في ملتقى لـ ” التنمية الاجتماعية” استعراض الأحكام والتدابير غير الاحتجازية في قضاء الأحداث
مسقط : هرمز نيوز
بدأت يوم أمس (الثلاثاء الموافق 3/10/2023م) أعمال ملتقى المراقبين الاجتماعيين ، والذي يتطرق هذا العام لـ” الأحكام والتدابير غير الاحتجازية في قضاء الأحداث” ، وتنظمه وزارة التنمية الاجتماعية ممثلة بدائرة شؤون الأحداث لمدة يومين بهدف استعراض سلطنة عُمان الأحكام والتدابير البديلة غير الاحتجازية في قضاء الأحداث ، والاستفادة من التطورات العربية في هذا المجال ، والتركيز على جهود المؤسسات في القطاعين العام والخاص في تطبيق تلك الأحكام والتدابير البديلة.
كما يهدف الملتقى – الذي يقام بفندق انترسيتي مسقط- إلى التعريف بالتدابير والأحكام البديلة للعقوبات غير الاحتجازية في قضاء الأحداث ، والوقوف على دور وجهود الجهات والمؤسسات المختلفة في سلطنة عُمان في تيسير تنفيذ التدابير ، وإيجاد شراكة وتعاون مستمرّين بين مختلف القطاعات في سلطنة عُمان للحد من مشكلات انحراف وجنوح الأحداث ، إلى جانب الخروج بنتائج ومؤشرات وتوصيات حول آلية تطبيق الأحكام البديلة للتدابير غير الاحتجازية وبما يحقق المصلحة الفضلى للحدث.
حماية متكاملة
وشهد هذا الملتقى الذي أقيم تحت رعاية سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية إلقاء فهد بن زاهر الفهدي مدير دائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية كلمة الوزارة ، وقال فيها : جاءت رؤية عُمان 2040 لعبور التحديات ومواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية وتعزيز الرفاه الاجتماعي ، وتعتبر أولوية الرفاه والحماية الاجتماعية إحدى الأولويات الوطنية لهذه الرؤية ، والتي تهدف إلى تحقيق حماية اجتماعية متكاملة موجهه للفئات الأكثر احتياجًا لتمكينها من الاعتماد على الذات والمساهمة في الاقتصاد الوطني ، وكذلك إيجاد مجتمع مغطّى تأمينيًا بشبكة اجتماعية فاعلة ومستدامة وعادلة.
كما ذكر بأن وزارة التنمية الاجتماعية تبنّت استراتيجية العمل الاجتماعي ” 2016-2025″ فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية كأحد المحاور الأساسية التي تسعى لتقديم الرعاية والحماية الاجتماعية اللازمة في خططها وبرامجها الإنمائية ، واهتمامًا من المديرية العامة للرعاية الاجتماعية ممثلة في دائرة شؤون الأحداث ، والتي تقوم بتقديم الرعاية الاجتماعية لفئة الأحداث باعتبارهم من الفئات الأكثر احتياجًا لتمكينهم وإدماجهم في المجتمع ليكونوا أفرادًا منتجين ومساهمين في تنمية البلاد.
مكانة بارزة
وأشار الفهدي بأن ظاهرة جنوح الأحداث تشكّل تهديدًا متناميًا لأمن المجتمع واستقراره وخططه التنموية وبنائه الأسري ، وتعد مشكلة جنوح الأحداث من المشاكل الاجتماعية التي تحتل مكانة بارزة في ميدان الطفولة والمراهقة ، وهي مشكلة ذات أبعاد بيولوجية ونفسية واجتماعية ، وهناك العديد من الجهود المبذولة للحفاظ على العادات والتقاليد وغرس الهوية العُمانية والإنتماء لهذا الوطن من خلال تكاتف الجهود بين مختلف الجهات الشريكة الحكومية والأهلية التي تساهم في تعميق الإنتماء والولاء للوطن والحفاظ على التماسك الأسري.
واستعرض مدير شؤون الأحداث في كلمته المؤشرات الإحصائية في مختلف محافظات سلطنة عُمان بنهاية عام 2022م ، حيث بلغ عدد الأحداث الجانحين 398 حدثًا من بينهم 358 حدثًا جانحًا ، وعدد 40 حدثًا معرضًا للجنوح ، ومعتبرًا التدابير والأحكام البديلة غير الاحتجازية أحد التوجيهات المعاصرة في إعادة وتأهيل وإصلاح الأحداث ، كما يعتبر مطلبًا مهمًا لإنسجام الأحداث مع أسرهم وأقرانهم من نفس الفئة العمرية في بيئاتهم الطبيعية وبما يكفل استدامة تعديل سلوكهم وتذليل الصعوبات المعيّقة لتكيّفهم وإندماجهم في المجتمع .
وشاهد راعي الحفل والحضور عرض مرئي يعكس الاهتمام بفئة الأحداث في سلطنة عُمان من خلال جهود الرعاية والتأهيل والدمج الذي تضطلع به وزارة التنمية الاجتماعية بحق فئة الأحداث وبالتعاون مع الجهات الشريكة في هذا الجانب.
العقوبات البديلة
وتضمن الملتقى في يومه الأول تقديم خمس أوراق عمل ، وجاءت الأولى بعنوان : “الأحكام والقرارات القضائية غير الاحتجازية وأثرها في تعديل سلوك الأحداث” ، وتناول خلالها فضيلة سليمان بن سيف النبهاني رئيس محكمة مسقط الابتدائية التعريف بقانون مساءلة الأحداث والأحكام البديلة المرتبطة بها كتدابير الرعاية والإصلاح للأحداث ، كما تضمنت ورقته تأثير التدابير البديلة غير الاحتجازية على سلوك الأحداث خارج المؤسسات الإصلاحية كتطبيق الاختبار القضائي ، والذي يكون تحت إشراف ومتابعة المراقب الاجتماعي.
عقبها ورقة العمل الثانية عن : “العقوبات البديلة في التشريع العُماني” وتناول خلالها الدكتور راشد بن عبيد الكعبي مساعد المدعي العام مبررات تطبيق العقوبات البديلة من ناحية الآثار النفسية والاقتصادية والاجتماعية وصعوبة تطبيق برامج الإصلاح ، والعقوبات البديلة في التشريع العُماني كوقف التنفيذ ، والاختبار القضائي ، والإفراج بشرط ، والتدريب المهني ، والإلزام بواجبات معينة.
كما ذكرت الدكتورة مشاعل آل مبارك من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية في ورقة العمل الثالثة : “خدمة المجتمع كبديل للعقوبات السالبة للحرية وتأثيرها في تقويم السلوك” بأن يتم استبدال الحبس أو السجن بعقوبات أخرى ينفذها الجاني خارج أسوار السجن ، وتضمن في نفس الوقت إصلاح سلوك الجاني وتحقيق العدالة الجنائية ، وتضطلع عقوبة خدمة المجتمع بعدد من الأدوار التي تنتهي لصالح كل من الجاني والمجتمع ، وتتطلب لإنجاحها تضافر الجهود بين عدد من الجهات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية ، كما تقتضي تحديد إطار تنظيمي واضح لعلاقات العمل والتعاون بين الأطراف المعنية لتطبيق خدمة المجتمع كعقوبة بديلة.
تشريعات تشغيلهم
وتناول مسعود بن سعيد المحرزي باحث قانوني بدائرة الشؤون القانونية بوزارة العمل في الورقة الرابعة : “التشريعات المتعلقة بتشغيل الأحداث” من خلال ذكر المادة 98 من قانون العمل ، والتي تنص على أنه “يحظر تشغيل العامل الحدث من الجنسين أو السماح له بالدخول في أماكن العمل ما لم يبلغ سن 15 من عمره ، ويجوز بقرار من الوزير رفع هذا السن في بعض الصناعات والأعمال والمهن التي تقتضي ذلك” ، كما استعرض المادة 99 من ذات القانون ، والتي تنص “لا يجوز تشغيل العامل الحدث فيما بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحًا ، كما لا يجور تشغيله تشغيلًا فعليًا مدة تزيد على 6 ساعات في اليوم الواحد ، ولا يجور إبقاء العامل الحدث في مكان العمل أكثر من 7 ساعات متصلة ، ويجب أن يتخلل ساعات العمل فترة فأكثر للراحة وتناول الطعام لا تقل في مجموعها عن ساعة ، وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغل العامل أكثر من 4 ساعات متصلة ، وأيضا المادة 100 التي تنص ” لا يجوز تكليف العامل الحدث بالعمل لساعات إضافية ، أو إبقاؤه في مكان العمل بعد المواعيد المقررة له ، كما لا يجوز تشغيله في أيام الراحة الأسبوعية أو الإجازات الرسمية ، كما تطرق المحرزي في هذه الورقة إلى المواد القانونية الأخرى المتعلقة بالمهن التي يعمل فيها الأحداث ، ونظام تشغيل الأحداث والظروف والأحوال والأعمال والمهن التي يتم فيها التشغيل.
واختتم الملتقى يومه الأول بالورقة الخامسة حول : “المنظور النفسي للعقوبات البديلة للأحداث” ، وقدمتها الدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية استشارية طب نفسي وأطفال ويافعين بمستشفى المسرّة ، وتناولت فيها التأثيرات النفسية من العقوبات التقليدية كالضغط النفسي والقلق وتزايد احتمالية الاصابة بالاكتئاب ، وعدم القدرة على الاندماج الاجتماعي ، والتوجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي ، والسلوكيات العدوانية ، كما تحدثت عن النظريات النفسية وتطبيقها على العقوبات البديلة كنظرية السلوك الإيجابي ، ونظرية نماذج الأدوار ، ونظرية التعلم الاجتماعي ، ونظرية التحفيز الذاتي ، إلى جانب الأثر النفسي للعقوبات البديلة من حيث تحسين مهارات التعامل مع الناس ، وتحسين التقدير الذاتي ، والتكيف مع القواعد والمعايير الاجتماعية ، والحد من الضغط والتوتر وغيرها .
ويشهد الملتقى (الثلاثاء الموافق 4 / 10 / 2023م) مناقشة فريق العمل المشترك لمراجعة قانون مساءلة الأحداث ، وتقديم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف ” ورقة حول ” الصحة والسلامة لتشغيل الأحداث”.