آراء

عُمان 2021.. إرادة عُمانية حكيمة تؤسس لمستقبل واعد

مسقط: خاص

Advertisement

يودع العُمانيون عام 2021، الذي شهد إنجازات عدة وإصدار مراسيم تاريخية تؤسس لمستقبل واعد وتسهم في تسريع الخطى لتحقيق رؤية “عُمان 2040”. وشهد مطلع عام 2021 مرسومين تاريخيين أصدرهما صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – في 11 يناير الماضي في الذكرى الأولى لاعتلائه العرش، يتعلقان بالنظام الأساسي للدولة والآخر بالسلطة التشريعية.

مرسومان تم بموجبهما وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في تاريخ البلاد. كما تم تحديد مهام واختصاصات البرلمان، إضافة إلى تغييرات أخرى شملت مختلف مناحي الحياة ومختلف الأجهزة والسلطات في السلطنة، تدشن مرحلة جديدة يسطر فيها العُمانيون مسيرة نهضتهم المتجددة نحو مستقبل واعد، بنظام حكم يمثل لهم صمام الأمان.

Advertisement

مرسومان تاريخيان

فقد شهد مطلع عام 2021 صدور النظام الأساسي للدولة وفقًا للمرسوم السلطاني رقم 6/ 2021 ليكون ركنًا أساسًا لمواصلة الجهود وصياغة مستقبل أفضل لعُمان والعُمانيين، وقاعدة رصينة لنهضتهم المتجددة. وشمل المرسوم “وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، ووضع آلية تعيين ولي العهد وبيان مهامه واختصاصاته”. وتضمن “التأكيد على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة، والتأكيد على دور الدولة في كفالة المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين. وفي إطار حوكمة مؤسسات الدولة، أفرد النظام الأساسي فصلًا خاصًا لمتابعة الأداء الحكومي ورقابته بإنشاء لجنة تتبع السلطان تتولى متابعة وتقييم أداء الوزراء ووكلاء الوزارات ومن في حكمهم.

أما المرسوم الآخر فيتعلق بقانون مجلس عُمان الذي يتكون من مجلس الشورى المنتخب ومجلس الدولة المعين ويتضمن اختصاصات المجلس وشروط العضوية وجميع حقوق وواجبات الأعضاء إضافة إلى تنظيم كل ما يتعلق بشؤون المجلس. وجاء إصدار المرسومين لتلبية متطلبات السلطنة في المرحلة القادمة وانسجامًا مع “رؤية عٌمان 2040”.

تحمل تلك المراسيم أهمية خاصة لأكثر من سبب أولها أن النظام الأساسي للدولة يعد بمثابة دستور سلطنة عُمان ويوفر الإطار القانوني لتطوير وتنفيذ كافة التشريعات والسياسات الحكومية. كما أن وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، ووضع آلية تعيين ولي العهد وبيان مهامه واختصاصاته، أمر من شأنه تحقيق المزيد من الاستقرار والازدهار على الصعيدين الحالي والمستقبلي في البلاد.

وركز النظام الأساسي للدولة على حقوق وواجبات المواطنين العُمانيين التي تتضمن عدم التمييز بأي شكل من الأشكال، والمساواة بين المرأة والرجل ورعاية الطفل والمعاقين والنشء، والشباب، وإلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي وتشجيع إنشاء الجامعات والنهوض بالبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين، والحق في الحياة والكرامة الإنسانية والحياة الآمنة وحُرمة الحياة الخاصة.

أي أن النظام الأساسي الجديد حدد ملامح وإطارات لمختلف مناحي الحياة في السلطنة بدءا من آلية انتقال الحكم حتى حقوق المواطن، ومرورا بأجهزة الدولة المختلفة التنفيذية والتشريعية والقضاء وآليات الرقابة والشفافية والمساءلة.

ونظرا لتلك الأهمية لهذا المرسوم، تضمن عددا من الملامح والأهداف والأطر العامة، من بينها أنه يأتي تأكيدا للمبادئ التي قامت عليها سلطنة عُمان، ووجهت سياستها في مختلف المجالات، ونهضت بها: محليا، وإقليميا، ودوليا، وترسيخا لمكانة عُمان الدولية، ودورها في إرساء أسس العدالة، ودعائم الحق والأمن والاستقرار والسلام بين مختلف الدول والشعوب.

يأتي ذلك في إطار تصميم السلطنة على مواصلة الجهود لصياغة مستقبل أفضل، يتسم بمزيد من الإنجازات التي تعود بالخير على الوطن والمواطنين، واستمرارا لمشاركة أبناء الوطن، وتمكينهم من صنع مستقبلهم في جميع مناحي الحياة، وصونا للوطن، وحفاظا على أرضه، ووحدته، ونسيجه الاجتماعي، وحماية لمقوّماته الحضارية، وتعزيزا للحقوق والواجبات، والحريات العامة، ودعما لمؤسسات الدولة، وترسيخا لمبادئ الشورى.

رؤية عُمان 2040

ودشنت السلطنة مطلع عام 2021 «رؤية عمان 2040» وسط أوضاع صحية واقتصادية سيئة جدا إلا أن قوة الإرادة ووضوح الرؤية جعلت عُمان تنجح بجدارة في الصمود أمام مرحلة «الخطر العالي جدا» في الجانب المالي مطلع العام الجاري وهي مرحلة كانت امتدادا للعام الماضي، بل ان السلطنة حققت الكثير من المكاسب قبل نهاية العام حين تحولت الكثير من المؤشرات المالية والاقتصادية التي كانت في مرحلة «الخطر العالي» إلى المرحلة الإيجابية عبر الإدارة «الحكيمة» للأزمة وتطبيق خطة التوازن المالي إضافة إلى الكثير من الحزم الإصلاحية في الجوانب الاقتصادية وفي إدارة الموارد المالية. وتتوقع وزارة المالية أن تحقق سلطنة عمان نموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 13.8% مقارنة بالعام الماضي رغم كل الظروف التي أحاطت بالمشهد المالي ليس في السلطنة فقط ولكن في جميع بلاد العالم.

وأطلقت السلطنة مطلع 2021 خطّة التّنمية الخمسيّة العاشرة (2021 ـ 2025)، والتي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان. وترتكز على 4 محاور رئيسة تتفرع منها 14 أولويّة وطنيّة و88 هدفًا استراتيجيًّا و68 مؤشّرًا لقياس الأداء. وتسعى الخطة الخمسية العاشرة إلى تحقيق عددٍ من الأهداف من بينها “تحفيز النّشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلّي ورفع كفاءة إدارة الماليّة العامّة وتحقيق التوازن بين إجراءات ضبط وترشيد الإنفاق العام خاصة الجاري منه.

السياسة الخارجية

كما شهد أيضا عام 2021، جهوداً عُمانية حثيثة لتعزيز العلاقات مع أشقائها في دول الخليج، تُوّجت بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العُماني، وافتتاح الطريق البري العُماني السعودي الذي يبلغ طوله 725 كيلومترًا، وتوقيع اتفاقيات عدة لتعزيز التعاون بين السلطنة وقطر، وإجراء مباحثات عديدة لدعم العلاقات بين عمان والإمارات.

فعلى صعيد سياساتها الخارجية، حافظت السلطنة في عام 2021 على ثوابت سياستها الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات. وواصلت مع أشقائها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الإسهام في دفع مسيرة التعاون، والنأي بالمنطقة عن الصراعات والخلافات، والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدم تطلعات الشعوب العربية.

وفي هذا الصدد، أجرى صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق زيارة إلى السعودية في 11 يوليو الماضي هي الأولى له خارجيا منذ توليه مقاليد الحكم، التقى خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. وقد تُوّجت الزيارة بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العُماني وفتحت آفاقًا أرحب وأوسع بين البلدين للتعاون في مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية.

أيضا زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السلطنة يومي 6 و7 ديسمبر الجاري ضمن جولة خليجية تم خلالها افتتاح الطريق البري العُماني السعودي الذي يبلغ طوله 725 كيلومترًا، والذي سيُسهم في سلاسة تنقل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين البلدين الشقيقين، وتم تدشين المنفذين العُماني والسعودي.

وأكد البلدان عزمهما على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي المشترك من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تخدم رؤية عُمان 2040 ورؤية المملكة 2030، وتعزز من فرص الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين.

ووقّعت سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية خلال الزيارة على 13 مذكرة تفاهم، من أجل العمل المُشترك في مشروعات محددة ضمن القطاعات الاقتصادية الواعدة، عبر قيام عدد من الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني والقطاع الخاص بتوقيع هذه المذكرات مع نظيراتها من الجانب السعودي. كما وقع البلدان مذكرتي تفاهم تتعلقان بتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات التجارية، والمواصفات والجودة والقياس والمعايرة والمختبرات، إضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم في المجال الإعلامي تتعلق بتعزيز التعاون المشترك بين البلدين.

أيضا أجرى صاحب الجلالة زيارة لقطر يومي 22 و23 نوفمبر الماضي، أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، ووقّع البلدان 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عدة. كما شهدت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان تطورا ملحوظا في جميع المجالات، تجلت مظاهره في الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة، والتي شهدتها وتيرتها زيادة ملحوظة عام 2021.

وقبل أيام من ختام عام 2021، أجرى جلالته زيارة إلى المملكة المتحدة يومي 15 و16 ديسمبر أجرى خلالها لقاءات ومباحثات لتعزيز التعاون بين البلدين مع الملكة إليزابيث الثانية والأمير تشارلز أمير ويلز ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

زيارات ومراسيم وإنجازات شهدتها السلطنة عام 2021، تؤسس لمستقبل واعد، بنظام حكم يمثل لهم صمام الأمان، كما تتضمن أطرا ومعايير تسهم في تسريع الخطى لتحقيق “رؤية عٌمان 2040” التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى