ثقافة وفن

بطولات الجيوش العُمانية لتحرير البصرة من الحصار عام 1775م

بقلم : محمد بن العبد مسن

Advertisement

أخي القارئ..

أود أن أتطرق في هذا المقال لأحداث بعض المعارك في عام عام 1775م وأرجو أن تنال رضاكم.

Advertisement

يقال أن القوات الفارسية وصلت إلى البصرة حيث اجتمعت القوات العثمانية وأهالي البصرة في جيش واحد لملاقاة جيش كريم خان ، لكن المواجهة لم تحدث ، وضرب الجيش الفارسي حصاراً حول المدينة لأكثر من عام تعرضت خلاله إلى قصف مكثف وساءت أوضاع أهلها.

والجدير بالذكر أن العاصمة العراقية بغداد كانت في ذاك الوقت ترزح تحت صراع قوي بين مراكز القوى التركية أدى إلى مقتل واليها ومجيء والٍ مؤقت جديد هو مصطفى باشا – إلى جانب حالة عدم الاستقرار السياسي- وابتليت المدينة بوباء الطاعون الذي ضربها بشكل كامل ، وأمام عجز بغداد عن تقديم العون ، استنجدت القبائل العربية في البصرة بالحاكم العُماني الإمام أحمد بن سعيد.

ويقال أن سبب الحصار على البصرة في  عام 1189هـ/1775م حسب ما تم ذكره في العديد من الكتب.

أن كريم خان أعد جيشاً فارسياً قدر بثلاثين ألف مقاتل ‏تحت قيادة أخيه صادق خان بهدف إحتلال البصرة بحجة سوء المعاملة التي يلقاها ‏الفرس والضرائب التي تفرض عليهم وهم في طريقهم إلى الأماكن المقدسة في النجف ‏وكربلاء ، لذا فقد بعث كريم خان للباب العالي طالباً رأس عمر باشا (والي بغداد) وهدد ‏بغزو العراق إذا ما رفض طلبه ، وكان من الصعب على الباب العالي أن يستجيب ‏لشروط كريم خان ، التي كانت بمثابة مقدمات طبيعية لتبرير الغزو.

ومع مطلع عام 1775م وصلت القوات الفارسية إلى البصرة ، التي حمل لواء الدفاع ‏عنها سليمان آغا بمساندة أهلها وضرب حصاراً حول البصرة لأكثر من عام ، وظل ‏الأسطول الفارسي يقذف المدينة بنيران مدافعه وأدرك قائد حاميتها أنه لن يستطيع ‏الإستمرار خصوصاَ وأن والي بغداد الجديد (مصطفى باشا) قد إعترف بعجزه عن إمداد ‏المدينة المحاصرة بإحتياجاتها من المؤن والاسلحة.

تداعت الأخبار في عُمان ، بما حدث لأهل البصرة وما كان منهم إلا أن  هبت الجيوش العُمانية واسطولهم البحري لنجدة أهل البصرة و إنقاذهم من الحصار الفارسي.

حيث أمر الإمام أحمد بن سعيد ‏بوضع كافة إمكانات البلاد لتلبية لنداء أهل البصرة.

حيث أشرف بنفسه على إعداد أسطولاً من ثمانين قطعة حربية مجهزة بالكامل ، تتقدمهم السفينة الحربية الضخمة المسماه بـ (الرحماني) .

وتولا قيادة الإسطول البطل العُماني (هلال بن الإمام أحمد بن ‏سعيد ).

ويقال أن الإمام أحمد لديه أربع سُفنٍ كبيرةٍ، مُزوّدةٍ بخمسين مدفعٍ لكلٍّ منها، وعددٍ مِن السّفن الصغيرة مزودةٍ بأعدادٍ مختلفةٍ مِن المَدافع.

وقد التحقتْ به قِطعٌ حربيّةٌ أخرى من الموانئ العُمانية التي مرّ بها.

وقيل أيضًا أن عند وصل الأسطول العماني ميناء بوشهر تتقدّمه سفينة القيادة الرحماني تحت قيادة الإمام بشكلٍ شخصيّ ومائة قطعةٍ بحريةٍ من مُختلف الأنواع وقد حمل الأسطول كمياتٍ كبيرةٍ من المؤن للمدينة المحاصَرة.

وجد الإسطول العُماني سلسلة حديدية منصوبة ‏على النهر كان الفرس قد وضعوها على جانبي النهر ليحولوا دون وصول العون إلى ‏المدينة المحاصرة ووضعوا حامية كبيرة مزودة بالمدافع ُ لذا فقد إضطر الإسطول ‏العُماني إلى الإنتظار في ملاذ أمين لعدة أيام.

وهذا لكي يتم رسم الخطط العسكرية ودراسة الموقف من جميع الجوانب قبل المواجهة.

وبعد الانتظار حيث كان الأسطول على أتم الاستعداد للهجوم ولكن لابد من أخذ الأوامر من القائد حسب المعتاد.

وفعلًا جاءت إشارة البداية من القائد هلال بن أحمد بن ‏سعيد.

فأنطلق الأسطول بكل قوه وحماس ليشق طريقة وتتقدمه سفينة القيادة الرحماني العملاقة المزودة في مقدمتها برؤوس فولاذية تقاوم الصدمات حيث تمكنت بأمر الله من تمزيق وتقطيع السلسلة ‏الحديدية الضخمة التي نصبوها لتحطيم أي سفينة تحاول الاقتراب وهذا مما فاجأ الفرس ، وأرعبهم دخول الأسطول العُماني إلى شط العرب.

وأنهالت نيران المدفع الفارسية نحو السفن إلا أن الأسطول العُماني قد تمكنوا ‏من السيطرة على الموقع.

لعل أصدق ما قيل في هذه الحدث التاريخي ما قاله شيخ قبيلة (المنتفق) حينما ألتقى بهلال إبن ‏الإمام أحمد حيث قال : (ياخوي نحن سقماء وأنتم حكماء ، داوونا والمعافي هو الله) ُ ‏لعل هذه العبارة تلخص بوضوح دلالة هذه النجدة العُمانية وأهميتها وهي تجربة عربية ‏رائدة نحن في أشد الحاجة إلى إستنطاق معانيها وإعادة تذكرها.

ولم يكن في إستطاعة قوات صادق خان أن تحول دون إنزال المؤن والرجال إستعداداً ‏لشن هجوم في المعركة الضارية التي ‏دارت بين الطرفين مما أشعر القائد الفارسي بتصميم العرب على الإنتصار.

والتحمت القوات العربية والفارسية بالسلاح الأبيض وإذا كان الحصار الفارسي قد فشل إلا أن مخاطره كانت ما ‏تزال متوقعة بسبب المساعدات الكبيرة التي راح يبعث بها كريم خان بينما أخذت تتدفق ‏المساعدات العُمانية واستمرت الإشتباكات الشرسه لعدة شهور أخرى.

وحقق الإسطول العُماني الحماية الكاملة للمنطقة في شط العرب وأكد تأمين المساعدات القادمة ‏من عُمان.

و لهذا الانتصار الكبير فقد تقرر أن تمنح هدايا ومكافآت سنوية من خزانة البصرة للدولة العُمانية تقديراً لما قدموه من تضحيات  لإخوانهم العرب في العراق.

وقد إستمرت هذه ‏المكافأة منذ عهد الإمام أحمد بن سعيد وحتى عهد السيد سعيد بن سلطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى