آراء

الاحتراق الوظيفى كم مرة احترقت وظيفيا ( الأعراض والحلول)

بقلم : محمد عبدالسلام

Advertisement

عند القيام بالممارسات الادارية الناجحة وتأسيسها لبيئة عمل جاذبة أو طاردة ، يتبادر الى الذهن السؤال المعتاد فى المقابلات الشخصية للوظيفة ..كيف ترى نفسك بعد 5 سنوات ؟

هذا ليس سؤالا روتينىا من قبل ادارة الموارد البشرية ولكنه يؤسس عليه بداية مظاهر وجود الاحتراق الوظيفى اذا لم يدار بالشكل الصحيح خلال سنوات العمل المتراكمة.

Advertisement

يظهر الاحتراق الوظيفى عند عدم ادراك المديرين لمبادئ الادارة الصحيحة، وليس فقط ادارة الموارد البشرية من تتحمل كامل المسؤولية، بل كافة اقسام الادارات المختلفة واليات التعامل مع العنصر البشرى.

ليس كل القيم المؤسسية تعتمد على الأرقام والأرباح لتحقيق وفورات اقتصادية ومكانة سوقية، بل يضعها البعض مجرد بيانات عند كتابة رؤية ورسالة وقيم مؤسسته دون التقيد بالتنفيذ الفعلى لها.

نتيجة لتلك الممارسات الادارية الخاطئة وتراكمها لسنوات، تبدأ بذلك مرحلة جديدة فى حياة الموظف او فريق العمل بالمؤسسة يسودها التململ والاحباط والبلادة وتنتهى بكوارث مؤسسية.

نتيجة لوجود هذه البيئة يصبح الموظف عرضة للاصابة بالانهاك الجسدى والفكرى وينعكس ذلك مباشرة على مستوى ادائه وانجازه للمهام المكلف بها ويتشكك دائما فى قدراته وابداعه ولايبذل المزيد من الجهد للفهم او التصحيح .

مفهوم الاحتراق الوظيفي يمكن تعريفه بأنه فترة طويلة من الشعور بالإرهاق الذهني والتعب البدني، كنتيجة لضغوط العمل المستمرة، مما يؤثر على الأداء الوظيفي والتقدم في العمل، فيفقد معه الشخص القدرة على الاستمتاع بالحياة أو الشعور بالإنجاز، وينتابه الشعور بأنه مستنفد، وكأن كل طاقته قد نفدت ولم يعد لديه ما يقدمه. في الغالب يهاجم الاحتراق الوظيفي الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة، قد تتخطى الـ 48 ساعة أسبوعيا، ومَنْ يعملون مع مؤسسات لا تحترم خصوصياتهم، وتعتبرهم متاحين طوال الوقت، فتتواصل معهم حتى في أيام العطلات الأسبوعية والرسمية من أجل إنجاز مهام تخص العمل، وهو مبدأ مخالف لقواعد الادارة منها ان كثرة الاجتماعات دليل على الفشل الادارى وفي البداية يتحمس الموظف لذلك كنوع من إثبات الذات، ليجد نفسه يحترق ولا يملك القدرة على المقاومة ،  تفاني الموظف في العمل قد يكون عاملا مميزا له في البداية ، لكن مع مرور الوقت، يتحول الأمر إلى مأساة، عندما تبدأ مهام العمل في التكالب عليه دون تقدير لامكانياته أو متطلباته الشخصية، ويعبر من التفاني إلى القلق والتوتر حتى الإنهاك وفقدان السيطرة على الأمور، فتخور قواه ويفقد طاقته، ويصبح غير قادر على العمل، وهنا تخسره الشركة التي كان من الممكن أن تكون معتدلة في استغلال إمكانياته واستعداده للعمل بأقصى جهده…

فقدان الموظف لثقته بنفسه من اكثر نتائج الاحتراق الوظيفى تأثيراً على جودة الخدمات او منتجات مؤسسته , فحينما يشعر الموظف بتدنى انجازه يكون امامه خياران * اما الاستمرار فى العمل وفق مستويات منخفضة، حيث يتجنب التفكير فى الانتقال لمؤسسة أخرى لضعف ثقته بنفسه .* او يستمر على راس عمله ويصاب بفقدان رغبته فى التواصل مع زملائه ورؤسائه بالعمل، وتصبح المؤسسة بالنسبة له مكانا يقضى فيه أسوأ أوقات حياته.

لذا لانستبعد شعور بعض الموظفين بالسعادة نتيجة اصابة مؤسساتهم بأزمات تسويقية أو مالية أو بشرية وهى مرحلة طبيعية يصل اليها الموظف نتيجة جهل وقلة خبرة المديرين واصحاب القرار بالمؤسسات مايصل بالنهاية الي الاحتراق الوظيفى .

الادارة ليست مجرد مهارات وخبرات ولكنها بالمقام الاول سلوكيات وممارسات واتصال مؤسسي (مثل مهارات الاتصال والتعامل مع الاخرين ) بتلك المهارة تصل الادارة الى تعزيز بيئة العمل والوصول بها الى تفعيل الانسجام بين الموظفين وتحقيق المستهدف من الخطط والاهداف الاستراتيجية لمؤسساتهم .

من علامات بلوغنا للاحتراق الوظيفي .. الاستنزاف وهو شعور كامن بعد انتهاء ساعات العمل بحيث يعجز الموظف عن اداء أنشطته اليومية التقليدية او قضاء وقت مع اسرته .

عدم الاكتراث ..بأسلوب التعامل مع الزملاء او العملاء ونفاد الصبر سريعا  مع اول اختلاف معهم .

السؤال المتكرر ..عندما يوجه لكم اسئلة كتيرة من المحيطين لكم حول سبب معاناتكم وقلة التركيز ..فأنت غير قادر على اخفاء مشاعرك عن ذى قبل .

الشعور بالتحرر ..عندما يشعر بالتحرر والراحة فى نهاية كل اسبوع عمل والشعور بالبؤس فى بدايته ومعاناته النفسية اثناء العمل .

فتور الاحساس ..عندما يستخدم كلمات  مثل (الامر عادى / لا بأس / ماشي الحال ) فهى تدل على السأم والضجر .

عدم انتظام النوم ..فقدان الامل فى التغيير او الترقية او التحفيز .. الشعور بالجمود الوظيفى..وهو الشعور بعدم التطور بحيث لم يعد يشعر او يتذكر اخر مرة شعر بها بالرضا او التقدم الوظيفى .

فقدان السيطرة على الانفعالات . والتفكير فى مغادرة العمل قبل مواعيد انتهاء الدوام الرسمية .

بعد ظهور بعض او كل الاعراض السابقة على الموظف خلال مراحل يومية وسنوات عمله وهى من ثلاث الى خمس سنوات من بدء تعيينه اذا لم ينتبه لها جيدا .

خلال تلك السنوات يظهر كذلك مصطلح ادارى وهو ارتفاع معدل دوران العمل وهو من المؤشرات السلبية للاداء الوظيفى .

يُحسب معدل دوران العمالة من خلال المعادلة التالية: (عدد الموظفين الذين غادروا الشركة خلال الفترة/عدد الموظفين الموجودين في الشركة في بداية الفترة) × 100.

يشير معدل دوران العمل (أي نسبة دخول وخروج العمال الى ومن احد الأقسام أو الإدارات) الى متوسط عدد العمال. وعادة ما يتم الاعتماد على عدد الخارجين من القسم فقط، فإذا كان معدل دوران العمل 12% ،فان هذا معناه أن هناك احتماال لان يترك العمل 12 عاملا من كل 100 عامل متاحين للعمل، وفي هذه الحالة يطلق على معدل دوران العمل بمعدل ترك الخدمة.

حساب معدل دوران العمالة:

الدالة التالية ستوفر لكم آليا حساب معدل الدوران خلال مدة محددة،

الاحتراق الوظيفي يمر بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وخلال هذه المرحلة يبدأ الموظف في ملاحظة وجود ضغط كبير من جهة أو صاحب العمل، مما يؤثر على أدائه لعمله، وذلك كنتيجة عدم التوازن بين متطلبات العمل وقدرة الفرد.(غياب التخطيط )

المرحلة الثانية: يبدأ الموظف في الشعور بالتعب والتوتر والقلق الدائم، كنتيجة أو رد فعل لانعدام هذا التوازن، مما يصيبه بالإجهاد كونه يحاول الوفاء بالتزاماته. (غياب الاهداف والرؤية )

المرحلة الثالثة: يبدأ سلوك الموظف في التغير بشكل واضح، فيحدث أن يعامل المحيطين به من الزملاء والمديرين بفتور وانعدام الرغبة في التواصل، مع عدم القدرة على التركيز، وفقدان الهمة، وتبدأ مشاعر البلادة والإهمال في السيطرة عليه.

يبدو انك بعد هذه المرحلة قد بدأت بالفعل الدخول للاحتراق الوظيفي ..ولكن هل هذه هى النهاية والاستسلام …الخبر المفرح لا……. هناك علاج مصدره هو انت  كيف ؟

هناك مجموعة من الخطوات التي يمكنك فعلها، حتى تبدأ في التخلص من مشاعر الاحتراق الوظيفي السلبية، وتستعيد طاقتك:

في البداية، ابتعد عن الأشخاص السلبيين، الذين يثبطون من عزيمتك، ويبثون سمومهم فقط، دون الاعتناء بمشاعر مَنْ حولهم، ويعتقدون أن أحاديثهم عن عدم الجدوى ما هي إلا حكمة ووعي وانك مثل غيرك وهذه امكاناتك وقدراتك لا تقاوم .

الخطوة الثانية : محاولة بناء صداقات جديدة، تقوم معهم بانشطة مختلفة  مثل حضور دورات تدريبية أو الاستماع لآراء خبراء في مجال تخصصك لتخرج بها من حالة الإنهاك التي مررت بها، وأن يكونوا قادرين على العطاء وتفهم مشاعرك.

الخطوة الثالثة : تجربة أنشطة مختلفة عن العمل، فيمكنك التطوع أو محاولة تعلم مهارة جديدة او استعادة مهارات كنت قد أهملتها، يبدو الأمر صعبا، لكن إذا اجبرت نفسك عليه، قد يعود بنتائج إيجابية. وضع قواعد جداول جديدة للعمل، فلا تضغط على نفسك، واحرص على ألا تجور ساعات العمل على حقك في ممارسة حياتك الشخصية والاستمتاع بها، فاعمل على تحقيق التوازن ولعل تجربة التعايش مع فيروس كرونا وانتشاره محليا وعالميا اوجد لنا جميعا الوقت لاعادة النظر فى امور كثيرة ومهارات تنقصنا للتطوير .

الخطوة الرابعة . إذا قررت أخد إجازة من العمل، او حتى اجازات نهاية الاسبوع فيجب أن تستغلها بالطريقة التي تعيد إليك حيويتك ونشاطك الذهني والبدني، فحاول الاسترخاء قدر الإمكان، ومن الممكن أن تسافر إلى إحدى المناطق الهادئة، لتحصل على طاقة جديدة ومختلفة …أغلبنا لا يخطط جيدا للاستمتاع بإجازته ويكتفي بالراحة المنزلية هنا لا يحدث اى تجديد ولا نشاط حقيقي .

الخطوة الخامسة . ابحث عن الدعم، ولا تعتبر ذلك تقليلا منك أو عبئا على المحيطين بك، تحدث إلى من تعرف أنهم قادرون على الإنصات وتفهم حالتك النفسية، ويمكنهم تقديم المساعدة لتخطيها. الخطوة السادسة ..افصل نفسك عن وسائل التواصل الاجتماعى بكل انواعها ولتكن ساعتين باليوم وقلل من متابعة الأخبار، وتفرغ لنفسك يوميا بأداء تمرين بدني أو ذهني يغير من حالتك المزاجية. الاهتمام بساعات نومك، والحرص على تناول طعام صحي وتقليل السكريات ماعدا سكر الفاكهة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقال رائع ومفيد وممتاز جدا من الناحية الإدارية. شكرا لكاتب المقال أ. محمد عبد السلام.

    كرم بدوى

    1. بوركت صديقى الغالى والمبدع دكتور كرم ورأيكم هام جداً لى ..وفى انتظار مقالاتكم المبدعة عن فن رياضة القوس والسهم العربى وكذلك علوم الادارة والتكنولوجيا .

زر الذهاب إلى الأعلى