آراء

تدشيناً للمرحلة الذهبية الواعدة .. وزير الخارجية السعودي في ايران

بقلم : وافي الجرادي

Advertisement

حينما يعقد السعوديون العزم ويتحركون رغم مثبّطات الحلفاء (الغير واثقين بهم حالاً ) ، ورغم التقارير والدراسات الكثيرة الآتية من واشنطن وتل أبيب حول خطورة ايران وبرنامجها النوووي ، وعلى الرغم من زيارة بلنيكن للرياض قبل أسبوع ولقاءه بولي العهد السعودي ، وإملاءه بأن إيران تُشكل خطراً على المنطقة ، وأن لابد من تعاون اقليمي لمواجهتها. محاولةً منه للتشويش على التحركات والمساعي السعودية صوب تنامي علاقاتها مع ايران ، وللحيلولة دون فتح السفارة السعودية في طهران وحصول المزيد من التعاون بينهما…

رغم كل ماحدث من إملاءات ومحاولات بائسة زار وزير الخارجية السعودي “فيصل بن فرحان” ايران والتقى بنظيره الايراني وبالرئيس الإيراني ” د. ابراهيم رئيسي” زيارة لها من الغايات والدلائل ما يعني أن إرادة البلدين الاسلاميين لتحسين علاقاتهما والتصالح فيما بيهما لا يمكن لأحد التشويش عليه او إحباطه ، كلاً من الرياض وطهران حريصان أشدّ الحرص على تمتين عُرى العلاقات وتصفير المشاكل ، حريصان بأن زمن القطيعة لابد من زواله وأن لابد من البدء بمرحلة جديدة وبحله ذهبية ، كما تحدث بذلك وزير الخارجية السعودي واصفاً المرحلة بالمرحلة الذهبية وأن لابد من استغلالها واستثمارها لمايعود على البلدين بالأمن والاستقرار وبما يحقق الأمن والسّلم الإقليمي…

Advertisement

من المعلوم أن السعودية وايران أعلنتا استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما في الـ 10 من مارس الماضي وذلك بعد مشاورات بين الجانبين وبرعاية صينية في العاصمة “بكين”، وتم تبادل الزيارات لوفود من الجانبين السعودي والايراني ، يليهما اجتماع وزاري لوزيري خارجية البلدين في بكين أيضاً في الـ 5 من ابريل الماضي  إلى أن تم في السادس من يونيو الجاري افتتاح السفارة الايرانية في الرياض ، وجاءت زيارة وزير الخارجية السعودي لطهران قبل أيام تتويجاً لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات يأتي في طليعتها اعادة افتتاح السفارة السعودية في طهران ، ودعوة الرئيس الايراني لزيارة المملكة.

من هذا المنطلق نستطيع القول بأن کلاً من الرياض وطهران تحرصان وتدركان جيداً أهمية عودتهما لبعض ، فكلاهما بحاجة للآخر وحتى تنتهي الأزمات والصراعات البينية لابد من التصالح والمصالحة ، وحتى يتم تجنيب البلدين الاصطدام والدخول في حرب مباشرة لا سمح الله فهما لابد وان يصطلحا ، بل أن المنطقة لا يمكنها ان تستقر إلا بدفء العلاقات والتعاون بين الرياض وطهران.

حديث وزير الخارجية السعودي “فيصل بن فرحان” في المؤتمر الصحفي مع نظيره الايراني في طهران بأن توجيهات الملك السعودي بتشكيل طواقم عمل متنوعة لتنمية العلاقات مع ايران دليلٌ بأن الرياض لا ترغب في عودة العلاقات الدبلوماسية بمفردها ، بل تحاول استثمار عودة العلاقات لتشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والأمنية ، وأن الرياض وبلا شك ستعمل على ابرام عدة اتفاقيات تجارية واستثمارية مع طهران وربما بعشرات المليارات من الدولارات ، وستُشكل ايران بالنسبة للسعودية سوقاً واعدة سيغدق عليها الكثير من العائدات المالية وتحديداً اذا ما تم الرضوخ للعقوبات الأمريكية على ايران.

كما وأن الرؤية السعودية لمسألة الأمن البحري واضحة أمام ايران ، مايعني أن ثمة رغبات سعودية متزايدة للدخول في اتفاقيات أمنية واسعه مع الجانب الايراني ، وأن مثل هكذا رؤية ستكون ضامنة لأمن واستقرار المنطقة ومن دون الحاجة للتدخّلات الأجنبية في هذا الجانب ، أي مايعني بأن الرياض وصلت الى قناعات بأن قضية الأمن في المنطقة لا ينبغي أن تظل بيد الولايات المتحدة وأن التعاطي مع ايران في هذا الجانب والدخول في تفاهمات أوسع سيقود في المستقبل القريب لتوليهما زمام الحفاظ على المصالح في  المياة الاقليمية وممرات التجارة وبالتعاون مع الصين ودون الحاجة لأمريكا مستقبلا ، ودون تبديد المليارات لصالح الجيش والقواعد العسكرية والأسطول البحري الامريكي في المنطقة.

وتنظر الجمهورية الاسلامية الايرانية لعودة العلاقات مع الرياض باهتمام بالغ ، ولطالما رأت في التوجهات والسياسات الأمريكية والصهيونية في المنطقة لعائق وحذرت من ذلك ، فخلال استقبال الرئيس الايراني د. ابراهيم رئيسي لوزير الخارجية السعودي في طهران تحدث رئيسي بأن اعداء المسلمين منزعجون من تطور التعاون الثنائي والاقليمي بين ايران والسعودية… رواية رئيسي متوافقة هذه المرة مع الرؤية السعودية ، مايعني أن الرياض باتت توافق طهران في توجهاتها فيما يتعلق بالكيان الصهيوني ، وما يؤيد ذلك هو حديث فيصل ابن فرحان بأن التعاون بين بلاده وايران سيعزز من الأمن الاقليمي وأن دولاً لاتريد للمنطقة الأمن والاستقرار في إشارة واضحة للكيان الصهيوني ، كما أن تشديد وزير الخارجية السعودي على التعاون في مجال الأمن البحري يهدف لاستبعاد أي دور اسرائيلي من شأنه أن يمكن اسرائيل من التفرد بالأمن الاقليمي….

إن التعاون السعودي الايراني في حقيقة الأمر لايصب في مصالح البلدين فحسب ، بل في مصالح كل دول المنطقة وتعزيز العلاقات السعودية الايرانية سينعكس على تعزيز العلاقات العربية الايرانية ، وتمتين علاقات الرياض بطهران ، سيدفع بكل حلفاءها الخليجيين والعرب لتمتين علاقاتهما مع ايران ، وفي هذا الطور سنلاحظ منظومه جماعية متوافقة ، تسودها مصالح وحسابات مشتركة ، وتغمرها مشاريع واستثمارات بينية تعود على المنطقة ومجتمعاتها بالرخاء والإزدهار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى