رحلة برّية توحّد إفريقيا على طريق كأس أمم إفريقيا المغرب 2025

متابعة: د. محمد سعد
تعيش القارة الإفريقية هذه الأيام على إيقاع العدّ التنازلي لانطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية «المغرب 2025»، حيث لم تعد البطولة مجرّد حدث رياضي مرتقب، بل تحوّلت إلى مساحة جامعة تتقاطع فيها الرياضة مع الثقافة والهوية والذاكرة الجماعية لشعوب القارة.
ومن مدينة كوتونو، عاصمة بنين الاقتصادية، انطلقت مبادرة استثنائية وغير مسبوقة تتمثل في رحلة قارية برّية تعبر أكثر من عشر عواصم إفريقية، بمشاركة أكثر من 40 من صنّاع المحتوى والصحفيين والمؤثرين، في مسار رمزي بالسيارات نحو المغرب، البلد المضيف للعرس الكروي الإفريقي.

وتحمل المبادرة عنوان «الوجهة المغرب 2025 – أرض كرة القدم»، في تجربة فريدة تمزج بين كرة القدم والسرد القصصي والتفاعل الإنساني، مقدّمة رواية مختلفة لكأس الأمم الإفريقية من قلب الشوارع والمدن والناس.
وعلى امتداد آلاف الكيلومترات، تجوب القافلة دول غرب إفريقيا، مرورًا بتوغو وغانا وكوت ديفوار وغينيا والسنغال وموريتانيا، وصولًا إلى المغرب، حيث تستعد المملكة لاحتضان البطولة خلال الفترة من 21 ديسمبر 2025 حتى 18 يناير 2026.
فريق إفريقي يروي الحكاية من قلب الميدان

تضم القافلة مواهب رقمية وصحفيين ومصورين ومؤثرين من دول إفريقية مختلفة، إضافة إلى مشاركين من فرنسا، يجمعهم هدف واحد: رواية حكاية كرة القدم الإفريقية كما لم تُروَ من قبل.
ويقوم الفريق يوميًا بإنتاج محتوى رقمي متنوّع، يشمل مقاطع قصيرة ومنشورات تفاعلية من كل مدينة، ما يتيح لملايين المتابعين عبر المنصات الاجتماعية معايشة الرحلة لحظة بلحظة.
وتوثّق هذه المواد روح الثقافات المحلية، ودفء الجماهير، والقصص الصغيرة التي صنعت تاريخ الشغف الكروي في القارة، مقدّمة صورة نابضة لإفريقيا باعتبارها فضاءً للابتكار والحياة والوحدة.
رحلة إنسانية تتجاوز حدود الكرة

لا تقتصر الرحلة على الترويج الرياضي، بل تمثّل تجربة إنسانية عميقة تهدف إلى التقارب بين الشعوب الإفريقية، حيث يعكس اختيار الطريق البرّي — بدل السفر الجوي — رغبة المنظمين في البقاء قريبين من الناس، وملامسة نبض الشارع، واستحضار أجواء البطولة قبل انطلاق صافرتها الأولى.
ويمر المسار عبر محطات تحمل ذاكرة كرة القدم الإفريقية: أبطال تاريخيون، ملاعب أسطورية، عواطف جماهيرية، وحكايات متداخلة تشكّل جزءًا أصيلًا من الهوية الرياضية للقارة.
وللمرة الأولى، يُوثّق هذا الزخم الثقافي والإنساني في الزمن الحقيقي عبر رواية رقمية تفاعلية عابرة للحدود.
المغرب.. الوجهة النهائية وأرض الالتقاء
يمثّل وصول القافلة إلى مدينة الرباط تتويجًا رمزيًا لمسار يوحّد القارة حول أكبر تظاهرة كروية إفريقية. فبفضل بنيته التحتية المتطورة، ورؤيته الطموحة، والتزامه المستمر بتطوير كرة القدم، بات المغرب محورًا رئيسيًا في المشهد الرياضي القاري.
ويتحوّل ما عُرف بـ«طريق الكان» إلى حدث تاريخي يمهّد لانطلاقة احتفالية جامعة، وينذر بنسخة استثنائية من كأس أمم إفريقيا 2025، تعيد إشعال شغف القارة بكرة القدم وتؤكد أن اللعبة قادرة، مرة أخرى، على جمع إفريقيا على قلب واحد.



