نساء الإمارات : ريادة وتمكين في يومهن العالمي

بقلم: د. خالد السلامي

في الثامن من مارس من كل عام، يحتفل العالم بنساءه، متوقفًا لحظات للتقدير والتأمل أمام قصص النجاح الملهمة التي صنعتها إرادةٌ تحدّت المستحيل. يوم عالمي مميز للمرأة، تحتفي به الأمم وتفخر بإنجازات نسائها في جميع المجالات.

وفي هذه المناسبة العالمية، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج رائد، حيث تحوّلت إلى منارة مضيئة لتمكين المرأة بفضل نساءٍ كسرن الصورة النمطية وكتبن بحروف من نور نجاحاتٍ تجاوزت حدود الوطن. اليوم، وبكل فخر، لا نتحدث عن احتفالية عابرة، بل عن مسيرة استثنائية لنساء إماراتيات ألهمن العالم وأثبتن أن المرأة الإماراتية ليست فقط شريكًا في البناء، بل قائدة في مسيرة التطور والتنمية.

نساء إماراتيات ألهمن العالم

لم يعد دور المرأة الإماراتية مقتصرًا على إثبات حضورها في المجتمع المحلي فقط، بل أصبحت نموذجًا عالميًا يُحتذى به واسمًا لامعًا في ميادين كانت تعد حكرًا على الرجال.

إذا رفعت بصرك إلى السماء، ستجد بصمة الإماراتية حاضرة في الفضاء، حيث تألقت نورا المطروشي، أول رائدة فضاء عربية، وأثبتت أن الفضاء ليس حلمًا بعيدًا، بل واقعًا تحقق بالإرادة والتحدي.

في مجال السياسة، صنعت الإماراتيات تاريخًا مشرفًا، تتقدمه معالي الدكتورة أمل القبيسي، أول امرأة عربية تترأس مجلسًا برلمانيًا، مؤكدةً أن المرأة الإماراتية قادرة على اتخاذ القرارات الكبرى والتأثير على أعلى المستويات بحنكة واقتدار.

أما في عالم الأعمال، فقد أدهشت الإماراتية العالم بنجاحات متوالية، مثل سيدة الأعمال رجاء القرق التي قادت مجموعتها الاقتصادية نحو العالمية، برهنت على أن الفكر الاقتصادي النسائي يمكن أن يحدث فرقًا ملموسًا في الأسواق العالمية.

هذه القصص لم تكن محض صدفة، بل ثمرة إصرار وجهد وإيمان بأن حدود الممكن ترسمها الطموحات، لتصبح قصص الإماراتيات مصدر إلهامٍ يُحفز كل امرأة على الحلم، والتحدي، والنجاح.

الدور الحكومي في تمكين المرأة الإماراتية

لا شك أن وراء كل قصة نجاح لامرأة إماراتية ملهمة توجد جهود كبيرة ومستمرة من حكومة الإمارات التي آمنت منذ البداية بدور المرأة كشريك أساسي في مسيرة التنمية الشاملة.

عبر السنوات، رسمت القيادة الإماراتية خارطة طريق واضحة وضعت المرأة في قلب صناعة القرار وفتحت أمامها أبوابًا لم تكن تُفتح من قبل.

ومن أبرز هذه المبادرات تأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، الذي يُعد خطوة مهمة لتقليص الفجوة بين الجنسين وتعزيز حضور المرأة في المراكز القيادية والمناصب الإدارية العليا.

كما ظهرت تشريعات داعمة لتمكين المرأة، مثل قانون المساواة في الأجور وتشجيع تمثيلها في مجالس إدارات الشركات والمؤسسات، مما يعكس رؤية مستقبلية تؤكد أن التنمية المستدامة لا تتحقق دون مشاركة المرأة الفعالة.

ونتيجة لهذه الجهود، أصبحت الإمارات مثالًا عالميًا في المساواة بين الجنسين، حيث نرى اليوم حضورًا نسائيًا بارزًا في الحكومة، مما يُظهر أن الإمارات لا تتحدث عن تمكين المرأة كشعار بل تجسده فعليًا من خلال خطوات ملموسة تؤكد إيمانها العميق بدور المرأة في بناء المستقبل.

إحصاءات وإنجازات

تُعتبر لغة الأرقام أقوى دليل على التميز والتقدم. ففي الإمارات، تكشف الإحصاءات عن قصة استثنائية تؤكد أن نجاح المرأة الإماراتية ليس محض صدفة، بل نتيجة مسيرة ممنهجة وطموحٍ وطني راسخ.

بحسب التقارير الأخيرة، بلغ معدل مشاركة المرأة في الحكومة الاتحادية حوالي 27%، وهو من الأعلى عالميًا، بينما تشغل النساء 50% من عضوية المجلس الوطني الاتحادي، مما يضع الإمارات في مقدمة الدول عالميًا في تمكين المرأة سياسيًا.

في قطاع التعليم العالي، تُشكل النساء الإماراتيات أكثر من 70% من إجمالي خريجي الجامعات، مما يعكس مستقبلًا مشرقًا قائمًا على العلم والمعرفة. كما تمثل النساء حوالي 56% من العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات.

أما في السلك القضائي، فقد أثبتت المرأة الإماراتية كفاءتها في القضاء والنيابة العامة، مما يبرز ثقة المجتمع في قدراتها.

الإعلام الإماراتي ودوره في دعم قضايا المرأة

يؤدي الإعلام الإماراتي دورًا أساسيًا في تعزيز قضايا تمكين المرأة، من خلال تسليط الضوء على نجاحاتها وتحدياتها. عبر برامج وتقارير إعلامية، نجح الإعلام في خلق وعي مجتمعي كبير يُبرز المرأة الإماراتية كقوة فاعلة، ويحفز الأجيال الجديدة من الفتيات على الثقة بقدراتهن وطموحاتهن.

شهد الإعلام الإماراتي تحولًا ملحوظًا نحو إبراز نجاحات النساء في المجالات غير التقليدية، مثل الفضاء والتكنولوجيا، مما ساهم في تغيير النظرة النمطية تجاه الأدوار النسائية، وأرسى ثقافة تؤمن بالمساواة والتنوع والشراكة في التنمية الوطنية.

دور المجتمع المدني الإماراتي في تعزيز حضور المرأة

إلى جانب الدور الحكومي، ساهمت منظمات المجتمع المدني في الإمارات بشكل فعّال في تعزيز تمكين المرأة من خلال المبادرات والمشاريع التوعوية والتدريبية التي استهدفت تمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا، وتشجيع مشاركتها في العمل التطوعي والإنساني.

من أبرز الأمثلة على ذلك، جهود الاتحاد النسائي العام، وجمعية النهضة النسائية، ومؤسسة دبي للمرأة، التي أطلقت برامج لتنمية مهارات النساء القيادية، مما ساهم في تمكين المرأة الإماراتية من الوصول إلى مراكز صنع القرار وتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع.

في هذا اليوم العالمي للمرأة، تقف الإمارات بفخر واعتزاز أمام ما حققته من قفزات نوعية في مسيرة تمكين النساء، وتثبت للعالم أجمع أن الريادة والتقدم يتحققان عندما تصبح المرأة شريكًا كاملاً في البناء والتنمية. ورغم كل هذه الإنجازات، فإن المسيرة لم تنتهِ بعد، فالمستقبل واعد بمزيد من النجاحات.

ستظل الإمارات منارةً ملهمة إقليميًا وعالميًا في تحقيق المساواة والريادة النسائية، وستبقى المرأة الإماراتية عنوانًا للنجاح، والإصرار، والطموح الذي لا يعرف المستحيل.