدث تصنيفات موقع “غلوبال فاير باور” المتخصص في الشؤون العسكرية، أن الجيش الإسرائيلي يحتل المرتبة الخامسة عشرة عالميًا، متقدمًا بمركز واحد فقط على الجيش الإيراني الذي جاء في المرتبة السادسة عشرة، ما يعكس تقاربًا نظريًا في التصنيف العام، لكنه يخفي خلفه تباينات واضحة في نوعية القوة العسكرية لكل طرف.

Advertisement

ديموغرافيًا، تمتلك إيران قاعدة بشرية ضخمة قوامها نحو 88 مليون نسمة، منها قرابة 49 مليونًا يشكلون قوة بشرية متاحة للتجنيد والخدمة، مقارنة بإسرائيل التي لا يتجاوز عدد سكانها 9.4 ملايين نسمة، بينهم نحو 3.9 ملايين يصنّفون ضمن الفئة القادرة على الخدمة العسكرية. هذا الفارق يمنح طهران ميزة عددية لا يُستهان بها على مستوى تعبئة القوى.

وعلى مستوى القوات المسلحة، يضم الجيش الإيراني نحو 610 آلاف جندي عامل، إلى جانب 350 ألفًا في الاحتياط، ليصل المجموع إلى نحو 960 ألف عنصر. بالمقابل، يبلغ عدد الجنود العاملين في الجيش الإسرائيلي 170 ألفًا، مع احتياط قوامه 465 ألف جندي، ما يجعل إجمالي القوات الإسرائيلية في حدود 635 ألف جندي. وبينما تملك إيران التفوق العددي، تراهن إسرائيل على احتياط نشط ومدرّب جيدًا، يمكن استدعاؤه بكفاءة في حالات الطوارئ.

في السماء، تبدو إسرائيل أكثر تقدمًا، حيث تمتلك 611 طائرة عسكرية، بينها 240 مقاتلة متعددة المهام، و38 طائرة هجومية، إضافة إلى أسطول من المروحيات الهجومية يبلغ 48 مروحية. في المقابل، تملك إيران 551 طائرة، بينها 186 مقاتلة و23 طائرة هجومية، إضافة إلى 129 مروحية، منها 13 فقط مخصصة للمهام الهجومية. وعلى الرغم من تقارب العدد، إلا أن النوعية ترجّح الكفة لصالح إسرائيل، التي تعتمد على طائرات “إف-35″ و”إف-16” الحديثة، في حين لا تزال إيران تستخدم طرازات تعود لعقود ماضية.

أما من حيث البنية التحتية الجوية، فتمتلك إيران عددًا كبيرًا من المطارات الصالحة للاستخدام، يبلغ 319 مطارًا، مقارنة بـ42 مطارًا فقط لدى إسرائيل، وهو فارق كبير يمنح إيران ميزة لوجستية، لا سيما في حال اندلاع حرب واسعة النطاق.

في البحر، يظهر التفوق مجددًا لصالح طهران التي تدير أسطولًا بحريًا يضم 107 قطع بحرية، منها 25 غواصة، و7 فرقاطات، و3 طرادات، و21 سفينة دورية. في المقابل، يضم الأسطول البحري الإسرائيلي 62 قطعة، منها 5 غواصات و7 طرادات و46 سفينة دورية. لكن مرة أخرى، يبقى التفوق النوعي والتقني عاملاً حاسمًا في الميزان.

في ميدان المعارك البرية، تمتلك إيران ترسانة ضخمة تشمل 1713 دبابة، وأكثر من 65 ألف مدرعة، إلى جانب 392 مدفعًا ذاتي الحركة، و2070 مدفعًا ميدانيًا، و1517 راجمة صواريخ. أما إسرائيل، فتملك نحو 1300 دبابة، وأكثر من 35 ألف مدرعة، و352 مدفعًا ذاتي الحركة، و352 مدفعًا ميدانيًا، بالإضافة إلى 171 راجمة صواريخ. ويعكس هذا التفوق العددي الإيراني في القدرات البرية، إلا أن دبابات إسرائيل من طراز “ميركافا” المتطورة تمنحها أفضلية نوعية لا يمكن تجاهلها.

ميزانيًا، تبلغ نفقات الدفاع الإيرانية قرابة 15.45 مليار دولار، في حين تضاعفها إسرائيل بميزانية تبلغ 30.5 مليار دولار. هذا الفارق يُترجم على الأرض بتفوق في مجالات البحث والتطوير، ونظم الدفاع الصاروخي، والتقنيات السيبرانية، فضلاً عن التدريب المتقدم والدعم الاستخباراتي.

ولا تقتصر المعادلة على الأرقام فحسب. فإيران تمتلك ترسانة صاروخية ضخمة ومتنوعة، تشمل صواريخ باليستية متوسطة وبعيدة المدى قادرة على استهداف مدن ومنشآت حيوية في العمق الإسرائيلي، ما يجعلها أداة ردع فعّالة. في المقابل، تملك إسرائيل منظومة دفاع جوي متقدمة تشمل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” و”حيتس”، والتي أثبتت فعاليتها في اعتراض التهديدات الصاروخية.

ويضاف إلى المعادلة عنصر بالغ التأثير: التحالفات الدولية. فإسرائيل تحظى بدعم مطلق من الولايات المتحدة، فضلًا عن شراكات عسكرية مع قوى كبرى، تمنحها غطاء سياسيًا وعسكريًا فوريًا في حال نشوب نزاع واسع. بينما تعتمد إيران على شبكة من الحلفاء الإقليميين في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ضمن ما يُعرف بـ”محور المقاومة”، في إطار إستراتيجية الحرب غير المتماثلة.

خلاصة المشهد

قد تبدو الكفة راجحة عدديًا لصالح إيران، إلا أن ميدان المعركة تحكمه عوامل أخرى تتعلق بالتقنيات والجاهزية والتكامل العسكري، حيث تتمتع إسرائيل بأفضلية تكنولوجية واستخباراتية واضحة. غير أن الصواريخ الإيرانية وقدرتها على توسيع ساحة الحرب إلى جبهات متعددة قد تُربك الحسابات وتغيّر المشهد في أي مواجهة مقبلة.

ففي النهاية، لا تُقاس القوة العسكرية فقط بعدد الجنود أو الطائرات، بل بكيفية استخدامها، وسرعة حشدها، وفاعليتها في الميدان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى