بعد عام من اندلاعها.. كيف تنظر المخابرات البريطانية للحرب الروسية في أوكرانيا؟
دأبت المخابرات العسكرية البريطانية (إم آي 6) “MI6″، منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا على نشر تحديث مستمر لتطوراتها الميدانية تسميه “التحديث المخابراتي”، وفيه تنشر معطيات حول مجريات الحرب والمعارك الدائرة في مختلف الجبهات وبعض تفاصيل الإستراتيجية العسكرية لكل من روسيا وأوكرانيا.
وبمناسبة مرور سنة على هذه الحرب نشرت وزارة الدفاع البريطانية على حسابها في تويتر، مجموعة من المعطيات الصادرة عن المخابرات العسكرية، تكشف فيها الإستراتيجية الجديدة لروسيا في التعامل مع هذه الحرب.
وحسب المخابرات البريطانية فإنه من المحتمل أن روسيا قد غيرت من إستراتيجيتها القتالية، حيث تسعى حاليا لإضعاف الجيش الأوكراني وإنهاكه، عوضا عن التركيز على الاستيلاء على مزيد من الأراضي.
وتعرف روسيا أن العامل البشري يصب في صالحها، كما أنها تعلم أن أي تقدم على الأرض سيكلفها خسائر كبيرة، وهذا ما يدفعها للتركيز على إنهاك الجيش الأوكراني.
ورجحت المخابرات البريطانية أن القيادة الروسية تسعى حاليا إلى عملية عسكرية طويلة الأمد، لأنها تعلم أن لديها خزانا بشريا قادرا على توفير المقاتلين للجيش الروسي، في المقابل فإنها تسعى إلى استنفاد قدرات الجيش الأوكراني.
تغيير في الخطة
وتعود المخابرات البريطانية إلى سنة 2014 التي تعتبرها سنة مرجعية في الكشف عن إستراتيجية روسيا في التعامل مع أوكرانيا، فمنذ هذه السنة ظهرت الرغبة المستمرة لروسيا في التحكم في جارتها أوكرانيا، ولتحقيق هذا الهدف قامت بإثارة ما يشبه الحرب الأهلية في إقليم دونباس الذي يضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا، ثم السيطرة على شبه جزيرة القرم.
وتؤكد المخابرات البريطانية أن الهدف الأساسي لإطلاق العملية العسكرية الروسية كان السيطرة على كامل التراب الأوكراني وإسقاط الحكومة الأوكرانية وتعويضها بأخرى تدين بالولاء لموسكو.
لكن موسكو اكتشفت منذ أبريل/نيسان من سنة 2022، أي بعد شهر من إطلاق العملية، أنه من المستحيل تحقيق هذا الهدف، فقذ قامت بتغيير كل إستراتيجيها من خلال محاولة شرعنة سيطرتها على منطقة دونباس والجنوب، ولكن هذا الأمر يتحقق ببطء شديد وبكلفة عالية جدا.
ماذا عن المعارك؟
في إحاطة للمخابرات البريطانية عن المعارك الدائرة إلى غاية يوم 23 فبراير/شباط الجاري، يظهر أن معارك شرسة تدور في أكثر من منطقة، وخصوصا في محيط مدينة باخموت، مؤكدة أن القوات الأوكرانية نجحت لحد الآن في الحفاظ على خطوط الإمداد نحو الغرب رغم الطوق الذي تحاول روسيا فرضه منذ 6 أسابيع.
وإلى الجنوب في منطقة دونيتسك تعرضت بلدة فوهليدار مرة أخرى لقصف عنيف، وتوقعت المخابرات البريطانية أن روسيا تستعد “لمحاولة هجومية أخرى في هذه المنطقة رغم الهجمات الفاشلة المكلفة في أوائل فبراير/شباط وأواخر عام 2022”.
وكشف التقرير المخابراتي أن من يقود المعارك في هذه المناطق هي قوات المنطقة الجنوبية في روسيا، التي يقودها الجنرال روستام مورادوف، وهذا الأخير يتعرض مؤخرا إلى ضغط كبير من داخل روسيا، وخصوصا من القوميين الروس الذي يتهمون الجنرال بأنه يتراجع كثيرا ولا يحقق أي تقدم على جبهته.
وتستبعد المخابرات البريطانية أن يكون للجنرال مورادوف ما يكفي من القوات القادرة على تحقيق اختراق حقيقي في الجبهات التي يقاتل عليها، بسبب نقص الأسلحة الهجومية وكذلك القوات المدربة لقيادة عمليات هجومية.
رسالة إلى بوتين
وبمناسبة مرور سنة على هذه الحرب، وجه وزير الدفاع البريطاني بن والاس رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الحساب الرسمي لوزارة الدفاع البريطانية على تويتر قال فيها إنه “حان الوقت لكي تفكر موسكو في كل الذي يحدث وبأن يتذكر الروس أنهم قادرون على إنهاء معاناة الطرفين”.
وأضاف وزير الدفاع أن روسيا لن تجد في أوكرانيا “سوى الهزيمة”، لأن بريطانيا وكل حلفائها لن يستسلموا وسيواصلون دعم أوكرانيا مهما طالت هذه الحرب، حسب تعبيره.