هل ينهار دوري روشن السعودي على غرار الدوري الصيني؟
كتب : طارق الجزار
شهدنا منذ 9 سنوات ، الطفرة الكروية التي كان يعيشها الدوري الصيني لكرة القدم ، بسبب التعاقد مع نجوم الكرة القدم في 2016 ، كما يحدث حالياً بدوري روشن للمحترفين.
ففي عام 2016 ، كان مطار شنغهاي الصيني ، مكتظاً بالعديد من المشجعين من أجل مشاهدة النجم البرازيلي هالك ، الذي انتقل وقتها لصفوف نادي المدينة ، مقابل 58 مليون دولار.
وانضم عدد من نجوم كرة القدم ، على مدار السنوات التالية للدوري الصيني ، مثل النجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز نجم مانشستر يونايتد والسيتي السابق ، وأوسكار نجم تشيلسي ، وإيزيكيل لافيتزي نجم باريس سان جيرمان ، وأليكس تيكسيرا ، وجاكسون مارتينيز.
وكانت هذه الطفرة في عالم كرة القدم الصينية ، تأتي وفقاً لرؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ ، التي كان يستهدف من خلالها تحويل دولته إلي “دولة كرة القدم”.
وفي الوقت الذي كان فيه نجوم كرة القدم يذهبون للدوري الصيني ، كان هناك مدربون يحذرون من هذا الخطر ، والذي اعتبروه خطراً حقيقياً على كرة القدم.
قال مدرب تشيلسي في تلك الفترة ، الإيطالي أنطونيو كونتي : “السوق الصينية تشكل خطراً على جميع فرق العالم ، وليس فقط تشيلسي”.
وفي نفس السياق ، ذكر المدرب الفرنسي المُخضرم أرسين فينغر مدرب “آرسنال” السابق : “تتطلع بكين إلي إمتلاك القوة المالية ، من أجل نقل الدوري الأوروبي بأكمله للدوري الصيني”.
وبات الدوري الصيني في خلال ثلاث سنوات ، قوة ناعمة كبيرة في عالم كرة القدم ، حيث أوشك أغلي لاعب في تلك الفترة ، نجم ريال مدريد السابق الُمعتزل الويلزي غاريث بيل ، قريباً من الانتقال إلي فريق جيانغسو سونينغ ، بعقد يمتدد لمدة 3 سنوات.
ولم يُكتب للمشروع الصيني النجاح والتفوق في عالم كرة القدم ، وأن يصبح موطناً لنجوم الساحرة المستديرة فيما بعد ، ليصبح مشروعهم كالكابوس الذي صنعوه بأيديهم.
فالفريق الذي كان يطمح في شراء غاريث بيل ، قام ببيع حافلته في مزاد علني ، بسبب وضعه المالي الصعبة الذي كان يمر به في تلك الفترة.
لماذا انهار مشروع “كرة القدم” في الصين؟
أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ، إلي أن الأمور تدهورت في البطولة الصينية ، بسبب إعلان الاتحاد الصيني لكرة القدم ، تقليل سقف الرواتب في ديسمبر 2020.
وقبل هذا الإعلان ، كان الاتحاد الصيني قد أعلن في وقت سابق ، عن فرض ضريبة “الرفاهية، وذلك بسبب التحولات المالية الكبيرة ، إضافة إلي منع الرعاة من تسمية الأندية بأسمائهم.
كما لعبت أزمة كورونا دوراً كبيراً في القضاء على المشروع الصيني ، خاصة بعد حالة الشلل الكبيرة التي ضربت الحركة التجارية في العالم ، مما أثر على اقتصادات الدول خاصة الصين ، التي كانت هي منبع ذلك الفيروس.
ولم تتمكن العديد من الأندية الصينية ، أن تسير عكس هذا التيار ، مما جعل بعضها يحل نفسه ، وغادر اللاعبين الأجانب الدوري الصيني ، بسبب قلة الرواتب.
هل ينهار المشروع السعودي مثل الصيني؟
لعل الجميع يتساءل في الوقت الراهن ، عن مصير المشروع السعودي الحالي ، والذي يعتمد على جلب نجوم ، تفوق شهرتها ما كانت أندية الصين تتعاقد معهم.
فالاتحاد السعودي ، بدأ خطته بالتعاقد مع أسطورة البرتغال وريال مدريد كريستيانو رونالدو في ديسمبر من العام الماضي ، وفي الانتقالات الماضية ، ضم كوكبة من النجوم ، على رأسهم المهاجم الفرنسي كريم بنزيما لاعب ريال مدريد السابق ، والسنغالي ساديو ماني نجم ليفربول الإنجليزي وبايرن ميونخ الألماني ، ورياض محرز نجم مانشستر ستيي الإنجليزي ، إضافة للبرازيلي روبرت فيرمينو نجم ليفربول.
وتخطت إنفاقات الأندية السعودية ، حاجز المليار دولار ، من أجل التعاقد مع عدد كبير من النجوم ، من الأندية الأوروبية ، والعجيب أنهم من نجوم الصف الأول ، سواء في فئة الكبار ، أو الصاعدين في عالم الساحرة المستديرة.
ولم يقتصر الأمر عند دفع مبالغ طائلة للأندية من أجل اقناعهم بترك نجومهم ، بل دفع رواتب كبيرة من أجل إشباع رغبة هؤلاء اللاعبين ، وجعلهم يوافقون على الانضمام للأندية السعودية.
كما قامت الأندية كذلك بالتعاقد مع مدربيين من الصف الثاني في أوروبا ، أو حتي من الصف الأول بأمريكا الجنوبية ، من أجل زيادة حدة التنافس في الموسم الحالي بدوري روشن.
لكن يبقي السؤال الذي يجول في وجدان متابعي دوري روشن للمحترفين ، هل ستكون الأندية السعودية ، قادرة على تغطية احتياجاتها المالية بعد 3 سنوات من الآن ، لدفع رواتب تلك الكوكبة من النجوم ، أما أنها ستنجرف إلي الهوية التي ذهبت إليها التجربة الصينية من قبل ، وينتهي الحلم الذي يعتمد على سياسة الضخ الكثيف للأموال.