بايدن وتحولات السياسة الأمريكية: إسرائيل تسرع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية قبل تنصيبه

هرمز نيوز: سياسة
في ظل التخوفات الإسرائيلية من فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية على حساب الرئيس السابق دونالد ترامب، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتسريع خطط الاستيطان في الأراضي الفلسطينية قبل تنصيب بايدن رسميًا في يناير القادم. هذه الفترة الحاسمة تشهد تصاعدًا في التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين، حيث يُنظر إلى سياسة الاستيطان باعتبارها أحد أكبر العوامل المعرقلة لعملية السلام في المنطقة.
الاستيطان الإسرائيلي: تهديد للسلام
خلال جلسة الحكومة الفلسطينية، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه إسرائيل من استمرارها في خطط الاستيطان، قائلاً: “الاستيطان عدو السلام، وعلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن تتوقف عن مخططاتها الاستعمارية”. وأضاف أنه مع توسع المستوطنات، أصبحت الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس، تضم أكثر من 750 ألف مستوطن إسرائيلي. هذا العدد يشكل حوالي 25% من سكان الضفة الغربية، ما يشكل تهديدًا حقيقيًا للسلام والاستقرار في المنطقة.
وأشار أشتيه إلى أن الفلسطينيين يواجهون تحديًا ديمغرافيًا كبيرًا بسبب الزيادة المستمرة في عدد المستوطنين الإسرائيليين، وهو ما يعزز الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي حقيقي. وتعتبر هذه الزيادة في عدد المستوطنات في الأراضي الفلسطينية انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتحديًا للمجتمع الدولي الذي يدعو إلى حل الدولتين.
موقف فلسطين: حل الدولتين أو الذوبان الديمغرافي
في سياق متصل، أكد أشتيه أن الفلسطينيين قد تجاوزوا مرحلة الخوف من التحولات الديمغرافية داخل الأراضي الفلسطينية. وقال: “فلسطين بحاجة إلى قرار حاسم. إما حل الدولتين أو الذوبان الديمغرافي.” وأضاف أنه لأول مرة منذ عام 1948، يفوق عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية (الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48) عدد الإسرائيليين اليهود. ووفقًا للإحصائيات، هناك أكثر من 5.1 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى نحو مليوني فلسطيني داخل أراضي الـ48، بينما بلغ عدد اليهود الإسرائيليين حوالي 6.8 مليون نسمة.
هذه المعادلة الديمغرافية تحمل دلالات كبيرة، حيث يعتقد العديد من الخبراء أن غياب حل الدولتين قد يؤدي إلى واقع يشهد “ذوبانًا ديمغرافيًا” للفلسطينيين داخل الدولة الإسرائيلية، وهو ما سيكون له تداعيات سياسية وإنسانية كبيرة.
الموقف الدولي: من إدانة الاستيطان إلى تفعيل الآليات
على الرغم من إدانة العديد من الدول للاستيطان الإسرائيلي، لا تزال الإجراءات الفعالة لوقفه غائبة. كانت الأمم المتحدة قد أصدرت قرارًا في عام 2016 (القرار 2334) يطالب إسرائيل بوقف جميع أنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرة أن هذه الأنشطة غير شرعية. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ خطوات جدية من قبل المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لتنفيذ هذا القرار.
في هذا الصدد، أكد فايز أبوعيطة، أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، أن “إسرائيل تحاول فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض من خلال بناء المزيد من المستوطنات وهدم المدارس والمنازل في القدس والضفة الغربية.” وأشار إلى أن “إسرائيل تسعى لكسب الوقت قبل وصول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض.”
إدارة بايدن والمستقبل: تغيير في السياسة الأمريكية؟
بعد فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من المتوقع أن تتغير السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية. في حين أن إدارة ترامب كانت تدعم بشكل قاطع السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك الاستيطان وضم الأراضي، يُنتظر أن تعود إدارة بايدن إلى المواقف التقليدية التي تدين الاستيطان الإسرائيلي.
الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أشار إلى أن “إدارة بايدن ستكون أكثر تشددًا في التعامل مع القضايا الفلسطينية، خاصة الاستيطان.” وأضاف: “لقد تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل في عهد ترامب، ولكن مع وصول بايدن إلى السلطة، سيكون هناك تحول نحو دعم الحلول السلمية وإعادة التأكيد على حقوق الفلسطينيين.”
الاستيطان و”صفقة القرن”
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية، برئاسة نتنياهو، كانت قد كثفت من نشاطاتها الاستيطانية في إطار ما يعرف بـ “صفقة القرن” التي قدمتها إدارة ترامب. ورغم رفض الفلسطينيين لهذه الصفقة واعتبارهم أنها تكرس الاحتلال وتمنح إسرائيل المزيد من الأراضي الفلسطينية، فإنها كانت بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل للتمسك بمخططاتها الاستيطانية.
ورغم الانتقادات الدولية، واصل الاحتلال الإسرائيلي سياسة فرض الحقائق على الأرض. هذا الأمر دفع القيادة الفلسطينية إلى المطالبة بآلية دولية تتجاوز المواقف الرسمية، وذلك لضمان وقف الاستيطان وحماية حقوق الفلسطينيين.
الختام: ضرورة التحرك الدولي
في الختام، لا يزال الاستيطان الإسرائيلي يشكل أكبر عائق أمام تحقيق السلام في الشرق الأوسط. الفشل في إيجاد حل فعّال لهذا الملف سيؤدي إلى تغييرات ديمغرافية غير قابلة للعودة، وهو ما يشكل تهديدًا مستقبليًا للفلسطينيين. في الوقت نفسه، يبقى الأمل في أن تتبنى الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن سياسة أكثر توازنًا تجاه القضية الفلسطينية وتعمل على دفع المجتمع الدولي للتحرك بشكل جاد لوقف الاستيطان الإسرائيلي.