هل تُغني أدوية التخسيس عن جراحات السمنة؟.. إجابة شاملة من د. إيناس شلتوت خلال مؤتمر السكري

كتب : ماهر بدر
في إطار فعاليات المؤتمر الدولي لأمراض السكر والتمثيل الغذائي، الذي ترأسه الأستاذة الدكتورة إيناس شلتوت، رئيسة الجمعية العربية لدراسة أمراض السكر، طُرح سؤال محوري يشغل بال الكثيرين:
هل يمكن أن تحل أدوية التخسيس محل العمليات الجراحية لعلاج السمنة؟
أجابت د. شلتوت مؤكدة أن السمنة أصبحت أزمة صحية عالمية، حيث يُقدّر عدد المصابين بها بأكثر من 800 مليون شخص ممن يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30. وتُعد السمنة عاملًا رئيسًا للإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، إلى جانب تأثيرها السلبي على جودة الحياة.
الأدوية الحديثة: فاعلية لافتة وآفاق واعدة
كشفت د. شلتوت أن العلاج الدوائي للسمنة، إلى جانب تعديل نمط الحياة، يُعد وسيلة فعالة لتقليل مخاطر الأمراض المصاحبة للسمنة. وأوضحت أن الأدوية الحديثة القابلة للحقن أثبتت فاعلية عالية، إذ تمكن المرضى من خسارة ما بين 11% إلى 26% من أوزانهم، من خلال التأثير على مراكز الشهية في المخ وتعزيز الشعور بالشبع.
وأضافت أن الأبحاث الجارية تبشّر بتطوير أدوية جديدة من فئات مثل:
GLP1RA وGIP/GLP1RA، التي قد تحقق نتائج أكبر في خفض الوزن.
أما الأدوية التي تُؤخذ عن طريق الفم، فتساعد على تقليل الوزن بنسبة تتراوح بين 4% إلى 10%، إلا أن استخدامها يتطلب الحذر، خاصةً لدى مرضى القلب وارتفاع ضغط الدم والمصابين بالصرع أو الزرق أو اضطرابات الغدة الدرقية، بالإضافة إلى من لديهم ميول انتحارية.
وأشارت إلى أن التوجه المستقبلي يركز على تطوير تركيبات دوائية مزدوجة أو متعددة التأثيرات، لتحقيق نتائج أكثر شمولًا وفعالية.
الجراحات: نتائج ملموسة ولكن…
حول الجراحة كخيار لعلاج السمنة، أوضحت د. شلتوت أنها تؤدي إلى فقدان وزن يتراوح بين 10% إلى 21% على المدى الطويل. ومع ذلك، لا تخلو هذه الإجراءات من مخاطر صحية محتملة. ورغم تحسن الحالة النفسية للمريض بعد العملية، إلا أن دراسات عديدة أظهرت تدهورًا نفسيًا قد يظهر بعد مرور خمس سنوات من إجرائها.
في المقابل، بيّنت الدراسات أن العلاج الدوائي للسمنة يساهم في تعزيز الحالة النفسية وتحسين جودة الحياة بشكل مستدام وأكثر أمانًا.
الأدوية والوقاية الشاملة
لفتت د. شلتوت إلى أن بعض أدوية الحقن لا تقتصر فوائدها على تقليل الوزن فقط، بل تساهم أيضًا في الوقاية من أمراض القلب والكلى، وجلطات المخ، كما تمتاز بتأثيرات مضادة للالتهابات. وأضافت أنها تُقلل كذلك من خطر الإصابة بالسكري، وتُستخدم بفعالية لدى المصابين به، كما يُمكن وصفها للبالغين والأطفال غير المصابين، حيث يتوفر منها نوعان معتمدَان للاستخدام من سن 12 عامًا، ونوع أحدث يُستخدم بدءًا من سن 18 عامًا.
السمنة ونقص الكتلة العضلية: تحدٍّ مزدوج
تطرقت د. شلتوت إلى قضية خطيرة ترتبط بالسمنة والتقدم في العمر، وهي “نقص الكتلة العضلية” أو ما يُعرف بـ”الساركوبينيا”. وأوضحت أن الإنسان يبدأ في فقدان ما بين 1–2% من كتلته العضلية سنويًا بعد سن الخمسين، وتصل النسبة إلى 3% بعد الستين، مع تراجع في القوة العضلية بنسبة 1.5% سنويًا.
ويُقدّر انتشار هذا المرض بنسبة تتراوح بين 10% إلى 40% من سكان العالم، ويعود ذلك إلى عوامل مثل سوء التغذية، قلة النشاط البدني، التدخين، ومقاومة الأنسولين، إلى جانب ارتفاع متوسط الأعمار.
ويؤثر هذا النقص بشكل مباشر على قدرة الشخص على أداء مهام الحياة اليومية، كالحركة وصعود الدرج وحمل الأشياء، ما قد يؤدي إلى الاعتماد على الآخرين وزيادة احتمالات السقوط والتعرض للكسور.
كيف نحمي أنفسنا من الساركوبينيا؟
أكدت د. شلتوت أن الوقاية من فقدان الكتلة العضلية تبدأ من تبني نمط حياة صحي، يشمل:
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، خاصة المشي، ركوب الدراجة، السباحة، وتمارين المقاومة.
الحفاظ على نظام غذائي متوازن غني بالبروتينات.
تجنب الضغوط النفسية والتدخين.
ونوّهت بأن مرضى السكري هم أكثر عرضة للإصابة بالساركوبينيا بمعدل يصل إلى 2–3 أضعاف مقارنة بغيرهم، ما يجعل الوقاية أولوية صحية لهم.
خلاصة القول:
لا يمكن القول إن أدوية التخسيس تُغني تمامًا عن الجراحات، لكن التطورات الحديثة تجعل العلاج الدوائي خيارًا فعّالًا وآمنًا للعديد من المرضى، خاصة عند مراعاة الحالة الصحية العامة. ويبقى التشخيص الدقيق والمتابعة الطبية المستمرة عنصرين حاسمين في اختيار العلاج الأنسب لكل حالة.