الصحة تطلق السياسة الصحية الوطنية لتطوير منظومة الرعاية وتعزيز الشراكات
تجسيدًا لرؤية عُمان 2040

مسقط : هرمز نيوز
في إطار جهود سلطنة عُمان الرامية إلى تعزيز النظام الصحي الوطني وتحقيق التغطية الصحية الشاملة والمستدامة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية “عُمان 2040″، أطلقت وزارة الصحة ممثلة بالمديرية العامة للتخطيط، اليوم (الأربعاء)، السياسة الصحية الوطنية لسلطنة عُمان، وذلك في حفل أقيم بفندق قصر البستان، تحت رعاية معالي السيد الدكتور سلطان بن يعرب البوسعيدي – مستشار بالمكتب الخاص – وبحضور معالي الدكتور هلال بن علي السبتي – وزير الصحة – وعدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة، ومسؤولين من القطاع الصحي، وممثلين عن منظمات دولية معنية بالشأن الصحي، وجمع من المدعوين.
تضمن برنامج الحفل كلمةً ألقاها سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري – وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتنظيم الصحي – أشار فيها إلى أن إعداد السياسة جاء ثمرة جهود تكاملية وتعاون مشترك بين مختلف القطاعات والشركاء، في إطار نهج تشاركي ينسجم مع رؤية عُمان 2040، ويواكب التطورات الصحية الإقليمية والعالمية، ليشكل قاعدة راسخة لبناء منظومة صحية أكثر كفاءة وعدالة واستدامة.
وأوضح سعادته أن السياسة الصحية الوطنية ترتكز على مبدأ “الصحة للجميع وبالجميع”، بما يعكس الرؤية الجامعة بأن صحة الأفراد مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع القطاعات لضمان الوصول العادل والكفؤ إلى الخدمات الصحية.
وأضاف: “من المعروف أن صحة الإنسان تتأثر بمجموعة من العوامل التي تقع خارج نطاق القطاع الصحي التقليدي، مثل التعليم، والسكن، ومستوى الدخل، وظروف العمل، إضافة إلى العوامل البيئية والاقتصادية، ومن هنا جاء تبني نهج ‘الصحة في جميع السياسات’ ليؤكد على أهمية التكامل والتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع، بغرض تعظيم الفوائد الصحية، وتقليل الآثار السلبية للسياسات العامة على صحة السكان”.
وبيّن أن هذا النهج يهدف إلى تحسين صحة السكان وتعزيز العدالة الصحية، وضمان إدماج البُعد الصحي في عملية صناعة السياسات، ودعم اتخاذ قرارات تراعي الصحة العامة وتسهم في استدامة النظم الصحية.
كما استعرض سعادته الجهود متعددة القطاعات المبذولة في سبيل تعزيز الصحة، مشيرًا إلى عدد من المبادرات واللجان الوطنية ذات الصلة، منها اللجنة الوطنية للوقاية من الأمراض غير المعدية، واللجنة الوطنية لمكافحة التبغ، واللجنة الوطنية للصحة المدرسية، إلى جانب المبادرات المجتمعية البارزة، واستضافة سلطنة عُمان للمؤتمر الوزاري العالمي الثالث رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات.
واختتم سعادته كلمته باستعراض التحديات التي تواجه تنفيذ نهج “الصحة في جميع السياسات”، وسبل مواجهتها لضمان فاعلية التطبيق واستدامة النتائج.
من جانبها، أكدت سعادة الدكتورة حنان بلخي – المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط – في كلمتها أن السياسة الصحية الوطنية لسلطنة عُمان تنسجم مع البرنامج العام الرابع عشر لمنظمة الصحة العالمية، والخطة التشغيلية الإستراتيجية لإقليم شرق المتوسط للفترة 2025 – 2028، والمبادرات الإقليمية الثلاث الرامية إلى توسيع الوصول إلى الأدوية، وتعزيز القوى العاملة الصحية، والتصدي لسوء استخدام المواد.
وأضافت: “تمثل السياسة إطارًا إستراتيجيًا واضحًا يقود مسيرة عُمان الصحية خلال العقد المقبل، وتُعد نقطة قوة بارزة لكونها تُعزز مفهوم المسؤولية المشتركة عن صحة السكان ورفاههم”.
وفي عرض تفصيلي حول السياسة الصحية الوطنية، قدم الدكتور قاسم بن أحمد السالمي – المدير العام للتخطيط بوزارة الصحة – لمحة عن الأسباب والدوافع التي استوجبت تحديث السياسة، مشيرًا إلى أن آخر نسخة منها تعود إلى عام 1992، ما استدعى مواءمتها مع التحولات الراهنة ورؤية عُمان 2040.
واستعرض خلال عرضه المحاور الأساسية والمرتكزات التي تقوم عليها السياسة، إضافة إلى التمكين المؤسسي المطلوب لتحقيق الأهداف، مؤكدا أهمية دور القطاعات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع في دعم تنفيذ السياسة على أرض الواقع، واختتم بعرض التوجهات المستقبلية وخارطة الطريق نحو التنفيذ الفاعل.
وتُعد السياسة الصحية الوطنية إطارًا إستراتيجيًا متكاملًا لتعزيز صحة المجتمع العماني، وتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، بما يضمن توفير رعاية صحية عادلة ومتكاملة، والارتقاء بجودة الخدمات، وتعزيز الابتكار في تقديم الرعاية الصحية.
وتُشكل السياسة الصحية الجديدة نقلة نوعية في تحديث النظام الصحي الوطني، بما يواكب متطلبات العصر ويواجه التحديات الحالية والمستقبلية، من خلال التركيز على الاستدامة، والحوكمة الرشيدة، وتعزيز الشراكات، وتبني نموذج رعاية صحية يأخذ بعين الاعتبار التحولات الديموغرافية والوبائية، ويعزز التمويل الصحي المستدام، ويوظف التقنيات الرقمية الحديثة.
كما تهدف السياسة إلى مواجهة التحديات المتزايدة مثل ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض غير السارية، وزيادة نسبة الشيخوخة في المجتمع، وضمان استمرارية التمويل الصحي، إلى جانب تعزيز جودة الخدمات، وتوسيع نطاق اللامركزية في اتخاذ القرار، وتطوير الحوكمة الصحية.
ولتحقيق الأهداف المرسومة، تُشدد السياسة على أهمية العمل المشترك بين مختلف القطاعات، إذ يضطلع القطاع التعليمي بدور أساسي في التثقيف والتدريب الصحي، بينما يُسهم القطاع الاقتصادي في توفير الموارد وتحفيز الاستثمار الصحي، في حين يعمل القطاع الاجتماعي على تحسين الظروف المعيشية، ويُعنى القطاع البيئي بحماية الصحة من آثار التلوث، ويُوفر القطاع الأمني البيئة الآمنة التي تُسهم في تعزيز جودة الحياة.
وسيصاحب حفل الإطلاق ندوة حوارية يشارك فيها كل من: سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري، وسعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي – وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية – وسعادة الدكتورة حنان بلخي، فيما يدير الجلسة الدكتور يوسف بن محمد الفارسي – المدير العام للخدمات الصحية لمحافظة مسقط.
وتتناول الندوة ثلاثة محاور رئيسية هي: تحقيق الصحة والرفاهية في ظل نظام عالمي معقد ومتغير، ومعالجة المحددات الجذرية للصحة والأمراض، إلى جانب تعزيز مفهوم “الصحة في جميع السياسات”، وتطوير نهج الرعاية الصحية الأولية، بما يعزز قدرات النظام الصحي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
ومن المنتظر أن يحضر الندوة عدد من مديري العموم والدوائر في الوزارة، ومديري عموم الخدمات الصحية في المحافظات، إلى جانب مسؤولي التخطيط، مما يعكس أهمية الحدث كمحطة حوارية استراتيجية تُرسخ مفاهيم التعاون والشراكة.
تجدر الإشارة إلى أن السياسات الصحية الوطنية تُعد ركيزة أساسية في التوجيه الإستراتيجي للنظام الصحي، حيث تُسهم في تحديد الأولويات، وتنظيم توزيع الموارد، وتحسين جودة الخدمات، وضمان الاستدامة المالية. كما تُعزز العدالة في الحصول على الرعاية الصحية في جميع مناطق السلطنة، وتُشكل الأساس لتعميق التكامل بين القطاعات المختلفة لضمان تقديم خدمات صحية عالية الجودة لكافة أفراد المجتمع.