بنوك و استثمار

صعوبات تواجه البنوك السودانية رغم رفع الحظر

بدأت البنوك السودانية استعدادها للعودة إلى السوق المصرفي العالمي بعد انقطاع دام أكثر من عقدين بعد قرار الإدارة الأمريكية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
قال الخبير الاقتصادي السوداني الدكتور محمد الناير: “هناك العديد من الإجراءات الداخلية في البنوك كان يفترض القيام بها في المرحلة الماضية، لكن للأسف لم تكتمل ولم تتم بصورة أساسية وهي عملية إعادة هيكلة المصارف السودانية ورفع رؤوس أموالها بنسبة كبيرة”.
وأضاف في تصريح لوكالة “سبوتنيك”، أن “البنوك السودانية رؤوس أموالها ضعيفة، فهناك بعض البنوك حتى الآن لا يتجاوز رأس مالها المدفوع 250 أو 300 مليون جنيه سوداني أي ما يعادل مليون دولار تقريبا، فلا يعقل أن يكون هناك بنك يريد التعامل مع المجتمع الدولي برأسمال مليون دولار، بالتالي كنا نأمل أن يتم رفع رؤوس أموال البنوك بمعدلات عالية ومناسبة وأي بنك يفشل في رفع رأس ماله إلى المستوى المطلوب يتم دمجه مع بنك آخر حتى تكون هناك كيانات مصرفية قوية”.
وأكد الخبير الاقتصادي، أنه “لم يتم ترتيب الأمر بصورة جيدة باعتبار أن هناك إعفاءات تمت لأكثر من 10 أفراد من مديري البنوك وتم حل مجالس إدارة تلك البنوك، وهذا الأمر كان قبل 6 أشهر، وحتى الآن لم يتم تعيين مديرين للبنوك ومديري عموم، رغم أن تلك البنوك تمثل 30 في المئة من حجم المصارف السودانية والبالغة 37 مصرفا، وهذا الإجراء أدى إلى خلل كبير جدا في آداء المصارف وكنا نأمل أن يتم تهيئة المصارف وإعادة هيكلتها بما يتناسب والمرحلة القادمة”.
وأشار الناير إلى أن “الخطوة الأهم في تلك المرحلة هى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وليس التطبيع، ولو قسنا على ذلك تجربة الدول التي قامت بالتطبيع منذ عقود نجد أنها لم تجن فوائد مباشرة من عملية التطبيع، كما أن الكثير من الدول الإسرائيلية طبعت مع إسرائيل مثل إثيوبيا وأوغندا وغيرها، نجد أنه لا فوائد اقتصادية مباشرة عادت على تلك الدول بصورة مباشرة.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن عودة الحياة إلى طبيعتها في البنوك السودانية يعتمد أولاً على إنهاء الإجراءات الأمريكية المتعلقة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمقرر في 11 ديسمبر القادم، حيث إن الإجراءات الأمريكية تستغرق بعض الوقت، ونأمل ألا يحدث تغير في مفهوم الإدارة الأمريكية بعد انتخاب جو بايدن، ونستبشر خيرا بأن عهد بايدن سيكون أفضل بكثير جدا من عهد ترامب والذي لم يكن يدير الأمور بطريقة رشيدة وأفتعل الكثير من الحروب الاقتصادية مع الصين وغيرها”.
ولفت الناير إلى أنه “قد يحدث تحسن في الاقتصاد السوداني عندما يتم تأييد قرار الرفع من قائمة الإرهاب، ووقتها سوف تستطيع المصارف السودانية استقبال التحويلات من الخارج مع سهولة انسياب حصيلة الصادرات السودانية وأيضا عمليات تحويل الأموال من أجل الاستيراد من الخارج أو للدارسين بالجامعات الغربية والأمريكية من الطلاب السودانيين، وأيضا سيكون الأمر ميسرا لمن يريدون العلاج بالخارج”.
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني ربيع عبد العاطي: “في اعتقادي أن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هي فرقعات إعلامية، فقد رفعت عنا بعض العقوبات في عام 2017 قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، لكن لم تكن لها أي تأثير على أي من القطاعات، وكانت التبريرات بأننا مازلنا في قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ”سبوتنيك”: “كانت هناك وعود كثيرة جدا للسودان فيما بعد الاتفاق الشامل والاعتراف بدولة جنوب السودان، وكانت تلك الوعود تتمثل في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ورفع العقوبات وإزاحة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بالإضافة إلى الإعفاء من الديون، ولم يتم أي من تلك الوعود”.
وأوضح المحلل السياسي أن “عدم وجود السودان في تلك القائمة لا يعني بأي حال من الأحوال أن السماء ستمطر ذهبا ورغد العيش سيأتي تباعا”.
وتابع: “لو كان الأمر كذلك لأمطرت السماء ذهبا وفضة على العراق وإريتريا وتشاد ومصر والدول العربية، فحتى الدول العربية والتي لها علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وليست في أي من القوائم الأمريكية السوداء أو البيضاء، تعاني من الضعف والاختلال في موازين مدفوعاتها نتيجة الأزمات الاقتصادية، رغم أن تلك الدول تنتج الملايين من براميل النفط وكان بإمكانها أن تحول الشرق الأوسط إلى جنان”.
وأشار عبد العاطي إلى أن “الشعب السوداني كله سوف يرى النتائج بعد هذا القرار، وأتوقع ألا تكون هناك نتائج إيجابية لتلك الخطوة على السودان، فلو كان الأمر بيد تلك القوائم لكان الجنوب الذي انفصل عن السودان منذ عقد يعيش رفاهية الآن، فليس مسجلا بقوائم الإرهاب وليس عليه عقوبات وهو منتج للنفط، هناك نوع من الأمنيات بأن هناك تأثير إيجابي لرفع اسم السودان من القائمة، وللأسف هو سراب وليس حقيقة”.
ويقول مصرفيون ومحللون إن العملية ستكون بطيئة على الأرجح ، واستعادة العلاقات المصرفية الدولية قد تعطي دعما حيويا لاقتصاد لا يزال في أزمة بعد أكثر من 18 شهرا من انتقال سياسي في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.
والبنوك ممنوعة من علاقات المراسلة التي تشتمل على الدولارات الأمريكية وتجد صعوبة في التعامل بعملات رئيسية أخرى منذ حوالي عشرين عاما، وهو ما يضطرها إلى الاعتماد بشكل أساسي على الدرهم الإماراتي للمعاملات.
ويعتمد المستوردون على سماسرة بتكاليف مرتفعة، في دبي بشكل رئيسي، للحصول على العملات الأجنبية، وهو ما يعني تكلفة إضافية على المستهلكين المحليين ويساعد في تفاقم التضخم الذي يبلغ حاليا 220 بالمئة.
وفي 27 أكتوبر، قال الرشيد عبد الرحمن مدير عام بنك “البركة” السوداني إن البنك أتم أول تحويل نقدي مقوم بالدولار في سنوات للسودان، إذ جلب دولارات مصدرها نيويورك عبر شقيقه بنك البركة مصر الذي مقره القاهرة.
وأضاف الرشيد عبد الرحمن علي أن التحويل، وهو لشركة تجارية سودانية، كان الأول في حوالي 20 عاما.
وفي 20 أكتوبر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بينما يسعى لدفع البلاد للموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأرسل في وقت لاحق القرار إلى الكونجرس الذي أمامه 45 يوما للموافقة عليه أو رفضه.

Advertisement

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى