ثقافة وفن

هنا تجلى الله لموسى .. سانت كاترين ملتقى الديانات الثلاث

رغم الأزمة السياحية، التي طالت القطاع في كل أنحاء العالم إثر جائحة كورونا المستجد، تسابق مصر الزمن من أجل تطوير المعالم السياحية الدينية في مختلف المناطق.

Advertisement

ضمن الأماكن ، التي توليها أهمية كبيرة محافظة جنوب سيناء، التي توجد فيها معالم سياحية دينية ظلت مقصدا لمواطني معظم الدول العالم، الذين يأتون إلى مصر وإلى جنوب سيناء بالتحديد لزيارتها.

في العام الماضي 2020، وبعد اطلاعه على المخطط التنفيذي لمشروع “التجلي الأعظم فوق أرض السلام”، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكومة، بتوفير كافة الإمكانيات اللازمة، لتطوير المنطقة المقدسة بسيناء بمحيط جبلي موسى وسانت كاترين، وجميع المناطق الأثرية ذات الطابع الديني التي تضمها المدينة.

Advertisement

قال محافظ جنوب سيناء خالد فودة، إن “تطوير المدينة يهدف إلى استقبال مليون سائح في العام، وأن سانت كاترين تمثل أهمية كبيرة ليس للمصريين فقط بل للعديد من دول العالم”.

وأضاف فودة أن “مدينة التجلي الأعظم التي تجلى فيها الله وكلم نبيه موسى عليه السلام، هي من أهم المزارات الدينية، وأن عملية التطوير تهدف للتناغم والحفاظ على طبيعتها مع توفير وسائل تنقل صديقة للبيئة، كما جاءت توجيهات الرئيس”.

من ناحيته، قال هشام كامل، مدير عام العلاقات العامة بمجلس مدينة سانت كاترين، إن “وصول السائح لمدينة سانت كاترين يعني أنه في أقدس بقعة ضمن أقدس ثلاث بقاع على مستوى العالم، حيث أن الرسالات السماوية أنزلت في مكة المكرمة وفي القدس الشريف وفي مصر بمنطقة سانت كاترين”.

وأوضح كامل أن “سانت كاترين له قدسية عالمية، وأن عمليات التطوير تهدف لجعل المدينة عاصمة عالمية للسياحة الدينية، ومن المستهدف أن يزورها نحو مليون سائح سنويا”.

وأشار المسؤول المصري إلى أن “هذا المكان هو المكان الوحيد في العالم الذي تجلى فيه الله على جبل المناجاة، الذي تلقى فيه سيدنا موسى الوصايا العشر”.

وتشمل عمليات التطوير جميع الأماكن، حيث أن دير سانت كاترين هو من أقدم الأديرة في العالم، الذي تمارس فيه الحياة الدينية دون انقطاع.

في مرحلة سابقة، جرت عملية تطوير المنطقة المحيطة في دير سانت كاترين، بداية من المناطق المحيطة بالدير، حتى السلسلة الرئيسية وهو مدخل الدير، كما يجرى عملية تطوير المدق المؤدي، إلى قمة جبل موسى.

آثار سانت كاترين

جبل عباس

ضمن الأسباب الرئيسية لعملية التطوير تعود لقدسية المكان، الذي اختاره رهبان الدير للتعبد والاعتكاف، كما أسس الخديوي عباس في العام 1853، قصر الاستشفاء في المنطقة، وأقيم على جبل يبلغ ارتفاعه 2383 متر فوق سطح البحر، على مساحة 450 متر مربع وأطلق عليه جبل عباس.

استراحة السادات

في عام 1979، زار الرئيس الراحل محمد أنور السادات سيناء، وذهب إلى سانت كاترين، فأعجب بروحانية المنطقة، وقرر إقامة استراحة خاصة به، في إطار عمل “مجمع أديان” في المنطقة.

وتبلغ مساحة الاستراحة نحو 70 مترا، شيدت من أحجار سانت كاترين بارتفاع مترين، فيما صمم السقف من خشب المنطقة أيضا، وتضم صالة ومكتبا وغرفتين وحماما ومطبخا.

في أكتوبر 2019، افتتح محافظ جنوب سيناء الاستراحة، بعد ترميمها بصحبة وزراء وقيادات إعلامية.

جبل موسى

يقول هشام كامل، أن جبل موسى من أهم المقاصد للسائح، الذي جاء من أجل السياحة الدينية، حيث جلس نبي الله موسى ثلاثين ليلة، وأكملها بعشر فوق قمة هذا الجبل، ويحرص كل من يأت إلى سانت كاترين أن يصعد إلى قمة الجبل.

يبلغ ارتفاع جبل موسى 2246 مترا، وهو الجبل الرئيسي الذي يصعده الجميع لمشاهدة شروق الشمس من الأعلى، حيث يتغير لون السماء نحو 6 مرات في الـ 5 دقائق الأولى للشروق.

دير سانت كاترين

يتميز الدير بعبقرية معمارية متفردة ، كما أنه بمثابة إنجاز عقلي يشهد على حضارة لا تزال حية تمارس فيها الحياة الدينية دون انقطاع.

ويحاط الدير بسور أشبه بالحصن من أحجار الجرانيت ، ويضم ثاني أقدم مكتبة في العالم بعد مكتبة الفاتيكان الدينية، وتضم المكتبة نحو 4 آلاف كتيب، و3 آلاف مخطوط.

ولا يرمز المكان للديانة المسيحية فقط، حيث يضم شجرة العليقة كرمز للديانة اليهودية، وكنيسة القديسة كاترين كرمز للديانة المسيحية، والمسجد الفاطمي كرمز للديانة الإسلامية، إلى جانب مقام نبي الله هارون بوسط المدينة، وميدان الوادي المقدس.

 محمية طبيعية

في عام 1989، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء المصري باعتبار مدينة سانت كاترين محمية طبيعية، خاصة أنها تحتوي على 542 من النباتات المتنوعة، منها 319 نباتات طبية، من بينها 19 من النباتات المتوطنة، لا يوجد في أي مكان في العالم سوى مدينة سانت كاترين.

ويتواجد بالمنطقة بحسب كامل، بعض الحيوانات والزواحف والطيور النادرة، في حين أن فراشة “سيناء القزمة” تعد أصغر فراشة على مستوى العالم، وتحو في مساحة 5 كيلو بمنطقة وادي الأربعين.

وأدرج الدير ضمن مناطق التراث العالمي بمنظمة اليونسكو عام 2002، حيث يمثل الدير عبقرية معمارية لمنشآت من القرن الـرابع وحتى القرن الـ 19 الميلادي.

ويضم بقايا الحصن الذي أنشأته الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع، ويقع بوسط الدير في الوقت الراهن.

كما يضم الدير كنيسة “العليقة المقدسة”، التي شيدتها الإمبراطورة هيلانة في القرن الرابع الميلادي أيضا، إلا أن الإمبراطور جستنيان أعاد عملية البناء مرة أخرى، وأدخلت ضمن الكنيسة الكبرى التي شيدت في القرن السادس الميلادي، وتحمل اسم “كنيسة القيامة”، ثم “كنيسة التجلي”، كما اعيد بناءها في العصر الإسلامي.

وتؤكد فنون العمارة في الدير على عظمة الحضارة البيزنطية، كما أن الفسيفساء التي تجسدت في “فسيفساء التجلي” التي تعود على القرن السادس الميلادي، وفسيفساء كنيسة العليقة، تمثل قيمة فنية متفردة بدرجة عالية.

ويضم الدير أيضا الجامع الفاطمي الذي تأسس في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله عام 500هـ 1106م، وهو ما أكسب المكان قيمة مجمع الأديان.

جبل سانت كاترين

هو من أعلى القمم حيث يبلغ ارتفاعه 2646 مترا، وكان يسمى بجبل حوريب، إلا أن رهبان الدير وجدوا رفات القديسة كاترين فوق قمة الجبل في القرن الرابع، وأحضروا الرفات الموجودة حتى الآن في الدير.

ويؤكد كامل أن القبائل البدوية عبر التاريخ، التي كانت تتواجد بمحيط كانت تحمي الرهبان في الدير، وكانت العلاقة بينهم قائمة على نشر روح التسامح والتكاتف فيما بينهم.

وأشار إلى أن هناك أماكن للإقامة في سانت كاترين ، وأن خطة التطوير ستشمل إقامة فنادق وأماكن للمبيت بمستويات متعددة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى