كورونا .. وجدتي
بقلم : حمد بن صالح العلوي
قارئي العزيز..
كل منا ، صغيرنا وكبيرنا ، ذكوراً وإناثاً ، شيباً وشباباً ، يؤمن بأن القصة رواح للعقل ، وأنس للوحشة ، وملء لوقت الفراغ ، إضافة إلى ذلك أن القصة عبرة وعظة لغافل ، وعلاج لمسئ ورواح لمحسن.
قارئي العزيز..
كان يجلس معي سمعت صوت أنينه من نبراته المسجونة ، شعرت به يصرخ لكن دون صوت..قلت له أخي : “صالح”خيرا ماذا أصابك..هل من خبر أزعجك…أم أمر ضايقك.؟
قال : جدتي توفيت…
قلت له : غفر الله تعالى لها ، وغفر لنا ، وأصلحكم وأصلحنا، وصبركم وأعانكم .
أيمكن أن تحكي لنا الحكاية؟
رد قائلا ..إن شاء الله.
ثم رفع كأس الماء وسمى لله تعالى و شرب ثم استأذن على عجل من مجلسه.
بعدها كل منا ذهب إلى حال سبيله ، وتركته فترة حتى يهدأ ، ولم أرغب بالتواصل معه ، خوفا من إزعاجه أو أن أذكره بما كان بينه وبين جدته من حب وود واحترام.
مرت فترة ولم يكلم أحدنا الآخر.. وفي اليوم الثالث من شهر رمضان المبارك ، أردت الاطمئنان عليه ، أخذت هاتفي النقال ، وبحثت عن اسمه ، ومن ثم ضغطت على أزرار الهاتف حتى جاءني الصوت المقابل ..
بالتهليل وإلقاء التحية والسلام..، ردد ت التحية بأحسن منها ، ثم استقر الأمر إلى طيب الكلام.
وفجأة قال صاحبنا ” صالح “الآن سأخبرك عما كان بيننا من حديث بخصوص جدتي رحمة الله عليها.
وقال بعد أن تنفس الصعداء : كان عمي مسافراً لإحدى الدول الآسيوية ، وذلك لمهمة عمل ، وعند عودته إلى أرض الوطن ، طلب منه البقاء في الحجر المنزلي ، لظهور بعض الأعراض عليه لفايروس كورونا ، وذلك لحين ظهور نتيجة فحص” كوفيد١٩ ” التي أجريت له، ولكن مشاعر الشوق لجدتي كانت أقوى منه ، وتوجه فوراً إلى منزل إخوانه ومنزل جدتي والذي لايبعد سوى أمتار بسيطة من بيتهم.
وتابع “صالح”حكايته : وعند سؤال عمي في كل مرة عن حالته ، يخبرنا انه لايشعر بشي ، انه بخير وعافية ، وبعد ساعات معدودة كانت الصدمة بالنسبة لعمي “محمد ” انت مصاب بكوفيد ١٩ .
وقد قام بعزل نفسه في منزله ، لكن فات الأوان.
وأخذ “صالح” يكفكف دمعه وقال : الفيروس انتشر بين أفراد عائلتنا وكانت الضحية جدتي رحمها الله تعالى ، وهي كبيرة في السن “وبعدها تبين لنا أنه أصيب عدد سبع من أفراد العائلة بالفيروس، وحسبي الله ونعم الوكيل.”انتهى”
قارئى العزيز..
نفس الأحداث والحكايات تتكرر في مناطق عدة وبيوت كثيرة ، وهاهى إحدى الأخوات تحكي لي : وباختصار شديد ، شاب يعيش هو ووالده ووالدته وأخواته ، به الأعراض ولا يعلم ، قد أصاب والده ووالدته وإخواته وفقد أربعة من عائلته، و تعافى هو بعد أن قضى أسابيع وربما شهور منوم في المستشفى بالعناية المركزة ، وأخذ يلوم نفسه على عدم إلتزامه وإهماله بعد أن فات الآوان.
قارئ العزيز:اتق الله تعالى ، والزم بيتك ولا تخرج إلا للضرورة ، حفظنا الله وإياكم وحفظ بلادنا وأهلنا ، وسلمكم جميعاً من كل سوء ومكروه.