استراتيجية التوازن بين الإنفاق الحكومي والإنفاق الاستثماري تؤتي ثمارها بالسلطنة
مسقط : خاص
انتهجت السلطنة استراتيجية التوازن بين ترشيد الإنفاق الحكومي والتوسع في الإنفاق الاستثماري ، خلال تجربتها في الإصلاح الاقتصادي الذي حقَّقت به خطوات واسعة متقدِّمة ، وهو ما انعكس بالتأكيد على مؤشِّرات الأداء الاقتصادي بشهادة المؤسَّسات العالميَّة ، وعلى خطٍّ متوازٍ تسعى من خلال سياستها التحفيزيَّة إلى جذب رؤوس الأموال الاستثماريَّة من خلال تحسين بيئتها الاقتصاديَّة بصُورة عامَّة، وتهيئة مناخ الأعمال.
انسجمت هذه الاستراتيجية مع الرؤية المستقبلية عُمان 2040 والتي دشنها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – ، مع انطلاق عام 2021 من أجل استدامة البناء والنهضة المتجددة في السلطنة ، للدخول إلى مصاف الدول المتقدمة ، ولعل نجاح هذه الاستراتيجية تأتي في توقيت مهم وهو استعداد السلطنة للاحتفال بالعيد الوطني المجيد الـ 51 في 18 نوفمبر المقبل.
إن الجهود التي تبذلها السلطنة باتِّجاه ترشيد الإنفاق الحكومي تؤتي أُكُلَها عامًا بعد آخر، فبحسب النَّشرة الشهريَّة لوزارة الماليَّة ، انخفض الإنفاق العام للدولة بنهاية أغسطس 2021م بنسبة 1.7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م ليبلغ 7 مليارات 382.6 مليون ريال عُماني مقارنة بـ 7مليارات 511.5 مليون ريال عُماني حتَّى نهاية أغسطس 2020م، ما سيكون له دور ملموس في انخفاض التضخُّم بالسلطنة، كما أثَّر التَّرشيد المُتواصل في الإنفاق على العجز بشكْلٍ جَلِي، حيث سجَّلت الميزانيَّة العامَّة للدولة حتَّى نهاية أغسطس الماضي انخفاضًا في العجز بنسبة 46.3% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020م ليبلغ مليارًا 51.8 مليون ريال عُماني، وهو ما يؤكِّد أنَّ البلاد تعتمد بشكْلٍ صحيح على سياسات اقتصاديَّة وماليَّة ستصنع الفارق في المستقبل القريب ، حيث استكملت حتَّى نهاية سبتمبر 2021م دفع مستحقَّات القطاع الخاص مكتملة الدورة المستنديَّة والمستلمة عبر النظام المالي والبالغة حوالي 823 مليون ريال عُماني.
ولعلَّ من حُسن الطَّالع أنْ يأتي هذا الترشيد في الإنفاق الحكومي في وقت شهدت فيه الإيرادات العامَّة للدولة حتَّى نهاية أغسطس 2021م ارتفاعًا بنسبة 13.9% لتبلغ نحو 6 مليارات 330.8 مليون ريال عُماني مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020م، حيث جاء هذا مدفوعًا بتحسُّن أسعار النفط والغاز خلال الأشهر الماضيَة، ما كان له الأثر الإيجابي في تحصيل نحو 3 مليارات 309.4 مليون ريال عُماني من صافي إيرادات النِّفط ونَحْو مليار و 231.3 مليون ريال عُماني من إيرادات الغاز، وبنسبة ارتفاع بلغت 17.8% و34.2% على التوالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وبيَّنت النَّشرة أنَّ الإيرادات الجارية ارتفعت بنهاية أغسطس 2021م بنسبة 37.2% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020م، كما سجَّل النَّاتج المحلِّي الإجمالي للسلطنة بالأسعار الجاريَة في النِّصف الأوَّل من العام الجاري نَحْو 15 مليارًا و 301.9 مليون ريال عُماني مرتفعًا بنسبة 10.1% مقارنة بالنِّصف الأوَّل من عام 2020م.
وتأتي تلك المؤشِّرات لتحقِّق نظرة مستقبليَّة أكثر استقرارًا وإيجابيَّة لاقتصاد السلطنة الوطني ، وهو ما سيكون له دَورٌ مهمٌّ جدًّا في جذْب المزيد من الاستثمارات، الأمر الذي سيحقِّق النُّمو الاقتصادي المستدام المأمول، والذي تُعوِّل عليه الدولة في آفاقها المستقبليَّة ، وكان لتلك الخطوات الإصلاحيَّة تأثير كبير على التَّصنيف الائتماني للسلطنة الذي أصدرته وكالة “ستاندرد آند بورز” في الأسبوع الماضي والذي عدَّلت فيه نظرتها المستقبليَّة من مستقرَّة إلى إيجابية مع التَّأكيد على التَّصنيف الائتماني عند B+/B، والتي جاءت بالتَّأكيد كنتيجة مباشرة للإجراءات التي تتَّخذها السلطنة لمعالجة التحدِّيات الاقتصاديَّة والصحيَّة والخطوات التي اتَّخذتها نَحْو تحسين الوضع المالي إلى جانب تحسُّن أسعار النفط، والموازنة بَيْنَ ترشيد الإنفاق الحكومي، وبَيْنَ مواصلة المصروفات الاستثماريَّة (الإنمائيَّة والرأسماليَّة) للوزارات المدنيَّة.