الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة .. يفتتح معرض الرُّواد البحرينين توثيقاً لفنهم ولبثِّ روح التَّجديد في الفنِّ التشكيلي
كتب : علي باقر – مملكة البحرين
احتفالية كبيرة يتجسد فيها استذكار الرُّواد المرحومين المتمهنين والمؤسسين للفن التشكيلي في وطني مملكة البحرين ، وتكريمهم بحضور عوائلهم وسط حضور مكثف من الفنانين التشكيليين والإعلاميين البحرينين وعدد من الضيوف الذين حضروا من الدول الخليجية المجاورة ليشهدوا احتفائية التكريم لهؤلاء الذين رسخوا الفن التشكيلي من الخمسينات ، وبنوا لُبنه وقواعده ، وأشعلوا نهضته ، وطوروا بإنجازاتهم هذا الفن التَّشكيلي بأنواعه ثمَّ مضوا عن دنيانا إلا أن أعمالهم الفنيَّة الخالدة مازالت نابضة بعطائهم ، فقد تركوا لنا إرثاً فنياً إبداعياً لينهل من معينه فنانونا المعاصرين.
ولعل هذه الاحتفائية بهم التي أقامتها جمعية البحرين للفن المعاصر في صباح يوم السبت الموافق 7 إكتوبر 2023 تحت رعاية كريمة من معالي الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الوطني للفنون هي الوثيقة التوثيقية ، فهي تجسيد و تخليد لأرواح الفنانين الرُّواد المرحومين وتكريم لعوائلهم وانجازاتهم التشكيلية الفنية تبصرة متدفقة يستمد منها الفنانون المعاصرون روح التجديد.
وحول هذه الاحتفائية التي كرمت عوائل الفنانين الرُّواد المؤسسين الذين يشكلون تاريخ الفن التشكيلي في وطننا مملكة البحرين ، ونستذكر من خلالها الأعمال الفنية التشكيلية تحدثت مع الفنان التشكيلي خليل المدهون رئيس جمعية البحرين للفنِّ المعاصر حول الاحتفائية فبادرني بقوله : “بداية أتقدم نيابة عن مجلس إدارة الجمعية بجزيل الشكر والعرفان والتقدير لسمو معالي الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الوطني للفنون على دعمه الدائم و متابعته لإنجاح الفعاليات و الأنشطة التي تقدمها الجمعية ، كما أتقدم بشكر الجزيل أيضاً لكل من دعم وساند وعمل من أجل إنجاح هذا المعرض وشكري الخاص إلى عوائل الفنانين الرُّواد المشاركين الذي يسّروا علينا جمع لوحاتهم الفنية التشكيلية التي أنجزها روَّاد البحرين في الفن التشكيلي عبر سنوات حياتهم الفنية.
وأحبُّ أن أوضح في هذه المناسبة أن فكرة إقامة معرض الرُّواد ينفرد بها وطننا الغالي البحرين رغم صعوبة التنسيق لإقامة معرض جماعي فني لمجموعة فنانين بارزين يشكلون تاريخاً للنهضة الفنية التشكيلية ، فجمع انجازاتهم الفنية عبر السنوات من رحيلهم رحمة الله عليهم كان عملاً شاقاً ، ولكننا في هذه الاحتفائية بهم تغمرنا الفرحة ونحن نحتفي بمسيريتهم الفنية ونكرم أبناءهم وعوائلهم عرفانا بإنجازاتهم.
وكلنا يدرك أن الحركة الفنية التشكيلية بدأت منذ نهاية الأربعينيات تقريباً وأن الفنانين الرُّواد اشتركوا من معارض متفاوتة ومختلفة ولم يجتمعوا جميعاً في معرض واحد مما يجعل البحث عن المقتنيات الفنية التشكيلية صعباً ، ولكن رغم ذلك استطعنا أن نوثق هذه الانجازات البحرينية الأصيلة الفنية التشكيلية المتنوعة التي أنجزها الفنانون الرُّواد بأحاسيسهم ومشاعرهم وثقافتهم من البيئة البحرينية تجعلنا في إبحار دائم لنترجم تلك المواضيع و التصاميم الفنية الرائعة لمعرفة أسرار تميزها وخلودها من خلال اجتهاد شبابنا المعاصرين وتبصرهم وتعلُّمهم الأكاديمي والبحثي والتطويري في الجوانب المهارية.
ومن خلال هذه الاحتفائية أوصلنا الرسالة الصادرة من الجمعية للأشقاء الفنانين في بلدان العالم بأن البحرين لديها تاريخ فني كبير ، ولديها رصيد فني متميز ورؤيتنا كفنانين نقدمها لمسئولينا فنحن نتطلع لأن يكون لدينا معرض دائم ومتحف خاص يوثق الفن التشكيلي ليكون مصدر دراسة ومصدر استلهام واعتزاز عند الفنانين والمواطنين البحرينين وأشار أيضاً أننا كأساتذة للفن التشكيلي نطمح أن يكون ذلك المتحف مرجعاً يسهل على الدَّارسين البَّحث من خلال إثرائه الكنوز المعرفية التعليمية “.
قابلت الفنان التشكليلي عباس سرحان وهو مصور زيتي أشار : إلى أن معرض الرواد حقق ارتياحاً فنيا ومعرفياً من خلال انجازات الرُّواد المعروضة وقال : إذا كنت متابعاً للحركة الفنية التشكيلية فإنك تجدها سلسلة وعليك أن تتوقف وتنظر وتعمل جلسة أو معرض تقييمي وتقارن إنجازك بإنجازات الرُّواد في فترة من الفترات ، ولعل هذا تجلَّى وظهر في هذه الاحتفالية من خلال إقامة معرض الرُّواد في هذه القاعة المزدانة بلوحات الفنانين الذين يشكلون تاريخاً ونهضة للبحرين في الفن التشكيلي والمذهل أنك ستكتشف مستوياتهم الفنية عبر بدايات مسيرتهم الخالدة في الخمسينات والستينات والسبعينات .. لذا أرى أن معظم فنانين البحرين اليوم تأثروا بهم ، فأنا كلما استرجعت لوحات الفنَّان عباس المحروس التي تتضمن القوة والضخامة في تفاصيلها كلما شعرت بأن البحرين عميقة جداً في هذا الفن التشكيلي ولها جذور.
في هذه القاعة التي يتزاحم عليها الفنانون والمدعوون وبعض الزوار أبصرت الفنان التشكيلي حسين عيسى أحد أعضاء مجلس الإدارة و رئيس لجنة المالية بالجمعية وسألته عن فكرة المعرض فابتسم كعادته قائلا : كما تعلم أن هذا المعرض أقيم تكريماً لعوائل الرُّواد و استذكاراً وعرفاناً بإنجازاتهم الفنية التشكيلية كمؤسسين لهذا الفن الجميل.
وكما تعلم أن هؤلاء الرُّواد أسسوا الفن التشكيلي في عام 1950م تقريباً وكان مقرهم آنذاك في فريق الفاضل بالمنامة واستطعنا أن نحصل على كتاب واحد فقط تناول تراجم لسير ذاتية لأربعة عشر رائداَ من روَّاد البحرين في الفن التشكيلي من إصدار وزارة الإعلام البحرينية لعام 1980م
ولا أخفي عليك لقد واجهتنا صعوبة في جمع هذه اللوحات الثمينة والحصول عليها من أهاليهم ، إلا أننا نجحنا في الحصول عليها بالتعاون مع عوائل الرُّواد.
في ختام اللقاء كانت لي وقفة مع الفنانة التشكيلية شيماء مراد نائب رئيس مجلس الإدارة و المنظمة لمعرض الرُّواد حول هذه الاحتفائية المميزة التي حضرها عدد كبير من الفنانين التشكيليين والمدعوين والإعلاميين وطلبت منها إعطائي نبذة عن جمعية البحرين للفن المعاصر فرحبت مبتسمة وتحدثت قائلة : نحن في مجلس الإدارة سعداء بتشريف معالي الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الوطني للفنون وذلك بافتتاحه لمعرض الرُّواد الذي يعدُّ بالنسبة لكل الفنانين المعاصرين عرساً فنياً بهياً نحتفي به بعد مرور سبعين عاماً.
وأود أن أشير إلى أن جمعية البحرين للفن المعاصر تأسست في عام 1970م ، لكن بدأية الفن التشكيلي في وطننا البحرين تسبق تأسيس الجمعية بسنوات ، والمتتبع إلى بدايات الحركة التشكيلية يدرك أن الفنان التشكيلي عبدالكريم العريض جمع الرُّواد وترأسهم و نظَّم مسيرتهم الفنية تحت مسمى ” أسرة هواة الفن” في مكتبته الشعبية الخاصة والتي كانت في شارع الشيخ عبدالله بالعاصمة المنامة. وفي بداية الخمسينات بين عامي 1950 ـ 1954 تأسس مقر “أسرة هواة الفن” . لذا فإن الباحث عن عمر الفن التشكيلي في البحرين سيقف تحت السبعين عاماً أو أكثر ، لكننا في السابع من أكتوبر 2023م نشهد ولأول مرة سبقاً لجمعية البحرين للفن المعاصر في الاحتفاء بالرواد المؤسسين للفن التشكيلي.
والأجمل أن يبارك احتفائيتنا ويدعمها بالحضور والرعاية والافتتاح الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الوطني للفنون لما لها من مكانة تاريخية و توثيقية خاصة ، فهي تعدُّ تجسيداً لمكانة الفنانين الرُّواد في قلوبنا و تكريماً لعوائلهم وتخليداً لفنهم واستفادة وتبصرة لفنانينا الشباب المعاصرين والهواة المهووسين بالفن التشكيلي وذلك ببث روح التجديد والتطوير استكمالا لمسيرة الفنون في وطننا الحبيب.