الشاعرة “خولة بنت الأزور” رمز لشجاعة المرأة العربية الملهمة
بقلم : د. جمالات عبد الرحيم
تُعتبر “خولة بنت الأزور” واحدة من أبرز الشاعرات المحاربات في التاريخ الإسلامي ، حيث ارتبط اسمها بأحداث تاريخية مهمة جعلت منها رمزاً للشجاعة والإقدام. عاشت “خولة” في زمن يُعتبر فيه دور النساء في الحروب أقلّ وضوحاً ، لكنها أثبتت أنها قادرة على المشاركة في المعارك والتأثير في مجريات الأحداث.
المعركة التي أظهرت عظمة “خولة”
من أشهر المواقف البطولية لـ “خولة بنت الأزور” كانت في معركة أجنادين ، حيث أسُر أخوها ضرار بن الأزور. ورغم الظروف الصعبة ، إلا أن “خولة” لم تتردد في اتخاذ القرار للقتال من أجل إنقاذ أخيها والمساعدة في تحرير الأسرى. حضرت المعركة متسلحة بشجاعة لا تعرف الخوف ، وقاتلت بقوة لا تُصدق ، مجسدةً صورة المرأة القوية التي تصمد في أصعب الظروف.
ولعل أبرز ما يُذكر في تلك المعركة هو ما قالته من أبيات شعرية تعبر فيها عن قوتها وإرادتها ، حيث قالت :
نحن بنات تُبع وحمير
وضربنا في القوم ليس ينكر
لأننا في الحرب نار تسعر
اليوم تسقون العذاب الأكبر
تؤكد هذه الأبيات على عظمة المرأة العربية في ذلك الزمن ، ومدى قدرتها على مواجهة التحديات ومقاومة الأعداء.
مكانة المرأة العربية في عصر الإسلام
يبيّن لنا تاريخ “خولة بنت الأزور” أن المرأة العربية في فترة الإسلام الأولى لم تكن مجرد متلقية للأحداث ، بل كانت لاعباً أساسياً في معارك الدفاع عن الوطن. لقد لعبت النساء دوراً مهماً في المعارك ، وكان لهن رؤاهن ومكانتهن في المجتمع.
مع تطور الزمن ، ومع كل الدعوات إلى تحرير وتمكين المرأة ، نجد أن أصوات النساء وحقوقهن لا تزال بحاجة إلى أن تُسمع وتُحترم. إن العالم العربي يواجه اليوم تحديات جديدة؛ حيث يقتصر دور المرأة في الكثير من الأحيان على الفعاليات الاجتماعية والثقافية ، في حين أن قضاياهم ومكانتهم لا تزال موضع تساؤل.
مقاربات معاصرة
يعيش العالم العربي اليوم في خضم صراعات وأزمات تعكس صوراً حديثة من التحديات التي تواجه المرأة. مع أن هناك دعوات مستمرة لتمكينها ، يغيب أن تكون المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل في المعارك من أجل الحرية والعدالة ، رغم أن تاريخها حافل بالتضحية والشجاعة كما في حالة “خولة بنت الأزور”.
من المهم جداً أن نعزز الوعي بدور المرأة في صنع التاريخ ، واستذكار الأسماء التي بعثت الأمل. إن التقاليد التي تحث على تقوية دور المرأة في المجتمع لا تزال قائمة ، وليست مجرد كلام يُقال في الأروقة.
لذا، يبقى من المهم التأكيد على ضرورة مشاركة المرأة في القضايا الوطنية والدفاعية. لقد أثبتت النساء في التاريخ ، مثل “خولة بنت الأزور” ، أنهن قادرون على أن يكنّ في الصفوف الأولى للدفاع عن الهوية والانتماء ، وهو ما يجب أن يستمر في عصرنا الحالي ، حيث نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى قوة المرأة في مواجهة الاحتلال والمشاكل الداخلية.
في الختام ، تعتبر “خولة بنت الأزور” مثالاً حياً على قوة وعزيمة المرأة العربية ، وتبقى قصتها دروساً مستمرة للأجيال القادمة حول أهمية المشاركة النسائية في كل ميادين الحياة.
د.جمالات عبد الرحيم :(خبيرة في العلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان ، خبيرة في أمن المعلومات ، خبيرة فساد مالي وإداري ، مستشار في التحكيم الدولي وحقوق الانسان ، مستشار في مكافحة الجرائم الدولية وغسيل الأموال ، مستشار علاقات دبلوماسية وقنصلية ، مفوض دبلوماسي خاص ، عضو دفاع وحقوق انسان ، خبيرة في التجميل والتغذية علاجية والطب البديل التكميلي ، أخصائية إرشاد أسري وصحة نفسية ، أخصائية طب طوارئ واسعافات أولية).