ظاهرة العنف ضد المرأة تتصاعد في الأردن
أعاد حادث الاعتداء على “فتاة مستشفى الجامعة” قضية العنف ضد المرأة إلى الواجهة في الأردن، حيث تعاني المرأة هناك من معدلات مرتفعة من العنف.
وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات شجب، بعد ظهور فتاة تعرضت لضرب وحشي من قبل أخيها إثر خلاف بينهما، فيما ربطها وحبسها بداخل حمام المنزل، وأكدت الشرطة أنها قامت بالقبض عليه.
وقال مراقبون إن “المرأة الأردنية لا تزال تعاني من العنف خاصة من قبل الأهل، والتي زادت حدتها بسبب انتشار جائحة كورونا، وما صاحبها من ضغوط اقتصادية ومالية”، مؤكدين أن “بعض المواد في قانون العقوبات تساعد على ارتفاع النسبة”.
وأصدرت مديرية الأمن العام الأردني، بيانا يفيد بأنها ألقت القبض على شقيق المعنفة وأحالته للقضاء ثم للحاكم الإداري.
ولا تزال الفتاة في غيبوبة حتى هذه اللحظة. وهي تعاني من إصابات متعددة، إضافة إلى نزيف دماغي استلزم وضعها على جهاز التنفس الاصطناعي.
وسجلت معدلات الجرائم الأسرية ارتفاعا ملحوظاً عام 2020، بحسب التقرير الإحصائي الجنائي للأمن العام الأردني. فقد ارتفعت حالات العنف الأسري ضدّ المرأة خلال جائحة كورونا، إذ سجلت ارتفاعا بنسبة 33%، خلال شهور الحظر الشامل من عام 2020، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
وتقول جمعية تضامن النساء في الأردن ووفق رصدها لوسائل الإعلام الأردنية، إن 17 جريمة قتل بحق نساء وقعت خلال عام 2020، في نسبة متقاربة مع عدد الجرائم التي وقعت العام السابق 2019، وضعف عدد الجرائم التي وقعت عام 2018.
كلثم مريش، رئيس الاتحاد النسائي العاصمة الأردن، وعضو الهيئة الإدارية في جميعة معهد النساء تضامن، قالت إن “أوقات الأزمات والأوبئة تزداد خلالها نسبة العنف عامة، والعنف ضد المرأة خاصة في ظل الضغوط النفسية وتفكك شبكات الحماية الاجتماعية”.
وأضافت أنه “بسبب جائحة فيروس كورونا، زادت حدة العنف في الأردن، وكذلك بسبب التعثر المادي للأسر والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، وكذلك ارتفاع معدلات البطالة”.
وتابعت: “الأزمة في الأردن في مادة إسقاط الحق الشخصي التي يتضمنها قانون العقوبات، والذي نطالب بإلغاءها منذ فترة طويلة، خاصة تلك التي تتعلق بالعقوبات الجزائية”.
وأكدت أن “وجود هذا البند واعتباره سببًا مخففا للعقوبة لمرتكبي العنف ضد المرأة والأسرة يزيد من حالات العنف، خاصة إذا كان مرتكبو هذه الجرائم من داخل نفس الأسرة”.
وأشارت إلى أن: “الجمعيات النسائية والحقوقية في الأردن تطالب منذ فترة طويلة بإسقاط هذا الحق، حتى لا يتم تخفيف عقوبة المجرمين، والسبب في عدم محاكمتهم لفترة طويلة، بل ويمكن من خلاله أن يفلتوا من العقاب، ما يزيد نسب العنف”.
بدوره قال عضو مجلس النواب السابق، الدكتور نضال الطعاني، إن “البيانات الدولية تؤكد أن هناك مستويات مرتفعة لتعرض المرأة للعنف البدني والجنسي في العالم”.
وأضاف أن “رغم الحوادث التي يشهدها الأردن، لم تصل الأرقام في عمان إلى النسب العالمية، فهي أقل بكثير من المعدلات الدولية، والحوادث التي تحصل لا تدل على كونها ظاهرة، ودائمًا ما تتعامل مع الشرطة والدولة”.
وأكد أن “المرأة في الأردن باتت تحظى بدرجات كبيرة من الاحترام، والمشاركة السياسية الفعالة، وباتت النساء تحصل على درجات مرتفعة من التمثيل السياسي والبرلماني في الدولة”.
وأشار إلى أن “البرلمان استطاع تعديل الكثير من المواد القانونية لتعزيز حماية المرأة، وجار العمل على تعديل بعض القوانين التي تسمح بالحكم المخفف في بعض الجرائم، خاصة المتعلقة بجرائم الشرف”.
وتقول جمعية معهد تضامن نساء الأردن إن العديد من النساء المعنفات في الأردن تعاني من اضطرابات نفسية وخاصة الاكتئاب، مما يدفعهن إلى التفكير في الانتحار أو محاولة الانتحار خاصة وأن أغلبهن لا يبحن بمعاناتهن جراء العنف وتسيطر عليهن ثقافة الصمت، كما أن معظمهن لا يملكن الخيارات ولا تتاح أمامهن فرص للنجاة من العنف لأسباب جذرية من بينها الصور والقوالب النمطية لأدوار كل من الذكور والإناث، ولانعدام أو ضعف استقلالهن المالي بسبب العنف الاقتصادي، ولتسامح وتغاضي المجتمع مع مرتكبي العنف ضدهن مما يؤدي إلى إفلاتهم من العقاب.
وتقول جميعات حقوق المرأة في الأردن إن نصوصًا قانونية تساعد على انتشار هذه الظاهرة، خاصة المادتين 98 و99 التي تسمح بتخفيض العقوبة على الجاني في حال ارتكاب جريمته في “ثورة غضب” أو في حال إسقاط الحق الشخصي، بالإضافة إلى المادة 340 التي تخفض العقوبة عندما يقتل الرجل أو يهاجم زوجته أو أيا من أقاربه الإناث بسبب مزاعم الزنا.