ثقافة وفن

من حيفا إلى الحمّامات : نويل خرمان تُشعل ليالي المهرجان بروح فلسطين وأصالة الموسيقى

تونس : نورة حفيّظ

Advertisement

في ليلة صيفية ساحرة على مسرح المركز الثقافي الدولي بالحمّامات، أضاءت الفنانة الفلسطينية الشابة نويل خرمان أجواء مهرجان الحمّامات الدولي في دورته الـ59، مساء الأحد 20 يوليو 2025، بحفل استثنائي حمل بين نغماته معانٍ عميقة، ونسج جسورًا بين التراث الفلسطيني والروح الموسيقية التونسية.

بإطلالة أنيقة وفستان أسود، صعدت نويل إلى المسرح بروح متقدة وحضور راقٍ، حيث افتتحت السهرة بأغنية “هذا أنا”، التي عبرت فيها عن هويتها وشخصيتها الفلسطينية بثقة وعذوبة. كان صوتها الدافئ والجذاب يستقطب الأنظار والقلوب، ليشعل حماس الجمهور الذي حضر بقلوب مفتوحة وروح شبابية متماسكة.

Advertisement

رافقها على المسرح فرقة موسيقية تونسية مميزة بقيادة الكمان عطيل معاوي، وشملت تشكيلتها آلات متنوعة مثل الناي، الدرامز، الإيقاع، الباص، الغيتار، والبيانو، إضافة إلى أصوات الكورال التي أدتها أسماء الشريف وآمنة زين. هذا التناغم بين نويل وفرقة العمل أضفى عمقًا موسيقيًا بين الطرب الأصيل والنغمات العالمية، ليصبح الحفل لوحة فنية متكاملة.

تميز العرض بتنوع لغوي وثقافي فريد، حيث قدّمت نويل مجموعة من الأغاني الفلسطينية الأصيلة، مثل “حيفا”، التي أعادت الحضور إلى عبق المدينة وألمها، كما أدخلت نغمات تونسية مألوفة من خلال أغاني “لاموني اللي غاروا مني” و”سيدي منصور”، مما أظهر مهارتها في محاكاة الأسلوب المحلي ببراعة. لم تكتف بذلك، بل أضافت لمسات من اللغات الفرنسية، الإسبانية وربما الجزائرية، فكانت رحلة موسيقية شاملة تنسجم مع جمهور متنوع وتثري التجربة الفنية.

لم يقتصر الحفل على الجانب الفني فحسب، بل حمل رسالة إنسانية واضحة، حيث رفع الجمهور أصواتهم بهتافات “Free Free Palestine” في تفاعل شعبي واحتفالي يعكس دعمهم لقضية نويل، وتضامنهم مع المعاناة الفلسطينية. ولم تفوّت نويل فرصة الحديث بصراحة عن تأثير الصراع على حياتها، قائلة:

“الصراع غيّر رؤيتي للعالم، وأنا أعيش في الأردن الآن، وأتمنى السلام”، كلمات صادقة وملهمة رسّخت علاقة الفن بالواقع الإنساني.

تُعد هذه الأمسية أول محطة لنويل في تونس، حيث قضت نهارها بين معالم الحمّامات الساحرة، معربة عن إعجابها بالدفء التونسي وروح الضيافة التي لمسها جمهورها، مما زاد من عمق التواصل الثقافي بين الشعبين.

في تلك الليلة، لم تكن نويل مجرد فنانة تُغني، بل كانت جسرًا بين الشعوب، صوتًا ينقل معاناة وأمل فلسطين إلى قلب تونس، مؤكدًا أن الفن قادر على تجاوز الحدود ليحكي قصصًا تتلاقى فيها القلوب وتلتقي فيها الأرواح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى