GreatOffer
أخبار عربية

الجزائر والإمارات .. شرارة إعلامية تكشف عمق الانقسام العربي

متابعة : سامر شعلان

Advertisement GreatOffer

تحوّلت مقابلة تلفزيونية بثّتها قناة “سكاي نيوز عربية” إلى شرارة فجّرت أزمة سياسية وإعلامية بين الجزائر والإمارات ، في مشهد يعكس هشاشة العلاقات الثنائية وتراكم التوترات غير المعلنة بين البلدين.

التصعيد بدأ بتصريح أدلى به المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، وصف فيه الأمازيغية بأنها “مشروع فرنسي-صهيوني”، ما أثار غضبًا واسعًا داخل الجزائر. ورغم أن التصريح صدر من مواطن جزائري ، حمّلت السلطات الجزائرية القناة – التابعة لأبوظبي – مسؤولية “المساس بالشعور الوطني”، معتبرة ذلك استفزازًا موجّهًا من الإمارات.

Advertisement

وسرعان ما تصاعدت الأزمة بشكل غير متوقع ، حيث شنّ الإعلام الجزائري حملة هجومية وُصفت بالإهانة ، نعت فيها الإمارات بـ”الكيان الوظيفي” و”الدولة المصطنعة”، وندد بسياساتها الإقليمية ، خصوصًا تطبيعها مع إسرائيل ودعمها للمغرب في قضية الصحراء الغربية. في المقابل، لم يتأخر الإعلام الإماراتي في الرد، فاتهم الخطاب الجزائري بـ”العدائية المزمنة” وغياب النضج السياسي.

الموقف الرسمي الجزائري لم يقتصر على الإدانة الإعلامية، بل تجاوز ذلك إلى إيداع المؤرخ الحبس المؤقت ، في خطوة عكست الحساسية المفرطة المرتبطة بقضية الهوية. لكن ذلك لم يُنهِ السجال، بل زاد من حدّته.

توترات تتجاوز التصريحات

تبدو هذه الحادثة جزءًا من مشهد أوسع، يتضمن تراكمات سياسية تعود إلى خلافات جوهرية بين البلدين ، أبرزها الموقف من تطبيع العلاقات مع إسرائيل ، والاصطفاف المتناقض في ملفات إقليمية مثل ليبيا ومالي. ففي حين تميل الإمارات إلى دعم قوى عسكرية وتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في شمال أفريقيا، تتمسك الجزائر بمواقف مبدئية متشددة تزداد صرامة مع الوقت.

ويرى محللون أن التصريحات الإعلامية كانت مجرّد عود الثقاب الذي أشعل نارًا خامدة، في ظل غياب قنوات حوار فعّالة بين البلدين، وتنامي التجييش الإعلامي الذي يحوّل الخلافات إلى معارك علنية.

أزمة النظام العربي: غياب الوساطة وتصاعد التجييش

تُبرز هذه الأزمة مجددًا مأزق النظام العربي في إدارة خلافاته الداخلية، إذ تغيب مؤسسات الوساطة وتُترك الساحة للأصوات الشعبوية والاصطفافات الحادة. الشعوب بدورها تصبح وقودًا لهذه المعارك، وسط مناخ محتقن يعزّز الاستقطاب ويقلّص مساحات التفاهم.

في هذا السياق، لا تُعدّ الجزائر والإمارات استثناءً. فالجزائر المنخرطة في توترات مزمنة مع المغرب وليبيا ومالي، تكرر سلوكها ذاته مع أبوظبي، من دون التحقق من النوايا أو السعي إلى تبريد الأجواء. في المقابل، تواصل الإمارات تعزيز تحالفاتها الإقليمية، ما يمنحها نفوذًا أكبر في موازين القوى، ويزيد من توجّس خصومها.

أزمة تتكرّر… بلا أفق للحل

تُعيد هذه الأزمة إنتاج مشهد الانقسام العربي ذاته: غياب للحوار، تصعيد متبادل، وتوظيف للهوية والتاريخ في معارك لا تخدم الشعوب ولا تصب في مصلحة الاستقرار. ويبقى الأفق مسدودًا ما دامت إدارة الخلافات تُدار بمنطق الخصومة لا الشراكة، والتصعيد لا العقلانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى