آراء

وحدة 8200 الاسرائيلية ودورها في الأكاذيب والفتن

بقلم : د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي

Advertisement

يا ترى كم من النعرات الطائفية حدثت بين أبناء الأمتين العربية والإسلامية خلال العقود الماضية؟ ومن هي الأطراف التي تغذي هذه النعرات والاقتتال الطائفي بين الجماعات الإسلامية من السنة والشيعة والإباضة وغيرها من المذاهب الإسلامية الأخرى وخاصة في الوسائل الإعلامية والتواصل الاجتماعي؟؟

الجواب المختصر هو أن العدو الاسرائيلي يأتي في المرتبة الأولى في إحداث معظم هذه الاضطرابات الدينية والسياسية والعسكرية بين أبناء الدول العربية والإسلامية من خلال وحدة التنصت التي أنشأها ضمن القنوات الاستخباراتية له في أجهزة الأمن الاسرائيلية عام 1952م ، ألا وهي وحدة 8200 التي تضاهي في عملها وكالة الأمن القومي الأمريكي.

Advertisement

فهذه الوحدة تشمل العديد من العناصر الشابة التي تتحدث اللغات العربية والفارسية بجانب اللغات الأجنبية الأخرى ، بالإضافة إلى تمتعهم بالعلوم والبرمجة والتفكير الإبداعي وسرعة البديهة ، التي تعتبر من الصفات المهمة للعمل في هذه الوحدة ، والتي تضم آلافا من الأشخاص من أجل التجسس الإلكتروني ، وجمع المعلومات عن الأشخاص والمؤسسات المعادية لهذه الدول اللقيطة التي أنشاتها بريطانيا وأمريكا عام 1948 على أرض فلسطين ، والتي نجحت لاحقاً في خلق العديد من الحروب الإلكترونية والاقتتال الاعلامي بين المسلمين والعرب ، وفي التنصت اليومي على الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وخارج حدود فلسطين. ولا يستبعد البعض بأن هذه الوحدة لها أذرع في السفارات الأمريكية والأوروبية المتواجدة في الدول العربية والإسلامية للتجسس على الدول المضيفة ، وما تقوم به الشخصيات والمنظمات التابعة للمجتمعات المدنية والحراك الشعبي في تلك الدول. كما ولها أيضا جواسيس وعملاء في المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة لمساعدة هذه الوحدة في عملها اليومي.

فهي وحدة متخصصة في التجسس الإلكتروني ، ومن ضمن أهدافها المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات من خلال عملها في الرصد، والتنصت ، والتصوير ، والتشويش على الدول والشخصيات. ومن هذا المنطلق تقدمت بتحقيق الكثير من الانجاز في مجال الحروب الطائفية بين العرب والمسلمين ، بجانب نجاحها في مجال تطوير الصناعات والتقنيات الإلكترونية المتقدمة ، وجذب الملايين من الأموال للشركات الخاصة في العالم للاستثمار في الحواسيب والاتصالات والعمل الالكتروني بصفة عامة.

وعلى سبيل المثال لعبت هذه الوحدة دوراً أساسيا في الحرب الإلكترونية ضد المشروع النووي الإيراني ، وفي تعطيل بعض المنشآت النووية الإيرانية وقتل خبرائها وعلمائها ، وفي زرع أجهزة تنصت في مكاتب ومرافق حيوية في عمق البلدان العربية ، خصوصا تلك المعادية لإسرائيل ، وفي تنفيذ بعض عمليات الاغتيال التي حدثت في الدول العربية خلال العقود الماضية في كل من لبنان والعراق وسوريا وتونس وغيرها. فهي التي تشعل وتسعّر الحروب الاعلامية بين أبناء دول كالمغرب والجزائر على سبيل المثال أو مصر والسودان ، أو قطر والسعودية وغيرها. وهي التي تضع تصوراتها عما يمكن أن يجري في حال اقتراب الدول الخليجية في علاقاتها السياسية مع إيران وخلق نظرية إيران فوبيا. فهذه الوحدة قادرة على رصد ملايين الرسائل ذات القيمة الاستخباراتية ومعالجة كلماتها والرد على استفسارات المتحدثين بصورة تؤدي إلى زرع مزيد من الفتن والاقتتال بين أبناء المسلمين.

ورغم قوة هذه الوحدة إلا أن الأقدار شاءت أن يخترقها أبناء فلسطين في السابع من أكتوبر عام 2023 في عملية «طوفان الأقصى» وفي أكبر فشل لها في التاريخ الإسرائيلي ، وتمكين المجاهدين من الحصول على الكثير من المعلومات المهمة التي ستكشف حقائق وقضايا مخفية عن الكثير من الأمم والدول ، التي سيتم نشرها لاحقا.

وبالتالي فقد لحقت بهذه الوحدة خسائر كبيرة خلال الآونة الأخيرة بعد ما كشفت عملية « طوفان الأقصى» بأن هذه الدولة تعيش في بيت العنكبوت ويمكن مواجهتها بالرجال الأوفياء في حال توحد الأمة العربية والاسلامية. كما أن هذه العملية أدت إلى تراجع سرية وقوة أجهزتها الحربية والقتالية بالرغم مما تملك من وحدات وأجهزة وعتاد وخبرات ومعلومات سواء عن المؤسسات الإسرائيلية أو العربية او الأجنبية من خلال عملها في المجال السيبراني ، وتحليل المعلومات ، والاختراق الهادف للآخرين. فهذه الوحدة تعد واحدة من أكبر قواعد التنصت على مستوى العالم ، وتختص في زرع أجهزة التنصت في مكاتب ومرافق حيوية داخل البلدان العربية لخلق مزيد من الفتن بين أبناء الوطن العربي ، ومن خلال تتبعها للاجهزة الاذاعية والتلفزيون والصحف والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ، بالاضافة إلى ما تتلقى من معلومات تنصت سرية من السفارات الإسرائيلية بالخارج ، وفي استغلالها للكابلات البحرية في العالم.

وختاماً، فإن وحدة 8200 الاستخباراتية الإسرائيلية لها دور كبير في مواصلة الحراك الشعبي والسجال المتواصل على شبكات التواصل الاجتماعي في الدول العربية ، وهذا ما يجب الحذر منه بألا نصلُ إلى خلق فوضى وضبابية وفوضى في الدولة الواحدة ، ونبث مزيداً من الشقاق والخلافات فيما بيننا ، بسبب قيام بعض الواهمين وأصحاب الشائعات والكذب والفتن بحسابات وهمية في إشعال الحروب الإعلامية التي تترك آثاراً سلبية على مختلف أوضاع الأمتين العربية والإسلامية، ووصف بعضنا البعض بالخيانة والتبعية للآخرين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى