آراء

الهجرة الغير شرعية .. ونزيف الأدمغة اليمنية

بقلم : وافي الجرادي

Advertisement

غرق الدكتور اليمني ضيف الله الذيفاني قصة واحدة من عشرات القصص التي تحاكي غرق الكثير من الشباب اليمنيين وهم يحاولون الفرار من واقع بلادهم المُر والمحزن ، يحاولون التغلب على ظروف معيشتهم ومعيشة أسرهم بعد أن انقطعت بهم السبل وحُرموا من مرتباتهم ولست سنوات ، وتدهورت بيئه الأعمال منذ بدء الحرب في اليمن أي منذ ثمان سنوات.

ولازالت أوضاع اليمنيين تزداد سوء يوماً بعد آخر ، الاقتصاد هش والموارد شحيحة بل وتوقفت مصادر الايرادات الرئيسية من النفط والغاز للدولة اليمنية وتوقفت معونات المانحين ولم يُقدم الا الضئيل لمواجهه تداعيات الحرب والأزمة الانسانية الكارثية وتم فقدان قرابة 2 مليون فرصة عمل مع شحة شديدة في السيولة المحلية ما يعني أن اليمن دخل مرحلة سيئة للغاية تداعياتها مأساوية على سبل الحياة والعيش لشعب عدد سكانة يتجاوز الــ35 مليون نسمة.

Advertisement

الهجرة الغير شرعية 2

ففي واقع تجلياته معقدة وصعبة .. ينظر الكثير من اليمنيين للهجرة كطوق نجاة لتأمين ما تبقى من حياتهم وحياة أسرهم ، ويرى الغالبية منهم أن الهجرة غير شرعية هى السبيل الوحيد المتاح أمامهم ، والسواحل اليمنية وتحديداً تلك الواقعة قريباً من جيبوتي وأرتيريا يُبحر فيها الكثير من الزوارق المحملة بالمهاجرين اليمنيين ،  ومن المفارقات العجيبة أن معظم هؤلاء المهاجرين يحملون شهادات عليا وذوي خبرة عالية في تخصصات الطب والهندسة والتجارة والحاسوب ، وقلة قليلة منهم لا يحملون شهادات جامعية ، ما يوحي بأن اليمن واحداً من أبرز البلدان المصدرة للكفاءات والخبرات نتيجةً للحرب وتصاعد أعمال العنف والقتال وتردي الأوضاع الاجتماعية.

وبهذا الحال تفقد اليمن ثروتها البشرية المؤهلة ما ينذر بمخاطر مستقبلية لا يحمد عقباها إن استمر نزيف الأدمغة على هذا النحو القاتم ، حيث تشير بعض التقارير عن هجرة قرابة 4 مليون شخص خلال عامين من الدول العربية صوب دول الاتحاد الأوربي ، وأمام هذا العدد الكبير ، ومع الكثير من المعاناة والحرمان والحاجة ، وبغض النظر عما يجده الكثير من هولاء من مشاق وتعامل على الحدود ، وفي مسرح البلدان المستضيفة لهم ، علينا أن ندرك حقيقة أننا نحن العرب في غنى عن كل هذا التشرد والهروب في حال أخمدنا نيران الحروب والصراعات ، وتوحدت كل الجهود والامكانات لدعم عمليات الاستقرار والتنمية في بلداننا ، بدلاً من اهدار الفرص وتبديد الأموال في صراعات وانقسامات بينية.

الطرق المؤدية للهجرة كثيرة ومتعددة ، وشبكات عدة تقف وراء هذه المهنة إن صح التعبير ، وأعدادها كثيرة ومن الصعب معرفة أرقامها الحقيقية ، وأسبابها أيضاً معروفة للجميع منها ماهو انساني ومنها ماهو اجتماعي وسياسي واقتصادي… الخ ، كما انها مليئة بقصص ومآسي وأحزان عدة في عالمنا العربي القابع في رحاب كل صور الجوع والقهر والحرمان.

إن استمرار الحروب والصراعات والأزمات وتفشي الفساد في الكثير من دولنا ، عامل مُهم وأساسي في تزايد أعداد المهاجرين الشرعيين والغير شرعيين وبغض النظر عما تحدثه الهجرة الغير شرعية من فقدان للأرواح إما غرقاً في البحر أو جوعاً أو نتيجة فيضانات وثلوج في الحدود البرية لدول الاتحاد الاوربي ،  لكن الجروح والندوب التي تخلفها هجرة البعض لهي عامل مثيراً للحزن وتترك بصمات سوداوية في وجوه من تسببو في فقدان الكثيرين ، ومن هنا يجب أن تعمل كل المنظمات الدولية وكل بلدان العالم على التخفيف من الهجرة الغير شرعية والتي تتسبب فيها الحروب والصراعات ، وأن توفر البلدان أكبر قدر ممكن من النزاهة والشفافية وأن تقدم الخدمات لمواطنيها وتؤمن سبل معيشتهم بدلاً من بحثهم المستمر عن الهروب من خلال الهجرة الغير شرعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى