قراءة في كتاب

تدشين كتاب “نخيل الإمارات في كتابات الرحالة الغربيين” خلال أيام الشارقة التراثية

الشارقة: هرمز نيوز

Advertisement

في إطار فعاليات “أيام الشارقة التراثية”، تم تدشين وتوقيع كتاب “نخيل الإمارات العربية المتحدة في كتابات الرحالة الغربيين” من تأليف الدكتور علي عفيفي علي غازي، الباحث في تاريخ وتراث العراق وشبه الجزيرة العربية. الحدث أقيم على هامش المقهى الثقافي بالبيت الغربي في منطقة الشارقة التراثية، ويأتي ضمن إصدارات معهد الشارقة للتراث لعام 2025.

الشارقة

Advertisement

يضم الكتاب 182 صفحة من القطع المتوسط، مقسمة إلى ثلاثة فصول رئيسية، تسبقها مقدمة وتلحقها قائمة بالمصادر والمراجع. في مقدمة الكتاب، أشار الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، إلى أن نشر التراث الثقافي يتم بدعم حكومي مستمر من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، الذي يولي اهتمامًا خاصًا بالثقافة والتراث باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في التنمية الحضارية.

يعد هذا الكتاب بمثابة دراسة متعمقة لدور شجرة النخيل في ثقافة الإمارات، مستعرضًا كيف رصد الرحالة الغربيون في كتبهم مشاهداتهم عن هذه الشجرة المباركة، التي تعد رمزًا مقدسًا لدى العديد من الحضارات. في الكتاب، ينقل المؤلف للقارئ ما رصده هؤلاء الرحالة في حقب زمنية مختلفة، موضحًا تأثير النخيل على البيئة الإماراتية وحياة أهلها.

الشارقة

تعد النخلة شجرة ذات أهمية كبيرة في حياة سكان الإمارات منذ العصور القديمة، حيث ارتبطت بالزراعة والثقافة والحياة اليومية. في مقدمة الكتاب، يذكر المؤلف أن النخيل كان له دور محوري في الحضارات القديمة، مثل الحضارة السومرية والآشورية والبابلية، وكذلك في الحضارة الإسلامية. وقد ورد ذكر النخيل في الكتب السماوية الثلاثة: التوراة، الإنجيل، والقرآن الكريم، ما يعكس مكانتها الكبيرة في تاريخ البشرية.

في الإمارات، كانت النخلة أساسًا للاقتصاد والمجتمع في مرحلة ما قبل اكتشاف النفط. فالنخيل لم يكن فقط مصدرًا للتمر، بل كانت كل جزء من أجزاء النخلة يُستفاد منه، من جذوعها إلى سعفها، ما جعلها محورية في الحياة الإماراتية. لم يكن هناك محصول زراعي يرتبط بحياة الإماراتيين مثلما ارتبطت النخلة، بل كان لها تأثير اجتماعي وثقافي كبير، حتى أصبحت سيدة الأشجار في البيئة الإماراتية.

الشارقة

خصص المؤلف في الفصل الأول جزءًا كبيرًا للحديث عن “نخيل التمر في فكر الشيخ زايد”، حيث أشار إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي يعتبر رائد النهضة الزراعية في الإمارات، أولى اهتمامًا خاصًا بالنخيل. في بداية حكمه في واحة العين عام 1946، كان قد وضع خطة طموحة للنهوض بالزراعة في الإمارات، وخصوصًا زراعة النخيل. رغم الظروف الصحراوية الصعبة، عمل الشيخ زايد على تحقيق حلمه في تحويل الإمارات إلى “حديقة خضراء” عبر مشاريع زراعية مستدامة.

أدى الشيخ زايد دورًا محوريًا في استزراع الصحراء بالنخيل عبر مشروعات زراعية طموحة، شملت حفر الأفلاج وتوفير المياه للمزارعين، وهو ما ساعد في انتشار أشجار النخيل في مناطق واسعة من الإمارات. ولاحظ الرحالة الغربيون هذا التوجه المبكر من الشيخ زايد نحو تنمية النخيل، واعتبروه خطوة رائدة نحو التنمية الزراعية المستدامة.

في الفصل الثاني من الكتاب، تناول المؤلف كيف كتب الرحالة الغربيون عن النخيل في الإمارات. على مر العصور، كان الرحالة يزورون ساحل الإمارات ويكتبون عن حياتها اليومية، وتناولوا بالتفصيل مشهد النخيل كجزء أساسي من الثقافة المحلية. من بين هؤلاء الرحالة كان القائد البحري البرتغالي ألفونسو دي البوكيرك، الذي أشار في كتاباته إلى النخيل بشكل موسع، وكذلك جيمس سلك بكنجهام، روبرت تايلور، وجورج بارنز بروكس. هؤلاء الرحالة قدموا صورة مفصلة عن تأثير النخيل في حياة الإماراتيين من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية.

الشارقة

وكانت الكتابات التي ظهرت في هذا السياق بمثابة توثيق تاريخي، حيث عكست رؤية هؤلاء الرحالة عن دور النخيل في الحياة اليومية في الإمارات، بدءًا من زراعته وحصاده، وصولًا إلى استخدامه في الصناعات التقليدية مثل صناعة السلال والأثاث.

اختتم المؤلف الكتاب بالفصل الثالث الذي تناول “نخيل الإمارات في دليل لوريمر”. في هذا الفصل، استعرض الكتاب كيفية تناول لوريمر النخيل في “دليل الخليج”، حيث تناول بالتفصيل تاريخه وأهمية النخيل في الإمارات. كما رصد المؤلف التوزيع الجغرافي للنخيل في الإمارات والقبائل التي امتلكت أشجار نخيل، موضحًا تأثير النخيل على الحياة الاقتصادية والتجارية.

الكتاب يمثل إضافة مهمة للمكتبة الإماراتية، ويعكس جهود معهد الشارقة للتراث في الحفاظ على تاريخ الإمارات الثقافي. من خلال هذا الكتاب، يفتح المؤلف نافذة على الماضي، ليبرز تاريخ النخيل وعلاقته الوثيقة بأهل الإمارات، مسلطًا الضوء على رؤية القيادة الحكيمة في الاهتمام بهذا التراث الزراعي الأصيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى