GreatOffer
ثقافة وفن

الطبيعة والميثولوجيا في عُمان: حين تهمس الأسطورة في أذن التاريخ

كتبت: سيلينا السعيد

Advertisement GreatOffer

في قلب مسقط ، وتحديدًا بين جدران النادي الثقافي ، اجتمع نخبة من الباحثين والمفكرين والأدباء في ندوة وطنية حملت عنوان “الطبيعة والميثولوجيا في سلطنة عُمان ، نحو رؤية برهانات متجددة” ، لاستكشاف العلاقة العميقة بين الأسطورة والطبيعة في الوجدان العُماني. كانت هذه الندوة بمثابة سفر عبر الزمن ، حيث تتشابك المرويات الشعبية مع الجغرافيا ، وتتراقص الطقوس القديمة على إيقاع المعارف الحديثة.

البحر يروي.. والجبال تنصت

Advertisement

استهل أ.د. حمود الدغيشي النقاش بإطلالة على الطقوس البحرية العُمانية ، حيث كان الإنسان يراقب زئير البحر ، يخشاه أحيانًا ، ويهادنه أحيانًا أخرى عبر طقوس تنتمي إلى زمنٍ كان فيه المدّ والجزر لغزًا غامضًا. ومن البحر إلى اليابسة.

كما تناول أ.د. خالد أحمد دغلس التداخل بين الميثولوجيا وعلم الآثار، كاشفًا كيف تسهم الروايات الشعبية في تشكيل الوعي الجمعي ، وكيف يتعامل علماء الآثار مع تلك الحكايات بوصفها بوصلات تقود إلى كنوز الماضي.

الرموز الفنية.. بين الماضي والمستقبل

لم يكن الفن بعيدًا عن هذه الرحلة ، فقد تناول د. ياسر منجي تأثير الرموز الأسطورية في الفنون والآداب ، متتبعًا أثر الطبيعة والميثولوجيا في إبداعات الشعوب ، ومستلهمًا منها رؤىً متجددة قد تُثري الإبداع العُماني المعاصر. أما الفنان التشكيلي سعيد النحوي ، فقد استعرض دوره في توثيق التراث بصريًا ، محولًا الميثولوجيا إلى لوحات وأعمال تفاعلية تعكس عمق المخيلة العُمانية.

الأسطورة

الأشجار تروي حكاياتها

وفي بحث أنثروبولوجي مثير، سلّط د. يونس النعماني الضوء على دور الأشجار في الموروث الأسطوري ، حيث النخلة ، واللبان ، والكيذا ليست مجرد نباتات ، بل كائنات تنبض بالحكايات ، وتعكس علاقة الإنسان العُماني ببيئته عبر العصور.

الأسطورة بوابة العبور إلى الفن المعاصر

من وحي أسطورة كهف جرنان ، ناقشت صفا الفهدية كيف يمكن إعادة إحياء الحكايات القديمة عبر الوسائط الرقمية والفنون التفاعلية ، مؤكدة أن الأسطورة ليست مجرد ذكرى ، بل مادة حية تتجدد مع كل جيل.

القصيدة حين تحمل بصمة الأسطورة

وفي زاوية أخرى، استعرض جاسم الطارشي كيف استلهم الشاعر العُماني سما عيسى الطقوس والمعتقدات الشعبية في قصائده ، مما منح نصوصه عمقًا ثقافيًا وروحيًا ، يجعلها أشبه بنشيد يتردد صداه عبر الزمن.

التوصيات: جسور نحو المستقبل

اختتمت الندوة بعدد من التوصيات التي أكدت على ضرورة توثيق الأساطير العُمانية في أبحاث أكاديمية ، وإدماجها في المناهج الدراسية لتعريف الأجيال الجديدة بجذورها الثقافية ، وتوظيفها في السياحة الثقافية، عبر تنظيم رحلات إلى المواقع ذات الطابع الأسطوري وتقديمها بطرق إبداعية.

ما بين البحر والجبل ، وما بين الطقوس والقصائد ، كانت هذه الندوة بمثابة لقاء بين الماضي والحاضر، حيث تتوارى الأسطورة في الضباب ، ثم تعود ، أكثر حضورًا وتأثيرًا ، في ذاكرة الإبداع العُماني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى