ثقافة وفن

الإمبراطورية البيزنطية..الأمل المنشود للفاتحين المسلمين

بقلم : محمد بن العبد مسن

Advertisement

يقال أن محمد الفاتح كان يقول قبل فتح القسطنطينية :

“عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر”

Advertisement

فصدق يرحمه الله

أخي العزيز..

ماذا تعرف عن فتح القسطنطينية ؟؟

وهو الذي يعتبره المؤرخون من أحد أعظم أحداث التاريخ لطول مدتها  .

أخي القارئ..

لقد كانت القسطنطينية عاصمة للإمبراطورية البيزنطية والتي كانت تحتل مساحات واسعة من بلاد العرب.

وكانت أول حرب معها في عام 629 م حينما قام حاكم بصرى التابع للبيزنطيين بقتل الحارث بن عمير الأزدي الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لتقع معركة (مؤتة) ورغم أنها إنتهت بإنسحاب المسلمين وبمقتل قادتهم الثلاث: (زيد بن حارثة)، (وجعفر بن أبي طالب) و(عبد الله بن رواحة).

لكنها كانت بداية لحرب طويلة استمرت لقرون .

قال صلى الله عليه وسلم : “لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ”.

ولهذا كانت النظرة للحرب مع القسطنطينية نظرة دينية كمعركة بين المسلمين من جهة والمسيحية (الأُرْثُوذُكْسية )من جهة أخرى ، والتي كانت تمثل لها القسطنطينية مركز ديني وسياسي وتاريخي.

ويقال أنه كان فتح القسطنطينية على يد والي بلاد الروم السلطان العثماني محمد الفاتح ، وذلك في عهد الخليفة العباسي الخمسون حمزة القائم بأمر الله.

في 21 جمادى الأولى سنة 857هـ الموافق في تاريخ 1453/05/29 ميلادي.

ولقد استطاعت الخلافة الراشدة أن تسيطر على بلاد الشام  عام 638 م، فأصبح الأناضول -بلاد الروم- هو الفاصل الوحيد بينهم وبين القسطنطينية.

ولاحقاً استطاع الأمير الأموي مسلمة بن عبد الملك في عام 727م السيطرة على جزء من الأناضول حينما ثبت الحدود في مدينة قيصرية في عام 727م.

وقام الخليفة العباسي هارون الرشيد بمحاصرة القسطنطينية عام 781م ، ولكنه تراجع عنها بعد أن دفعوا له الجزية ، وقام بأكبر حملة عام 806م بعد أن خاطب ملك الروم  بلقب “كلب الروم” والذي أصبح من أتباعه بعد إنتصار الرشيد ، ونقل الحدود الى الداخل أكثر حيث جعلها في مدينة هرقلية في الأناضول.

وقام الخليفة العباسي محمد المعتصم بفتح أنقرة عاصمة تركيا اليوم ، وذلك عندما  صاحت إمرأة وقالت  “وامعتصماه” ، وكانت تلك الصيحة سبب في أعظم الفتوحات عمورية عام 838 م حيث تم تثبيت حدود الدولة فيها وتمت السيطرة على أكثر من نصف الأناضول.

وفي عهد الخليفة العباسي علي المكتفي إنتصر العباسيون في معركة سالاندو في عام 906 م وجعلوا حدودهم في نهر صقاريا فأصبحت منطقة فريجا تحت سيطرتهم، وبهذا أصبح كامل الأناضول تحت سيطرتهم فلم يبقى من الأناضول إلا أجزاء صغيرة جدا تقع في أقصى شمال غربها ، وبهذا أصبحت أسوار القسطنطينية.

وفي عام 1380م إستطاع العثمانيين أن ينالوا شرعية دينية وسياسية وذلك حينما نال مُراد الأوَّل العثماني لقب «سُلطان» من الخليفة العبَّاسي المُقيم بِالقاهرة أبو عبد الله مُحمَّد المُتوكِّل على الله ، وبهذا أصبح العثمانيون هم الولاة والحكام الشرعيون لبلاد الأناضول ، وكان لقبهم الرسمي عند الخليفة “سلطان أقاليم الروم” و”والي بلاد الروم”.

وعندما تولى السلطان العثماني محمد الفاتح الحكم عام 1451م إعتبر أن أهم واجب له هو فتح القسطنطينية وخاصة أنها في عهده كانت مجرد مدينة صغيرة محدودة المساحة ، وذلك بفضل من سبقه من فاتحين.

وحسب قول المؤرخ علي الصلابي: “أن محمد الفاتح اعتنى بجمع الأسلحة اللازمة لدك حصون المدينة ، واعتمد على مهندسين لتطوير صناعة المدافع المتطورة ، كما طور الأسطول العثماني وزاد في تسليحه حتى وصل إلى قرابة 400 سفينة حربية ليكون مؤهلاً لأداء دوره في الهجوم على القسطنطينية”.

فبدأ الحصار في 26 ربيع الأوَّل سنة 857هـ الموافق في 5 نيسان 1453م بعد أن رفض الإمبراطور البيزنطي أن يسلمها بشكل سلمي ، ووصلت السُفن الجنويَّة والبابويَّة إلى البوسفور وعلى متنها 700 مُقاتل لمساندة البيزنطيين.

وكانت نقطة قوة البيزنطيين هو مضيق القرن الذهبي وهو مضيق محصن بسلاسل حديدية فيستحيل أن تصلها السفن العثمانية.

ولهذا وبعد دراسة المكان أمر محمد الفاتح بجر السفن عبر البر ونقلها من مضيق البسفور إلى مضيق القرن الذهبي وبهذا تجنب التحصينات والسلاسل الحديدية، واستطاع أن يخنق المدينة.

وحاول الفاتح أن يقتحم المدينة بحفر أنفاق تحتها ، فقام البيزنطيين بنصب كمائن عديده للعثمانيين.

فصبّوا عليهم ألسنة النيران الإغريقيَّة والنفط المحترق والمواد الملتهبة ، فاختنق كثيرٌ منهم واحترق قسمٌ آخر وعاد الناجون منهم أدراجهم من حيث أتوا.

ولكن في عام 1453/05/29 ميلادي بدأ الهجوم العثماني مباشر ضد القسطنطينية، وألحقوا بالمُدافعين خسائر كبيرة ، وهرب الجنويين بقي الإمبراطور البيزنطي الحادي عشر وحفنةً من جنوده المُخلصين يُقاتلون العثمانيين بعد انسحاب الجنويين ناحية المرفأ ، فنجحوا في صدِّهم لفترةٍ قصيرة ، لكنَّ فشلهم كان محتومًا ، وعندما شاهد الإمبراطور الرَّاية السُلطانيَّة تخفق على الأسوار ، أيقن أنَّ الأمر انتهى ، فألقى برايته البنفسجيَّة أرضًا وانقض مع بقيَّة جنوده على العُثمانيين، فكانت تلك نهايته.

وبدأ الجيش العُثماني الذي دخل المدينة بفتح أبواب القلاع الواحدة تلو الأُخرى مما ساعد في دخول الوحدات العسكريَّة الأُخرى كافَّة ، وتم القضاء على أوكار المُقاومة الأخيرة ، وبعدها تم الاتجاه نحو ميدان “آيا صوفيا”.

حيثُ تجمهر أهالي المدينة ، وخصص السُلطان فرقًا عسكريَّة لحراسة بعض مواقع المدينة مثل كنيسة الحواريين ، كي لا يتعرَّض لها أحد الجنود بضرر.

وفي عصر ذلك اليوم ، دخل السُلطان المدينة على ظهر جواده الأبيض ، ورفع راية السّلام ، وسجد على الأرض شاكرًا الله ، ثُمَّ سار إلى كاتدرائيَّة آيا صوفيا حيثُ تجمَّع خلقٌ كثيرٌ من النَّاس فأمَّنهم على حياتهم ومُمتلكاتهم وحُرِّيتهم ، وطلب منهم العودة إلى بيوتهم.

بعد ذلك توجَّه إلى مذبح الكاتدرائيَّة وأمر برفع الآذان فيها ، وأدّى صلاة العصر داخلها إيذانًا بجعلها مسجدًا جامعًا للمُسلمين.

ثم قام محمد الفاتح بإرسال البشائر والهدايا إلى الخليفة العباسي في القاهرة حمزة القائم بأمر الله.

بعدها لقب السلطان محمد الفاتح بـــــ “قاهر الروم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى