بألوان الشمس والزيتون … فلسطين في قلب عُمان
حوار مع سعادة السفير الفلسطيني لدى سلطنة عُمان "تيسير فرحات"

حاوره : سيلينا السعيد
في قلب مسقط ، حيث تلتقي الأزقة برائحة التاريخ العُماني وتنمو الثقافة كأغصان نخيلٍ راسخة ، يظل اسم فلسطين حاضراً في الوجدان العُماني ، يرفرف كعلم لا يسقط ، وتعيش بين طياته حكايات وأغاني تتردد عبر الأجيال. في هذا السياق ، كان لنا لقاء مميز مع سعادة السفير الفلسطيني لدى سلطنة عُمان ، تيسير فرحات ، الذي حمل لنا حديثاً دافئاً عن فلسطين ، شعبها ، وأرضها.
سعادة السفير ، بدايةً ، كيف يمكنكم وصف العلاقة بين فلسطين وسلطنة عُمان؟
تيسير فرحات:
“العلاقة بين فلسطين وسلطنة عُمان أعمق من أن تُحصر بمصطلحات سياسية أو دبلوماسية. هي علاقة أرواح قبل أن تكون جغرافيا. هي علاقة شجرة الزيتون التي تنمو هناك ، وتحاكي نخيل عُمان في صبره وصمته ، علاقة تربطنا بتاريخ طويل من النضال والتضامن. في عُمان ، فلسطين ليست مجرد قضية بعيدة ، بل هي جزء من الحكايات التي ترويها الأمهات ، وتنمو في قلوب الأطفال منذ نعومة أظفارهم.”
كيف يمكننا فهم قوة الهوية الفلسطينية؟
تيسير فرحات :
“الهوية الفلسطينية ليست مجرد بطاقة تعريف ، بل هي أغنية ترددها الأجيال في المنافي ، هي دمعة الجدات التي تروي قصص الأرض السليبة. زرت تشيلي ورأيت أطفالًا فلسطينيين من الجيل الرابع ، يحملون حبّاً لأرض لم يزوروها قط ، وربما لا يتحدثون لغتها ، لكنهم يعرفونها كما يعرفون أنفسهم. هذه الأرض محفورة في القلب ، وهويتنا لا تموت مع المسافة ، بل تتجدد مع كل قصة تُروى عنها.”
ماذا عن عُمان؟ كيف يمكننا وصف التضامن العُماني مع فلسطين؟
تيسير فرحات:
“في عُمان ، لا تشعر أنك غريب. التضامن مع فلسطين جزء لا يتجزأ من النسيج العُماني. من أناشيد الأطفال إلى أحاديث الكبار ، كل عُماني هو صديق لفلسطين. يردد قصائدها ، ويعيش أفراحها وأحزانها ، ويتمنى لها الفرح كما يتمنى لنفسه. هناك مشهد لا يغيب عن ذاكرتي ، حيث رأيت أطفالاً يضعون مصروفهم المدرسي في صناديق التبرعات لفلسطين. هذه صورة تختصر معنى التآخي والوفاء.”
كيف تلعب الثقافة دوراً مهماً في تعزيز العلاقة بين البلدين؟
تيسير فرحات:
“الثقافة الفلسطينية هي وجهنا الحقيقي ، وهي السد المنيع ضد محاولات الطمس والنسيان. نعمل جاهدين على نقل ثقافتنا إلى العالم ، ونحرص على أن تكون جزءاً حياً في الحياة الثقافية العُمانية. نحن حريصون على التواجد في المعارض الثقافية ، مثل معرض مسقط الدولي للكتاب ، وأمسيات الفلكلور والشعر. كل قصيدة لمحمود درويش ، وكل رواية لغسان كنفاني ، وكل دبكة شعبية هي رسالة : نحن هنا ، نحن باقون.”
وفيما يخص المستقبل ، كيف ترى الوضع الفلسطيني؟
تيسير فرحات:
“رغم كل التحديات ، نحن على يقين أن فلسطين ستظل حية في قلوبنا وفي ثقافتنا. سنظل نكتب القصائد ، ونغني الأغاني ، ونروي الحكايات. سنواصل بناء ثقافتنا كحائط مقاومة في وجه النسيان. الثقافة ليست رفاهية، بل هي معركة وحق وحياة.”
وفي الختام ، ما هي رسالتكم إلى الشعب العماني؟
تيسير فرحات:
“أود أن أشكر كل عُماني يحب فلسطين، كل من حمل في قلبه غصن زيتون من القدس ، وكل من دعا لنا في صلواته. فلسطين تحبكم كما تحب أرضها ، وتنتظركم كما تنتظر المطر.”
فلسطين في عيون العُمانيين
في الختام ، تبقى كلمات السفير فرحات عالقة في الأذهان ، كأغنية تلامس القلوب. في عُمان ، فلسطين ليست قضية سياسية فحسب ، بل هي جزء من الحكاية اليومية للشعب العُماني. هي نبض حاضر في ملامح الناس ، في الأغاني التي يرددونها ، وفي القصائد التي يكتبونها. فلسطين في عُمان ليست مجرد وطن بعيد ، بل هي أمل حيّ وشغف لا يذبل ، وأمل لا يموت.