من مسقط إلى العالم .. مهرجان الدن الدولي للمسرح يعود ليؤكد مكانة عُمان كجسر للحوار الفني
دورة خامسة تحتفي بالإنسان وتكرّس الحوار الثقافي

كتب : د. محمد سعد
تستعد سلطنة عُمان لاستقبال العالم مجددًا على مسارحها، مع انطلاق الدورة الخامسة من مهرجان الدن الدولي للمسرح خلال الفترة من 24 إلى 30 نوفمبر 2025، تحت شعار “أهلاً بالعالم في سلطنة عُمان”، في حدثٍ ثقافي يجمع بين الفن والإنسان، ويرسّخ مكانة السلطنة كجسرٍ للحوار الثقافي والتواصل الإنساني.
ينظَّم المهرجان من قبل فرقة مسرح الدن للثقافة والفن، بشراكة استراتيجية مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وبدعم من وزارة الإعلام ووزارة التنمية الاجتماعية، وبالتعاون مع الجمعية العُمانية للسيارات (أكتيڤ عُمان)، وضيافة سياحية شرفية من محافظة الداخلية.
وتأتي هذه الدورة لتؤكد على أن المسرح في عُمان ليس مجرد فنٍّ للعرض، بل رؤية إنسانية وثقافية تُسهم في بناء الوعي وترسيخ قيم التسامح والجمال.

المسرح هوية ورسالة إنسانية
ينطلق المهرجان من رؤيةٍ تجعل من المسرح فضاءً للحوار بين الثقافات، ومنبرًا للتفاعل الحضاري والفكري بين الشعوب.
ويقول محمد بن سالم النبهاني، رئيس فرقة مسرح الدن ورئيس المهرجان:
“منذ انطلاقتنا الأولى عام 2015، وضعنا نصب أعيننا أن يكون مهرجان الدن رسالةً عُمانية إلى العالم، نُعرّف فيها بالمسرح بوصفه فنًّا للحياة لا مجرّد عرضٍ على الخشبة. وهذه الدورة تؤكد أن عُمان ليست محطة للفن، بل وطن يحتضن المبدعين ويفتح أمامهم الأفق لقول الجمال بلغاتهم المختلفة”.

برنامج فني متكامل بمشاركة عالمية
تُترجم هذه الدورة رؤية “المسرح حياة تُروى” من خلال 18 عرضًا مسرحيًا من 12 دولة عربية وأجنبية، تم اختيارها من بين 250 فرقة تقدّمت للمشاركة.
وتتوزع العروض على ثلاث مسابقات رئيسية:
مسرح الطفل الذي يحمل هذا العام اسم “مسابقة مسرح مزون للألبان للطفل”، ويُعنى بتنمية الخيال وغرس القيم عبر الحكاية والموسيقى والدمى.
مسرح الكبار الذي يتناول القضايا الاجتماعية والإنسانية برؤية فكرية وجمالية.
مسرح الشارع الذي يُقدَّم في الفضاءات العامة ليعيد المسرح إلى جمهوره الأول ويكسر الحواجز بين الفنان والمتلقي.
أرقام تؤكد المكانة الدولية
يُتوقع أن يشهد المهرجان حضور 250 ضيفًا دوليًا من فنانين ونقاد وإعلاميين، بمشاركة أكثر من 100 وسيلة إعلامية بينها 40 قناة تلفزيونية.
كما يتوقع أن يتجاوز عدد الزوار 30 ألف متابع على أرض الحدث، مع تفاعل رقمي يُقدّر بأكثر من 20 مليون مشاهدة عبر المنصات الرقمية.
ويُشرف على تنظيم الحدث 250 متطوعًا يعملون ضمن 14 فريقًا تنظيميًا متخصصًا، لضمان سير الفعاليات بكفاءة عالية.

فعاليات مصاحبة تثري المشهد الثقافي
يمتد المهرجان إلى ما وراء العروض المسرحية، عبر ورش عمل وندوات فكرية وجلسات نقدية تهدف إلى تنمية الوعي الفني وتبادل الخبرات.
كما يشهد تنظيم “ليالي أثير الشعرية” بالشراكة مع مؤسسة أثير للإعلام، على مدى يومين (25 و26 نوفمبر)، بمشاركة شعراء من عُمان والعالم العربي، من بينهم شميسة النعمانية، أكرم الزعبي، حسن القرني، يوسف الكمالي، أبوزيد حرز الله، وروضة الحاج.
دعم الاقتصاد المحلي والبعد الاجتماعي
وفي إطار ربط الثقافة بالتنمية المجتمعية، يُنظم المهرجان سوقًا للحرف والأسر المنتجة بمشاركة 40 ركنًا للحرفيين من ذوي الإعاقة والدخل المحدود، إلى جانب أجنحة جامعية ومعارض توثّق الذاكرة المسرحية العُمانية والعربية.
كما تُخصّص محافظة الداخلية كـ”ضيف سياحي رسمي”، حيث تُنظَّم جولات ميدانية للضيوف للتعرف على التراث الطبيعي والثقافي للمحافظة، تعزيزًا لدور المهرجان في دعم السياحة الثقافية في عُمان.
اكتمال مؤسسي وحضور عالمي
منذ انطلاقته عام 2015، قطع مهرجان الدن الدولي للمسرح شوطًا كبيرًا في البناء المؤسسي والانتشار الدولي.
ففي دورته الرابعة عام 2023 تجاوز التفاعل الرقمي 14 مليون مشاهدة، لتأتي الدورة الخامسة استكمالًا لمسيرة النضج الفني والشراكات العالمية، مؤكدًا أن المسرح في عُمان أصبح عنوانًا للانفتاح والضوء والجمال.
من عُمان إلى العالم
من أرض السلام والتنوع الثقافي، يوجّه مهرجان الدن الدولي رسالته إلى العالم:
أن المسرح ليس ترفًا بصريًا، بل ضوءٌ يهدي الإنسان إلى ذاته.
أهلاً بالعالم … من سلطنة عُمان، من أرض المسرح، ومنبع الحوار الإنساني.



