اختتام أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2024
تضمن العديد من الجلسات والمناقشات المتخصصة..
مسقط : هرمز نيوز
اختتمت اليوم الخميس أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2024 ، والذي جاء برئاسة سلطنة عُمان ، حيث ترأس المنتدى معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد عبر الاتصال المرئي ، ومشاركة عدد من أصحاب السعادة وكلاء بعض الجهات الحكومية كمتحدثين في الجلسات العامة والنقاشية لأهداف التنمية المستدامة التي استعرضها المنتدى.
المنتدى العربي للتنمية المستدامة هو الآلية الإقليمية الرئيسية لمتابعة واستعراض تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (خطة عام 2030) في المنطقة العربية. يجمع هذا المنتدى الذي تنظمه الإسكوا سنوياً ، بالتعاون مع جامعة الدول العربية وغيرها من وكالات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة ، ممثلين عن الحكومات العربية ومجموعة واسعة من أصحاب المصلحة لمناقشة التقدم المحرز ، واستعراض التجارب الوطنية والإقليمية ، والبحث في آخر المستجدات وآليات التنفيذ حتى عام 2030 على الصعيدين الوطني والإقليمي.
ويركز المنتدى هذا العام على خمسة أهداف للتنمية المستدامة تتمثل في الهدف (1) القضاء على الفقر ، (2) القضاء التام على الجوع ، إضافة (13) العمل المناخي ، (16) السلام والعدل والمؤسسات القوية ، إلى جانب (17) عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.
وجاء في كلمة معالي الدكتور وزير الاقتصاد في ختام أعمال المنتدى تقديره للجهود والنقاشات التي استمرت على مدار ثلاثة أيام في قضايا محورية بالنسبة للمنطقة العربية بالإضافة إلى تعميق الحوار والتركيز على الأولويات الإقليمية في مؤتمر القمة المعني بالمستقبل المزمع عقده في نيويورك في أيلول/سبتمبر 2024 ، ولا سيما التكنولوجيا الرقمية ، والأمن والسلام ، والعدالة بين الأجيال ، وإصلاح النظام المتعدد الأطراف ولا سيما الهيكل المالي.
حيث أتاحت الجلسات المتخصّصة التعمّق في بعض تلك القضايا ، كما بحثت في أولويات إقليمية مهمة أخرى مثل التعليم ، والمرأة والسلام ، والبيانات، والاستشراف الاستراتيجي ، والإنذار المبكر ، وحقوق الإنسان.
كما أوضح معاليه في كلمته إلى مجموعة الرسائل الرئيسية المنبثقة في ختام مناقشات وجلسات أعمال المنتدى ، ففي جانب الأمن والسلام الدعوة إلى ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في غزة ، والسماح بالدخول غير المشروط للمساعدات الإنسانية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لغزة والأراضي الفلسطينية بما يتماشى مع القانون الدولي. بالإضافة إلى الدعوة للاستفادة من قمة المستقبل للضغط باتجاه إصلاح شامل للنظام المتعدد الأطراف وخصوصا لضمان تنفيذ القرارات الأممية الداعمة للدول النامية والدول التي تعاني من الحروب والاحتلال والنزاعات ، وبناء الائتلافات على مستوى الحكومات ومنظمات المجتمع المدني للاستفادة من مؤسسات القانون الدولي للنجاح في تحقيق الاستقرار والأمن والعدالة.
وأما في جانب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جاء التوافق على أهمية العمل على ضمان سلامة البيانات من خلال إقامة آلية عالمية للتصديق على مجموعات البيانات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي ولاعتماد الخوارزميات ، ومساءلة مختلف الجهات الفاعلة المعنية ، وضمان تكامل الجهود التي تبذلها المنظمات المتعددة الأطراف لجني فوائد الذكاء الاصطناعي. ضرورة تعزيز الحوكمة الرقمية ووضع السياسات لضمان خصوصية المعلومات والبيانات والحماية من الانتهاكات ، ومنع احتكار الجهات الفاعلة الكبرى للتكنولوجيا ، والحماية من تضخيم وإعادة إنتاج أوجه عدم المساواة والظلم القائمة وتشويه الحقائق الذي يمكن أن ينتجها الذكاء الاصطناعي.
كما أشار معاليه إلى ضرورة تشجيع وزارات التربية والجامعات لتأسيس برامج ومنصات تربط بين التعليم/ التدريب الرسمي وغير الرسمي في مجال تكنولوجيا المعلومات لتطوير المهارات الوطنية الرقمية التي يمكنها تلبية الاحتياجات المحلية
كما تطرق معاليه في كلمته بخصوص الشراكة مع القطاع الخاص حيث ينبغي للحكومات تحسين البيئة المواتية للشركات لدمج الاستدامة في استراتيجياتها ومبادراتها. ويشمل ذلك التدابير والسياسات الهادفة ، مثل تبسيط عمليات إنشاء الأعمال ، وتحسين الوصول إلى الأموال / الاستثمارات ، وضمان بناء البنية التحتية الأساسية وسهولة الوصول إليها ، وإصلاح السياسات الضريبية. وحث الشركات إلى تبني تحول ثقافي نحو التنمية المستدامة ، بما يتجاوز المسؤولية الاجتماعية للشركات.
وأكد معاليه حول المؤسسات العامة والحوكمة الدولية في كلمته الختامية إلى أهمية العمل على تحقيق مجتمعات شاملة وسلمية يتطلب التنفيذ الصارم لتشريعات مكافحة الفساد. يعد تعزيز السلوك الأخلاقي والنزاهة داخل الإدارات العامة أمرًا ضروريًا لاستعادة أو بناء الثقة في المؤسسات الوطنية. ودعوة الدول والمؤسسات المالية العربية لتوحيد الجهود ورفع الصوت من أجل تعزيز تمثيل الدول العربية في المؤسسات المالية العالمية وإصلاح البنية المالية العالمية لضمان قدرة البلدان النامية – بما في ذلك البلدان التي تواجه عدم الاستقرار – على الوصول إلى تمويل التنمية عندما تكون في أمس الحاجة إليه.
وحول هدف مكافحة الفقر أشار معاليه إلى ضرورة ربط برامج الحماية الاجتماعية بالسياسات الاقتصادية والإصلاحات السياسية لضمان الحد من الفقر لدى الأجيال الحالية مع تلبية احتياجات الأجيال القادمة وضمان النمو والعدالة الاجتماعية لهم. أما عن جانب النظم الغذائية دعا المنتدى إلى ضرورة تفعيل النهج الثلاثي للإغاثة والتنمية والسلام لتحقيق الأمن الغذائي في بلدان النزاع ، وعدم تسييس الدعم الإنساني والتنموي عموماً والغذائي خصوصاً الدعوة إلى الاستثمار في السيادة الغذائية على المستوى الإقليمي وعلى مستوى دول الجنوب بما يضمن عدم الوقوع في مديونية وعجز مالي.
ختاما أوضح معاليه في موضوع العمل المناخي الحاجة إلى تكثيف الجهود التي بدأتها المؤسسات التمويلية في إعطاء أولوية لتدفقات التمويل المناخي للبلدان الاقل نمواً في المنطقة ، والعمل على تصميم آليات تمويل تتناسب مع الظروف الفريدة لهذه الدول.
وشهدت أيام المنتدى مشاركة سلطنة عُمان في عدد من الجلسات الحوارية تناولت عدد من القضايا المعاصرة في قضايا التنمية المستدامة ، حيث شارك سعادة الدكتور ناصر المعولي وكيل وزارة الاقتصاد في جلسات اليوم الثاني من المنتدى بالملتقى العربي لشركات الأعمال وأهداف التنمية المستدامة. وأشار سعادته في كلمته إلى إيلاء سلطنة عُمان أولوية كبيرة لتطوير الشراكات والتعاون بين القطاعين العام والخاص ، والسعي إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في القطاعات الاقتصادية.
وأكد سعادة الوكيل على تنفيذ مجموعة من المبادرات الوطنية منها برنامج “نزدهر” المعنية بتعزيز وتمكين دور القطاع الخاص في قيادة التنمية الاقتصادية عبر تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة. وصالة “استثمر في عُمان” التي جاءت لتجسد مفهوم تكاملية أدوار الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالاستثمار ، لتقدم بذلك نموذجا فريدا من نوعه في خدمة المستثمرين خلال كافة مراحل الاستثمار الممتدة من مرحلة اكتشاف الفرص الاستثمارية ، مرورا بمرحلة تأسيس وتوطين المشروع ، وحتى نهايته. كما شرح سعادته برامج المحتوى المحلي ، “السياسة الوطنية للمحتـوى المحلي ( 2024 – 2030 م)” التي تهدف إلى إيجـاد منظومـة وطنيـة تـتـولى تنظيم ومتابعـة المحتـوى المحلـي فـي جميـع القطاعات ، ومن أهمها توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة .
إلى جانب مبادرة إطلاق (صندوق عُمان المستقبل) كرافد تمويلي لدعم أنشطة ومشاريع القطاع الخاص والشركات الناشئة ورواد الأعمال ، بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي ، وتشجيع القطاع الخاص للدخول في شراكات ، ولتحفيز منظومة الاستثمار الجريء في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة ، تخصيص 10% من رأسمال الصندوق للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
بالإضافة إلى توحيد الاستثمارات الحكومية تحت مظلة جهاز الاستثمار العُماني لرفع كفاءة الاستثمارات الحكومية ، للقيام بدور محوري وفعّال سواء فيما يتعلق بدعم آفاق التنويع وزيادة مصادر الدخل للدولة وتوسعة دور القطاع الخاص. كما تطرق سعادة الوكيل إلى الحديث عن مبادرة “إقامة مستثمر” وهي أداة وميزة تنافسية لجذب الاستثمارات الأجنبية النوعية ، ومنها ربط الإقامة بالاستثمار من خلال تسهيل منح الإقامة للمستثمرين وأفراد أسرهم الراغبين بالاستثمار في سلطنة عُمان.
ومن المبادرات لتشجيع القطاع الخاص ذات العلاقة بوزارة الاقتصاد مبادرة بناء منظومة مشاريع استثمارية في كل محافظة التنمية ، وتحديد مخصصات لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية الحالية (2021-2025)، لدعم الشراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع. ومبادرة “اقتصاديات الذكاء الاصطناعي” تهدف الى تحفيز النشاط الاقتصادي وتشجيع مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في أنشطة الابتكار واقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي.
كما تضمنت أعمال المنتدى مشاركة سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة كمتحدث في الجلسة العامة لاستعراض الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة “بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ في سياق الأزمات المتعددة”. تلخصت حول ما تتخذه سلطنة عُمان للتكيف عبر المتغيرات المناخية حيث أن سلطنة عمان نفذت مجموعة من الدراسات عبر هيئة البيئة وجهات مشتركة أخرى لرصد التغيرات الحاصلة في أحوال الطقس بشكل يومي وسنوي وفي المتغيرات المناخية بشكل تراكمي، ومن الملاحظ أن في 50 سنة في العقد الماضي أن مجموع الأعاصير لا تتجاوز 5 ، وأما في 50 سنة في القرن الماضي وصلت حوالي إلى 15 حالة مدارية مختلفة التأثير. وأما من عام 2000 أصبحت بمعدل حالة مدارية لكل عام. لذلك تلاحظ لنا وجود ظاهرة لتزايد نشوء الأنواء المناخية والحالات المدارية المختلفة ، ومن هذا المنطلق سعت سلطنة عُمان لإنشاء العديد من السدود وصلت لحوالي 180 سد بمختلف أنواعها كسد للحماية أو التغذية. وتنفيذ مجموعة من منظومات الحماية للمدن كتعميق الأودية وتغيير مسارات الأودية. وادخال مواصفات جديدة للطرق مثل أن بعض الطرق العابرة للأدوية أصبحت جسور لضمان انسيابية حركة المرور. ومن جانب آخر ، هناك اشتغال على بناء القدرات وإدخال مفاهيم التغيرات المناخية في المناهج التعليمية.
كما تحدث سعادة الدكتور أن سلطنة عُمان تتجه للحد من آثار التغير المناخي كتعزيز استخدام الطاقة البديلة النظيفة بدلا عن الطاقة التقليدية ، بالإضافة إلى العمل لتوسيع رقعة الغطاء النباتي كمشاريع زراعة أشجار القرم فهي معروفة لامتصاصها ثاني أكسيد الكربون.
وفي جانب الحديث عن الشراكات والدعم والتمويل ، تطرق سعادته إلى وجود صناديق تمويلية إقليمية وعالمية للدعم والإقراض الأخضر للمشاريع البيئية في العالم. ولكن هناك صعوبات وتعقيد للحصول على التمويل ومن المهم إيجاد فرق عمل عربية لتعمل بشكل جماعي للضغط على صناديق التمويل العالمية لتبسيط الإجراءات وتسهيليها.
وأكد سعادته إلى أهمية الشراكة بين الدول العربية لتبادل الخبرات والمعارف ، لضمان نقل التجارب الناجحة وبناء القدرات بسلاسة ويسر ما بين الدول العربية والمنطقة بشكل عام. ومن المهم تفعيل دور المنتديات العالمية وربطها مع المنتديات العربية لضمان التواصل والاطلاع على أهم الفرص والمنهجيات الجديدة في مجال وضع السياسات والاستراتيجيات والتدريب.
كما شارك سعادة الدكتور أحمد بن ناصر البكري وكيل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه للزراعة خلال الجلسة العامة التي حملت عنوان “تحول النظم الغذائية في بيئة متعددة الأزمات”. وأشار سعادته في كلمته إلى أهمية الموضوع لمناقشته في ظل الظروف والتحديات والأزمات الإقليمية والعالمية التي تواجه الأنظمة الغذائية. لذلك تعمل قطاعات الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في سلطنة عُمان على اتباع الطرق والتقنيات الحديثة لرفع كميات الإنتاج، والحفاظ على الموارد الطبيعية واستدامتها.
ومن ضمن الجهود المستمرة العمل وفق استراتيجيتيّ تطوير القطاعين الزراعي والسمكي وبما يواءم مع رؤية عُمان 2040م. إلى جانب وجود ذراعين استثماريين لمنظومة الأمن الغذائي تحت مظلة جهاز الاستثمار العُماني (الشـركة العُمانية للاستثمار الغذائي القابضة وشركة تنمية أسماك عُمان).
وتطرق سعادة الوكيل إلى ارتفاع مساهمة القطاعين الزراعي والسمكي في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من (1.3%) عام 2011م إلى (2.1%) في عام 2022م ، وبلغت هذه المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي (3.3%) خلال عام 2022م. مما يساهم في رفع إنتاج سلطنة عُمان من المواد الغذائية وتغطية جزء كبير من احتياجات السكان من المنتجات الزراعية والسمكية.
وذكر سعادته إلى اعتماد (137) مشـروعاً استثمارياً ضمن مخرجات مختبرات الأمن الغذائي للفترة 2021-2023م جارٍ تنفيذها من قبل القطاع الخاص ، وتقدر الاستثمارات لتنفيذ هذه المشاريع -وفقاً لدراسات الجدوى- بحوالي (1.656) مليار ريال عُماني ومن المؤمل أن توفر هذه المشاريع قرابة (852) ألف طن من المنتجات الغذائية النباتية والحيوانية والسمكية بعد اكتمال تنفيذها خلال المرحلة القادم.
وتسعى الوزارة إلى الأخذ بمجموعة من الإجراءات والتدابير لضمان إمداد السلع الغذائية سواءً المنتجة محليا أو المستوردة وضمان توفرها في الأسواق المحلية وقت الأزمات. وتعزيز مخزون سلعتيّ الأرز والقمح لتغطية احتياجات سلطنة عُمان ، والإعفاء من ضريبة القيمة المضافة لمدخلات صناعة الأعلاف مثل (الذرة، الشعير، فول الصويا، النخالة وغيرها) وذلك نظرا لارتفاع أسعارها في السوق العالمي وأهميتها لقطاع الثروة الحيوانية.
كما أشار سعادة الوكيل إلى تصنيف سلطنة عُمان في المرتبة (35) عالمياً من أصل (131) دولة ، وفي المرتبة (3) عربياً من بين (13) دولة عربية ، وذلك وفق مؤشر الأمن الغذائي العالمي للعام 2022م لمجلة الإيكونيميست البريطانية.