
بقلم : عبدالحميد زيباري – أربيل كردستان العراق
ليس غريباً أن نسمع عن محاولات البعض للهجرة عبر الطرق غير الشرعية للوصول إلى الدول الأوروبية هرباً من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها في بلدانهم ، أو لأسباب شتى. يغامرون بحياتهم وحياة أطفالهم وزوجاتهم للوصول إلى الدول الأوروبية أو أمريكا أو كندا.
لكن أن نسمع أن هناك من يرغب في الوصول إلى مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج بطرق غير شرعية ، فهذا شيء غريب. والأغرب أن نشاهد فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص يتسلقون الجبال على أمل الوصول خلسة إلى داخل مدينة المكة المكرمة استعداداً لأداء فريضة الحج ، بعد أن فرضت السلطات السعودية منذ نهاية الشهر الماضي تصريحاً خاصاً للدخول إلى مكة المكرمة التي تضم الكعبة وصعيد عرفات ، حيث يؤدي المسلمون الركن الأعظم للحج الذي يحلّ في منتصف يونيو هذا العام.
يأتي هذا في وقت تقول الأرقام إنه تم حتى الآن اعتقال وإبعاد آلاف من المواطنين الذين وصلوا إلى السعودية بتأشيرات سياحية وبقوا هناك ولم يعودوا إلى بلدانهم على أمل أداء فريضة الحج.
وقد أعلنت السعودية أنه في العام الماضي شارك 1.8 مليون حاج في موسم الحج لعام 2023 ، بالإضافة إلى حوالي 100 ألف حاج غير نظامي ، وفق ما أفاد به مسؤول أمني سعودي.
بمواجهة تلك الحيل ، أطلقت السعودية حملة تحذّر من “الحج دون تصريح” ، وهي تفرض منذ سنوات غرامات تبدأ من 10 آلاف ريال (نحو 2600 دولار) على الحجاج المخالفين أو من يعمل على نقلهم إلى مكة. كما أن شعار “لا حجّ بدون تصريح” ينتشر في وسائل الإعلام والمراكز التجارية والشوارع بلغات عدة.
وفي وقت يزداد الأمر صعوبة بالنسبة إلى الحجاج غير النظاميين ، إذ لا تتوافر لهم مخيمات مُكيّفة على غرار الحجاج النظاميين ، في منى أو عرفات ، مما يجعلهم يفترشون الطرق والمساجد في أجواء صحراوية شديدة الحرارة تصل هذا العام إلى 45 درجة مئوية.
كما دخلت هيئة كبار العلماء على الخط ، وأصدرت في أبريل الماضي فتوى مفادها أنه “لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح” ، معتبرة أن هذا سيعدّ “إثماً” ، ومشيرة إلى أنه يلحق الضرر بعموم الحجاج.
نعلم جيداً أن أداء فريضة الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة ، ولكن الدين الإسلامي سهل على المؤمنين أداء هذا الركن من خلال “من استطاع إليه سبيلاً” ، أي أنه إذا لم تستطع أداءه لأسباب شتى من بينها عدم الحصول على موافقات رسمية ، فأنت غير آثم. خاصة أن المملكة العربية السعودية عندما تقيد الزيارة بعدد معين ، فهذا من أجل راحتهم ومن أجل أن يؤدوا هذه الفريضة بكل أريحية وبدون تعب ومشقة ، ولكي لا يكون هناك تدافع كما شاهدنا في السنوات السابقة والذي أدى إلى وفاة العشرات منهم. فكيف وأنت إنسان مؤمن يمكن أن تعرض حياتك وحياة الآخرين من إخوانك وأخواتك للخطر.