قراءة في كتاب

كتاب “قوة الآن” : تحرر من الماضي والمستقبل وعيش اللحظة الحاضرة

بقلم: د. خالد السلامي

Advertisement

هل وجدت نفسك غارقًا في أفكار الماضي التي لا يمكنك تغييرها أو منشغلًا بسيناريوهات المستقبل غير المضمونة؟ في عالم مليء بالتحديات والتسارع المستمر ، أصبح العيش في اللحظة الحاضرة مهارة نادرة لكنها ضرورية لتحقيق السلام الداخلي والسعادة الحقيقية.

في كتابه الشهير “قوة الآن”، يكشف إيكهارت تول سر التحرر من المعاناة الذهنية ويؤكد أن التعلق بالماضي أو القلق بشأن المستقبل هما المصدر الأساسي للتوتر. يرى تول أن الحل يكمن في ممارسة الحضور الكامل والتركيز على اللحظة الحالية ، مما يساعد على تهدئة العقل وتخفيف الضغوط النفسية.

Advertisement

رسالة إيكهارت تول في التحرر من العقل

إيكهارت تول ليس مجرد كاتب ، بل هو شخصية روحانية ألهمت الملايين حول العالم من خلال فلسفته العميقة. مر تول بتجربة شخصية من الاكتئاب والمعاناة ، حتى توصل إلى اكتشاف جوهري: العقل ليس هوية الإنسان الحقيقية ، بل مجرد أداة يجب استخدامها بوعي. هذا الإدراك شكَّل الأساس لفلسفته في كتاب “قوة الآن” ، حيث يقدم منظورًا جديدًا لتحرير الذات من سيطرة الأفكار والانغماس في الحاضر.

الأفكار الرئيسية في كتاب “قوة الآن”

  1. 1. العقل مصدر المعاناة

المعاناة لا تأتي من الظروف الخارجية بحد ذاتها ، بل من الطريقة التي نفسر بها هذه الظروف. يميل العقل البشري إلى اجترار الماضي والتفكير المستمر في المستقبل ، ما يؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر. الحل يكمن في مراقبة الأفكار بدلاً من الانجراف معها ، مما يتيح التحرر من سيطرتها والتمتع براحة نفسية أكبر.

  1. 2. قوة الحضور في اللحظة الحالية

الماضي مجرد ذكرى ، والمستقبل مجرد توقع ، أما الآن فهو الواقع الحقيقي. كل مشاكلنا تحدث عندما نفكر بها ، لكنها ليست موجودة فعليًا في اللحظة الراهنة. يدعو تول القارئ إلى إدراك هذه الحقيقة والعيش بوعي كامل في الحاضر ، حيث يمكن للإنسان أن يختبر السعادة والسلام دون قيود.

  1. 3. الهوية الحقيقية تتجاوز الأفكار

يرى تول أن تعريف الذات من خلال الماضي أو المعتقدات هو وهم. الهوية الحقيقية تكمن في الوعي النقي ، وليس في القصص الذهنية التي يكررها العقل باستمرار. التحرر من هذه الهوية المقيدة يمنح الإنسان شعورًا بالسلام والحرية ، حيث يصبح أكثر اتصالًا بجوهره الحقيقي بعيدًا عن قيود الفكر.

تطبيق أفكار “قوة الآن” في الحياة اليومية

  1. 1. تقبل الواقع كما هو

المعاناة تنبع من مقاومة الواقع. بدلاً من محاربة الظروف ، يدعو تول إلى قبولها بوعي ، ما يسمح بالتصرف بحكمة وهدوء دون ردود فعل عاطفية غير ضرورية. القبول لا يعني الاستسلام ، بل يعني الاعتراف بالواقع والعمل معه بدلًا من مقاومته.

  1. 2. كسر دوامة التفكير الزائد

العقل يعمل بلا توقف ، ولكن يمكن تهدئته عبر تقنيات مثل:

التنفس العميق والتركيز على الشهيق والزفير.

مراقبة البيئة المحيطة والانتباه إلى التفاصيل.

ملاحظة الأفكار دون الانجراف معها.

  1. 3. إدخال الوعي في الأنشطة اليومية

تحويل العادات اليومية إلى لحظات وعي:

عند شرب القهوة، استمتع بالطعم والرائحة دون انشغال ذهني.

أثناء المشي، لاحظ خطواتك وتنفس الهواء بعمق.

استمع بتركيز عند التحدث مع الآخرين، بدلاً من التفكير في ردك التالي.

نقاط القوة في كتاب “قوة الآن”

  1. 1. أسلوب بسيط وعميق

يتميز تول بأسلوبه الواضح والبعيد عن التعقيد الفلسفي، ما يجعله سهل الفهم لأي قارئ.

  1. 2. دليل عملي وليس مجرد نظرية

لا يقتصر الكتاب على الأفكار المجردة ، بل يقدم أدوات وتطبيقات عملية تساعد على تحقيق الحضور الذهني وتخفيف التوتر.

  1. 3. مزيج من الفلسفة والعلم

يجمع تول بين الحكمة الشرقية وعلم النفس الحديث ، ما يجعل أفكاره متوازنة وعملية ، مما يجذب العديد من القراء من مختلف الخلفيات.

  1. 4. تأثير دائم

أفكار الكتاب تظل ملهمة حتى بعد الانتهاء من قراءته ، حيث يمكن للقارئ العودة إليها وتطبيقها باستمرار ، مما يساعده على تحقيق تطور شخصي مستدام.

الانتقادات المحتملة للكتاب

رغم شعبيته الواسعة، تعرض “قوة الآن” لبعض الانتقادات:

استخدام لغة روحانية قد تكون غير مألوفة للبعض.

التكرار في بعض المواضع لترسيخ الأفكار.

التركيز على الحاضر قد يُفسر أحيانًا كإهمال للتخطيط المستقبلي.

عدم تقديم حلول علمية لحالات القلق والاكتئاب الحادة.

الخاتمة: هل يمكنك العيش في “الآن”؟

بعد استكشاف أفكار “قوة الآن”، يصبح واضحًا أن التحرر الحقيقي لا يأتي من تغيير الظروف الخارجية ، بل من تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع الزمن. يدعونا إيكهارت تول إلى تجربة جديدة في الوعي ، حيث يصبح الحاضر هو مركز الاهتمام.

هل يمكنك اليوم أن تأخذ لحظة لتتنفس بعمق ، وتعيش اللحظة الحالية بوعي كامل؟ ربما يكون هذا هو الخطوة الأولى نحو السلام الداخلي والتحرر من قيود العقل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى