GreatOffer
ثقافة وفن

بين الأوتار والأرواح : أمسية أندلسية ساحرة في أوبرا مسقط

كتبت : سيلينا السعيد

Advertisement GreatOffer

في ليلة ساحرة، عبقت أجواء دار الفنون، الأوبرا في مسقط، بروح التاريخ العتيق، حيث التقى عشاق الموسيقى في رحلة فريدة من نوعها عبر أزمنة بعيدة في حضارة الأندلس. لم يكن المكان مجرد قاعة، بل كان ينبض بعبق قرطبة وغرناطة، حيث تمازجت الألحان مع ضوء القناديل، وكأنها تعيد الحياة إلى العصور الذهبية التي شهدت إشراق الثقافة الأندلسية.

أندلسية

Advertisement

 

بداية الحفل: نغمات تشبه النسيم

مع أول نغمة على آلة العود، خيم صمت مهيب على المكان، وكأن الحضور قد دخلوا عالمًا آخر حيث تسكن الألحان في عمق الروح. بدأ الحفل بعزف مقام “النهاوند”، ذلك المقام الذي ينضح بالحنين ويختلط فيه الصوت والظلال، ليأخذ الحاضرين في رحلة عاطفية، تلونها سحر الحنين إلى الأندلس. كانت النغمات تتناغم بذكاء، تُحيي ذاكرة الجماهير عن عمق الارتباط بين الموسيقى والروح.

أندلسية

الموشحات: لغة الحب والوجد

تواصلت الألحان الأندلسية مع الموشحات التي تمازج فيها الشعر واللحن بشكل استثنائي. كانت كلمات الموشحات تحمل في طياتها لغة عشق وغربة، تروي قصص العصور الماضية وتعكس مزيجًا من الفرح والحزن. حظي الجمهور بنغمات أصيلة تلامس الأوتار الداخلية، وتغمر القلوب بالمشاعر الرفيعة، في عالم يحده الزمن ولكنه لا يقتصر عليه.

أندلسية

 

رقصة الصوفي: دوران الأرواح

وفي لحظة حالمة، دخل راقص صوفي بملابس بيضاء ناصعة، يدور حول نفسه على وقع الدفوف، كأن الأرض نفسها تدور مع نغمات الموسيقى. حركة راقص الصوفية كانت في تناغم تام مع اللحن، مما أضفى بعدًا روحانيًا استثنائيًا على الحفل، وجعل الحضور يشعرون أن الموسيقى، في جوهرها، هي أكثر من مجرد أصوات؛ هي حركة متجددة لروح الكون.

أندلسية

قصيدة أندلسية: حين يبكي الشعر على الأوتار

وسط الموشحات، تجسدت لحظة شاعرية بنغمة حزينة حيث أُديت قصيدة “جادك الغيث” بصوت رخيم، ينساب كما نهر عذب يحمل عبق الماضي. كان الأداء مفعمًا بالشجن، كما لو كانت الكلمات تتجسد في كل وتر وكل نغمة، لتتردد صداها في قلب الحاضرين. وقع الكلمات كان مؤلمًا وجميلًا في ذات الوقت، فالجمهور لم يستطع إلا أن يغرق في بحر الذكريات الأندلسية المنسية.

أندلسية

ختام الرحلة: زهرات الأندلس

اختتمت الأمسية بمعزوفة “زهرات الأندلس”، حيث تضافرت الآلات الشرقية من عود وكمان وقانون في تناغم بديع. كانت الأنغام ختامًا لرحلة موسيقية نقلت الحضور إلى فضاءات أندلسية مليئة بالجمال والروح. وكأن الربيع ذاته يودع زهراته، ليترك في ذاكرة الجمهور ذكرى لا تنسى. توقفت لحظة الزمن، وارتفعت التصفيقات في قاعة الأوبرا كتحية لذكرى حية لا تفارق الأذهان.

أندلسية

انعكاس الروح الأندلسية في قلوب الحاضرين

لم تكن تلك الليلة مجرد حفل موسيقي، بل كانت رحلة استحضرت الذاكرة الجماعية التي تحتفظ بها قلوب الحاضرين. في قلب مسقط، نجحت دار الفنون في أن تكون جسرًا بين حضارة الأندلس العريقة وإرثها الموسيقي وبين أحاسيس الحضور، لتصبح تلك الأمسية نقطة انطلاق لعلاقة جديدة مع الفن الأندلسي. وستظل هذه اللحظات تردد في الأفق البعيد، مثل أصداء الموشحات الأندلسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى