جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم ملك البحرين يوجه كلمة سامية بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالته مقاليد الحكم
المنامة : د. محمد النحاس
تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين المعظم – حفظه الله ورعاه – ، بتوجيه كلمة سامية بمناسبة مرور خمسة وعشرين عامًا على تولي جلالته مقاليد الحكم في البلادز جاء فيها :
“بسم الله الرحمن الرحيم”
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
يصادف اليوم ذكرى رحيل فقيدنا الكبير ، رحمه الله واسكنه فسيح جناته ، صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، وبغيابه قبل خمسة وعشرين عامًا ، فقدت البحرين قائدًا وأبًا محبوبًا ، وأخًا وصديقًا مخلصًا لكل فرد من أبناء وطنه ، فكان رصيده الإنساني ونموذجه القيادي أصدق تجسيد لصورة البحرين المتحضرة ولخُلق إنسانها السمح والمعروف بوفائه وطيب خصاله ، وهو ما أكسبه ، رحمه الله ، حب شعبه واحترام العالم أجمع.
ولقد نذرنا النفس ، “كإبنٍ لعيسى وحافظًا لعهده” ، بأن تتواصل مسيرة البناء والتطوير بذات العزم الوطني لخدمة مملكتنا العزيزة وحمل أمانتها العظيمة ، والتي قطعنا من أجلها ، أمام الله ، عهدًا موثوقًا بأن تبقى نموذجًا متحضرًا ، ووطنًا متقدمًا يفخر بكفاءة أبناءه وبناته ، ويعتز بسعيهم المخلص لعلو شأن البحرين وصون كل ذرة من ترابها الوطني.
وعلى هذا العهد حافظنا وسرنا معكم ، يدًا بيد ، تحت راية مملكة البحرين الأبية ، واستطعنا ، بفضل المولى ، بالرغم من كل الصعوبات والتحديات ، بأن نضع مصلحة بلادنا ووحدتها فوق كل اعتبار ، وهو نهج سيبقى في جوهره ثابتاً ولن نحيد عنه ، ونحن نمضي ، بكل تفاؤل وعزيمة وإصرار ، لتحقيق ما نصبو له من نهوض وطني يسمو بطموحاته ويرتقي بآماله.
وفي مثل هذه اللحظات الهامة من ذاكرة الوطن ، تتجدد لدينا مشاعر التقدير والاعتزاز بما تبدونه نحونا من التفاف وولاء صادق ، فمن هذا الموقع ، وفي ظل هذا المسجد المبارك ، بدأت مشاوراتنا للإعداد لمشروع ميثاق العمل الوطني ، واستطعنا أن نحقق – معًا – هذا “الإنجاز البحريني” النابع من عمق مجتمعنا المتماسك ، فأصبح ، ولله الحمد ، واقعًا معاشاً ومرجعاً راسخاً لمسيرتنا الوطنية.
ونستذكر وبكل فخر الموقف التاريخي لشعب مملكة البحرين بإجماعه الوطني على الميثاق ، الذي جاء بمثابة البيعة لعهدٍ وعصرٍ جديد ، حملنا لواءه ، وبقوة الإيمان ، سيراً على خطى رجل النهضة ، والدي ووالد الجميع عيسى ابن سلمان ، ومعه جيل الآباء من الرواد الذين أغنوا ساحات العمل على امتداد المسيرة العامرة بزخم عطائهم المخلص وعملهم الصالح.
وكما نهلنا وتعلمنا من سيرة ومسيرة روادنا الأوائل ، يواصل ابن البحرين البار ، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ، ولي عهدنا ورئيس مجلس الوزراء ، بذات الحرص والالتزام لخدمة وطنه وأهله ، وبمعية أنجالنا الكرام الذين يتولون مسئولياتهم بروح وطنية عالية ضمن “فريق البحرين” الواحد ، ونحسبهم – جميعاً – في تكاتفهم كالبنيان المرصوص بتمسكهم بشرف خدمة وطنهم ، والمحافظة على أمانته ، والذود عن مصالحه.
وإننا على يقينٍ تام بأن راية الوطن ستبقى مرفوعة في ميادين العز والشموخ ، بإذن المولى ، وتحت حماية قواتنا الوطنية ، الدفاعية والأمنية ، برجالها ونسائها الأوفياء والشجعان ، المحافظين على عهودهم والملتزمين بما أقسموا عليه أمام الله.
وبعونه تعالى ، فإن انطلاقة البحرين مستمرة ومتواصلة ، ولا تفريط فيها ، وسيظل واجب صونها أول الواجبات وعلى رأس المسئوليات للحفاظ على رفعتها وتقدمها كمملكة حامية للحقوق والحريات ، وواحة أمن وأمان للعيش المشترك ، ومنارة مشعة بالتسامح والانفتاح الحضاري .. وهي تمد يدها بالمودة والمحبة والدعم والتعاون لجميع أشقائها وأصدقائها ، وكما هو العهد بها على مر الأزمان .. وعاشت البحرين بلداً للكرام ومهداً للسلام.”