قراءة في كتاب

“سيليا” في طبعتها الثانية: رواية تُحلّق في فضاءات الحب والهوية والاختلاف

كتبت : مهى الكراي

Advertisement

أطلقت دار الأمان للنشر والتوزيع الطبعة الثانية من رواية سيليا للكاتب المغربي عبد الوهاب حداشي، بعد النجاح اللافت الذي حققته الطبعة الأولى، والتي استُقبلت بترحيب نقدي وجماهيري واسع. وجاءت هذه الطبعة الجديدة في حُلّة فنية أنيقة مع تعديلات طفيفة تُضفي مزيدًا من السلاسة على النص، وتقع في 160 صفحة من القطع المتوسط.

تدور الرواية في قرية تملالت، التي تتحول في سرد الكاتب إلى مسرح داخلي للعزلة والتأمل، حيث يحاول البطل أمين، الأستاذ الجامعي المتألم، أن يتعافى من خيبة حب عنيف خسره بسبب التمييز العرقي. لكن سيليا – وهي الشخصية التي تحمل اسم الرواية – ليست فقط بديلاً عاطفيًا، بل مرآة تعكس أسئلة أعمق عن الذات والآخر، عن الهوية والهامش، وعن جراح المجتمع المكبوتة.

Advertisement

من خلال أسلوب سردي يتسم بالهدوء التأملي والعمق الفلسفي، يفتح الكاتب نوافذ على موضوعات متشابكة كالعنصرية، والانتماء، وتعدد الهويات الثقافية في المغرب. لا تُقدَّم هذه القضايا على نحو خطابي، بل تتخلل مسار الشخصيات وتنبثق من تفاصيل الحياة اليومية والصراعات الداخلية.

رواية سيليا ليست مجرد قصة حب مأزومة، بل نصّ أدبيّ يتقاطع مع أسئلة كبرى حول بنية المجتمع، وواقع الفوارق العرقية، ومفهوم “الاختلاف” في سياق مغربي متداخل بين البعد الأمازيغي والعربي والإفريقي. وتحضر الرمزية في النص بشكل رشيق، حيث تتحول “سيليا” إلى استعارة للأنوثة المقاومة، والجنوب المنسي، والجمال الذي يقاوم التهميش.

الغلاف الجديد للرواية يحمل لوحة للفنان المغربي محمد ملال بعنوان فتاة من الجنوب، ما يُعزز من الدلالة الجمالية والثقافية للنص، ويُضيف لمسة بصرية تعكس روح الرواية.

عبد الوهاب حداشي، كاتب وأستاذ للفلسفة والفكر الإسلامي من مدينة تنغير، له إسهامات فكرية وأدبية منشورة، وشارك في ندوات ثقافية وفكرية على المستويين المحلي والوطني. تتميز أعماله بدمج البعد الفلسفي بالطرح الأدبي، في سعي دائم نحو مساءلة الواقع وإعادة تأويله من خلال الكلمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى