قصة “الجنية” .. من المجموعة القصصية”جريمة على شاطئ العشاق”
“جريمة على شاطئ العشاق” كتاب يحتوي على مجموعة من القصص للكاتب فايل المطاعني المعروف “بالحكواتي” ، ومنه على سبيل المثال قصة “الجنية” التي أهداها الكاتب إصداره بعد أن علم بخبر موتها قبل طباعة الكتاب بأسبوعين ، و”الجنية” قصة اجتماعية ، تتحدث عن تعرض إحدى الفتيات للتنمر من قبل عائلتها ومجتمعها مما كان له أثر سيئ جدًا عليها ، تعرض الفتاة لظلم الأهل أو الزوج أو الأخ ، قصة من قصص الواقع والظلم المجتمعي في أبشع صوره.
كتب : د. فايل المطاعني
عندما يجتمع علي كرهك البشر فما لك سوي رب السماء.
لكي يرحمك ، فلن يرحمك معبود ، ولو فرشت له الأرض ذهب.
لأنك بالنسبة لهم أنتِ لستِ إنسانة ، أنتِ جنية ، والجنية منبوذة لدي بني البشر.
الفصل الأول :
مبارك ، المولودة بنت ، تلك كانت ، اشارة مجئ للدنيا ، ولكن تلك البشارة لم تعجب والدي ، فأسود وجه ، وظل حزين ، فخرج من البيت غاضبآ ، وطبعآ لم ينسي أن يرمي الطلاق على والدتي ، فهو لا يريد بكره أنثي ، فهناك مورث في قبيلتنا ، أن من يكون بكره أنثي ، تكون البنت ممسوسة من الجن ، أي بها مس من الجن ، وهكذا منذ جئت الى الدنيا وأنا قدري .. أن أكون جنية
إاليكم قصتي
أنا إسمي ، “ريم صالح” ، ولدت في يوم كانت الرياح شديدة وقوية ، ومن شدة الغبار لا يكاد الواحد يري إصبعه ، لذلك لم يقدر والدي أن يصل بأمي الى المستشفي لكي تلدني ، فولدت في البيت ، لان أقرب مدينة تبعد عنا خمسة وأربعون كيلو بالسيارة ، تمت الولادة بنجاح عن طريق القابلة جارتنا ، وطبعآ الوالد غضب أن أمي ولدت له بنت ولم يكن يرغب بذلك ، فطلق أمي على الفور ، وخرج غاضباً ، وهو يقول : هذه بنت الجن ، هذه ممسوسة ، لا أريدها!!.
والدتي بعد أن علمت بطلاقها انصدمت من ردة فعل والدي القوية ، وبرغم أنها لا تؤمن بهذه الخرافات ، ولكن ليس بيدها حيلة؛ فكانت تردد مقولة ( الحمدلله على كل حال) ، وهذه الكلمة سوف يلاحظها القارئ كثيرا ما أقولها ، فأنا أخذتها من أمي ، فالأقدار بعض الأحيان تجمعك مع من تحب.
حاولت والدتي ، قدر الامكان أن تبعدني ، عن الناس ، وكلامهم ، ونظراتهم، فأنا (جنية) في نظرهم ، وبعد عدة محاولات من أهل والدي وأهل أمي ، رجع والدي الى البيت على كره منه ، واستمرت الحياة بينهم ، وأنجب الوالد بعد ذلك ثلاثة أبناء ذكور ، وابنتان ، ولكنه كان ينظر إلي على أنني لست ابنته ، فأنا جنيه في نظره ، فلا حنيه أب ، ولا عطفه بل إجتناب ، وشح في العواطف والمشاعر .
ويبدو أن إنجاب الأبناء الذكور لم يشفع لأمي فتم طلاقها ، هذه المرة طلاق أبدي ، لم يشفع لها إنجاب ثلاثة من الذكور ، انه الرجل ، بيده اختلاق الاعذار والحجج لكي يهرب من مسوؤلياته ، والبحث عن زوجه أكثر نضارة وجمالا ، ولن يشفع لها حتي لو أوقدت أصابعها العشرة شموعا له.انه الرجل وفلسفته ولو أنجبت له عشراً من الأبناء الذكور ، أو كانت عقيم ، سوف ينفذ ما برأسه ، ولو تزوج قطر الندى. أن الفحولة عند السيد الرجل ، هي مقدرته ، على المعاشرة و إنجاب الأبناء ومن ثم تركهم ، يواجهون مصاعب الحياة ، دائماً علموا أنفسكم ، فنحن أهلنا لم يعلمونا.
هذا كان دائما شعار والدي. يتبع ،،،،،