الفنان ورسام الكاريكاتير السوري «خالد جلل» لـ (هرمز نيوز) : فنان الكاريكاتير صاحب رسالة
حاوره : علي الرجيبي
خالد جلل فنان ورسام كاريكاتير سوري ، حاصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة من جامعة دمشق 1988م ، ومقيم بدولة الإمارات العربية ، يمتلك العديد من المهارات والخبرات أبرزها رسم الكاريكاتير ، ورسم البورتريه ، والفن التشكيلي ، وتصميم الجرافيك ، والموشن جرافيك ، والإنيميشن ، وله أعمال متنوعة في مجال الرسوم المتحركة (2D) ، والتصاميم (3D) ، وإنتاج الفيديو ، في فترة مبكرة منذ العام 1984م (أكثر من 80 فيلم إعلاني) ، كما أنه عمل في الإخراج الفني المطبوعات ، ولديه من الخبرة مايزيد على 17 عاماً في تصميم المناهج والكتب المدرسية في دولة الإمارات العربية .
بالإضافة إلى ذلك يمتلك موهبة فن الخط العربي ، كما أنه عمل رساماً للكاريكاتير في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية ، وكذلك نشر بعض المقالات ، وتقديم بعض البرامج التلفزيونية عن فن الكاريكاتير ، وتقديم دورات تدريبة لتعليم أساسيات وأصول هذا الفن ، كما أنه أصدر كتاباً لرسومه الخاصة ، وأقام مايزيد على 15 معرضاً فنياً لرسوماته بشكل فردي.
- كيف كانت بدايات الفنان خالد جلل مع هذا الفن؟ وما سبب توجهك لفن الكاريكاتير؟ وهل كان للبيئة من حولك دور في اكتشاف الفنان في داخلك ، سواء للمدرسة أوالعائلة؟
- أحببت الرسم منذ صغري ، وعملت بمختلف أنواع الألوان وأدوات الرسم ، في كل المواضيع ، وطبعاً كان للأهل الدور الأكبر في تشجيعي على ممارسة تلك الهواية ، لما لمسوه من إمتلاكي لتلك الموهبة ، كل ذلك قبل أن أبدأ الدراسة في كلية الفنون الجميلة.
- والجميل في الأمر ولحبي لهذا العمل ، أقمت ثلاث معارض لأعمالي الفنية بشكل فردي وأنا طالب في المرحلة الثانوية.
- وخلال دراستي الجامعية وما بعدها عملت في مجالات الفنون المتنوعة إضافة لرسم اللوحات الفنية ، مثل رسم الكاريكاتير للصحف والمجلات ، وإنتاج الرسوم المتحركة ، وتصميم وإخراج الكتب والمجلات ، وتصميم ورسم الخلفيات والكاريكاتير لبرامج التلفزيون ، وكانت فترة مرهقة جداً من الناحية العملية ، لأن مراحل العمل كلها كانت تتم بشكل يدوي وللتدليل فقط على رسم (2D) كانت حركة المشى فقط 17 حركة ، حالياً الوضع اختلف مع الكمبيوتر مجرد ثلاث حركات.
- كيف يرى الفنان خالد جلل واقع فن الكاريكاتير في سوريا وعالمنا العربي؟ وما هى أسباب إقامتك في دبى؟
- (مهارة الجراح وعقلية الجزار) ، هذا الوصف المختصر ، هو مايجب أن ينطبق على رسام الكاريكاتير الناجح ، لأن صعوبة دمج هذه الثنائية في وقت واحد ، يحتاج من الرسام براعة بهلوانية في طرح الأفكار ، وثقافة غير يسيرة ، لأن الجرأة والدبلوماسية ، شرطان أساسيان لتحقيق عمل كاريكاتيري احترافي مؤثر.
- وسوريا مثلها مثل كل الدول العربية ، ولادة للفنانين والمبدعين ، ونحن نعلم أن فن الكاريكاتير جاء متأخراً زمنياً للدول العربية عما حوله في العالم ، لأن فن الكاريكاتير كان الإبن الشرعي للصحافة الغربية ، بينما الكاريكاتير العربي إذا صحت تسميته كذلك ، كان يتواجد على استحياء في عتبات الصحف العربية ، لا لقصور فيه ربما ، ولكن السبب في الغالب هو ( الفوبيا) التي يعاني منها رؤساء التحرير من كل شيء قد يقض مضاجع كراسيهم.
- أما عن أسباب الإقامة في دبى ، الأمر جاء دون ترتيب ، القصة أنني توسعت في أفلام الرسوم المتحركة الإعلانية في مرحلة الثمانينات ، ومن ثم جاءني عرض وأنا مقيم في سوريا لرسم أفلام لصالح شركة انتاج في دبي ، وبعد أن أنجزت تلك الأفلام ، تلقيت منهم دعوة كريمة للقدوم إلى دبى والعمل هنا وكان ذلك في عام 1988 وما زلت مستقر بها حتى الآن.
- هل تستطيع إحصاء عدد أعمالك ، وماهو أهمها من وجهة نظرك؟
- صعب جداً إحصاء عدد الأعمال التي قمت بها ، خاصة وأنا مارست أعمالاً كثيرة حسب الطلب كوسيلة لكسب العيش ، وبحكم ظروفي التي مررت بها مارست كل أنواع الأعمال الفنية التي ذكرتها سابقاً ، وهذا ما أكسبني مهارات وخبرات متنوعة ، وكما نعلم أن كل فنان يركز جهوده على نوع واحد من الفنون ويتخصص فيه ويتميز به فيما بعد ، إلا أني لم أركز على نوع واحد فقط ، وكنت أعمل في جميع تلك المجالات المتنوعة في وقت واحد.
- وبخصوص أهم الأعمال ، في الواقع ليس هناك عمل معين ، أنا فنان أحب عملي وأعيشه ، وبالتالي كل عمل هو حالة خاصة عندي ، يمكنك أن تطلق علي فنان شامل “متعدد المواهب”.
- ماهى أعمالك التي تقوم بها حالياً؟ وما هى أفكارك المستقبلية التي تطمح لتنفيذها؟
- كما شرحت سابقاً أى عمل يتم عرضه على أقوم بتنفيذه مباشرة ، وبجانب ذلك أن أعمل بمجال التدريب لإعداد كوادر في المونتاج ، والإلقاء الصوتي ، وتقديم البرامج من خلال خبراتي السابقة.
- ولدي الكثير من الأفكار والمشاريع الفنية المستقبلية التي أطمح لتنفيذها وكلها في مجال المحتوى الفني الإبداعي الرقمي ، ولكن حتى تستطيع تنفيذ تلك الأفكار والمشاريع ، لابد من توافر رأس المال ، وحالياً أقوم بدراسة بعض الشراكات حتى أستطيع تنفيذ تلك الأفكار على أرض الواقع.
- كيف استطاع الفنان خالد جلل الانتقال من العمل الفني التقليدي إلى توظيف الكمبيوتر في رسوماته لاحقاً؟
- البداية كما تعلم كانت في سوريا ولم يكن التطور الذي نعيشه الآن ، حتى أنني كنت أجهز للتلفزيون السوري التصاميم الخاصة بالبرامج وكانت عبارة عن رسومات على لوحات حقيقية بشكل يدوي ، حتى رسومات الكاريكاتير كانت بشكل يدوي ويتم وضعها كصورة في الخلفية.
- ومع إنتشار التكنولوجيا ، كان لابد أن أواكب العصر ، فأنا عندما أرسم يدويًا ، وأدعم تلك الرسومات بوسائل التكنولوجيا ، أكون قد أضفت مكاسب عدة ، وهنا يمكننا الحديث عن السرعة في الإنجاز ، والدقة في التنفيذ ، وضمان حفظ العمل من التلف والضياع ، وسهولة الأرشفة ، وهذا لا يعني أن هذه الوسائل تخلق الموهبة لمن يفتقدها ، إنما دورها ينحصر في كونها عاملًا مساعدًا ، لا أكثر.
- هل إتقانك ممارسة فن الكاريكاتير ساعدك في الوصول لعمل الرسوم المتحركة؟
- كما تعلم أن الموهبة شئ ودراسة الفنون الجميلة شئ آخر ، بمعنى أنني درست في كلية الفنون الجميلة الإعلان ، والإعلان يعتمد على الفكرة ، وكوني رسام كاريكاتير ، أصقلت الدراسة تلك الموهبة ، وهى كيفية التعبير عن الفكرة وتوصيل الرسالة من خلال رسم الكاريكاتير.
- هل تأثرت في أعمالك بأحد الرسامين السوريين أو العرب؟
- صراحة لا أدين لشخص أو رسام محدد ، بل تأثرت إيجابياً بما كان ينشر في الصحف والمجلات من رسوم كاريكاتيرية ، ولايوجد عندي رسام مفضل ، بل رسم كاريكاتيري مفضل ، والرسم القوي والمعبر ، يفرض نفسه ، بغض النظر عمن رسمه ، ومن أي ثقافة أو بلد هو.
- وأعتقد أن كل فنان يمثل نفسه ، يمثل بيئته ، يمثل حالته ، لذا لا أعتقد أن أحد يمثل الآخر أو تأثر به ، وكل فنان له ستايل خاص به.
- هل فن الكاريكاتير مرتبط بالصحافة أم أنه يستطيع أن يكون له خطًا مستقلًا؟
- أعتقد أن الكاريكاتير هو الإبن الشرعي للصحافة ، إلا أن ارتباطه الدائم بها يخلق له بعض الأزمات ، لأن العدو الحقيقي لرسام الكاريكاتير الصحفي هو حتمية المرور في دهاليز «المسموح والممنوع للنشر» ، ورغم ذلك يستطيع الكاريكاتير أن يكون له خطاً مستقلاً دون الإرتباط بمقالة أو موضوع صحفي كما نتابع حالياً على صفحات التواصل الإجتماعي.
- وهل باعتقادك أن الكاريكاتير سينجح في فرض استمراريته؟
- بالتأكيد سينجح الكاريكاتير في فرض استمراريته؛ لأنه فن مواكب للعصر ومتأقلم مع الأفكار والتغيرات المجتمعية ، ولا تحكمه الظروف ، بل هو يستفيد من كل ظرف ، لذا أرى أن كل المتغيرات تؤكد بقائه على قيد الحياة.
- وأعتقد أن هذا الفن سيظل يلعب الدور الذي وجد من أجله في تقديم رسالة ساخرة ولاذعة وناقدة سواء للسلطة ، أو لمجمل الظواهر الاجتماعية أو حتى مقاومة العدو أو التحريض على الكفاح وهكذا.
- في تلك الحالة هل نستطيع أن نقول بأن صفحات التواصل الإجتماعي أصبحت متنفس جديد لفنان الكاريكاتير؟
- بالتأكيد نشر الكاريكاتير في صفحات التواصل الاجتماعي هو بلا شك وسيلة مفيدة جداً أسرع وأقوى انتشاراً في الوقت الحالي ، عدا عن ذلك أنه لاتوجد هنا سوى الرقابة الذاتية للفنان ، التي يحكمها ضميره المهني ومعاييرة الأخلاقية ، ورغم إيجابيات صفحات التواصل الاجتماعي الكثيرة ، إلا أن هناك سلبية واحدة وخطيرة ، وهى ظاهرة سرقة الأعمال ، وقد تعرضت لذلك من خلال استغلال البعض رسوماتي ويقوم بالتعديل عليها ، بإلاضافة أو الحذف بما يتناسب مع التوجه السياسي والفكري لمن يقوم بذلك ، ومن ثم إعادة نشرها في صفحات التواصل الاجتماعي من جديد.
- ولماذا معظم رسوماتك لا يوجد بها تعليق؟
- دعني أقول هنا إن التعليق يلعب دوراً خطيراً في إضعاف الرسم الكاريكاتيري ، وأود أن أشير إلى نوعين من التعليق ، فهناك التعليق المقتضب ، وهذا يعتبر مقبولاً إذا دعت الضرورة الفنية والعملية لذلك ، مثل أسماء الأشياء الثابتة الداخلة في أصل الرسم كما هي في الواقع ، وهناك التعليق المسهب ، الذي يتحول إلى مقال قصير أو طرفة مكتوبة ، وهذا ما يجعل الرسم برأيي ليس كاريكاتيراً ، رسم الكاريكاتير يجب أن يشرح نفسه ، ولا يحتاج إلى تعليق مكتوب.
- في خطوة مهمة تضاف إلى مشوارك الفني شاركت كعضو لجنة تحكيم قسم أفلام الرسوم المتحركة في مهرجان مسقط السينمائي الدولي. هل تلك هى المشاركة الأولى للفنان خالد جلل في مهرجان سينمائي؟
- في البداية أود أن أعبر عن سعادتي بالمشاركة كعضو لجنة تحكيم بمهرجان مسقط السينمائي الدولي ، خاصة وأنه تم توجيه بعض الدعوات لي من قبل من بعض المهرجانات السينمائية ، ولكني اعتذرت عنها ، خوفاً من اعتقاد ترسخ لدى من أن لجان التحكيم دائما ماتكون غير محايدة ، وأن فكرة المحاصصة هى السائدة ، ولم أحضر إلى هنا إلا بعد التأكد من أن هناك شفافية في الاختيارات ، وليس هناك أى إملاءات ، وهذا ما حدث على أرض الواقع ، حيث تمت كل الإختيارات بشفافية ونزاهة كاملة ، ويشرفني أنني كنت عضو في لجنة التحكيم بمهرجان مسقط السينمائي الدولي مع كوكبة كبيرة من الفنانين ، حيث أن مهرجان مسقط السينمائي الدولي لا يختلف عن باقي المهرجانات العالمية ، خاصة وأنه يطبق المعايير بدقة ونظام ، كما أن لكل مهرجان طبيعة خاصة به ، ترجع لطبيعة البلد وعاداته وتقاليده والثقافة الخاصة به ، وذلك هو الفرق الوحيد.
- وعلى مستوى الزيارات أو السياحة هل تلك هي الزيارة الأولى إلى سلطنة عُمان ، مع علمي أنك مقيم في دولة الإمارات العربية الشقيقة والجارة ما يقارب 35 عاماً؟
- في الحقيقة وتلك مفارقة عجيبة أنا لست من محبي السفر والترحال وتقريباً في خلال هذه الفترة قمت بزيارة دولة البحرين مرة واحدة ، وكذلك زرت القاهرة مرة واحدة في افتتاح إحدى القنوات التلفزيونية في 2007،2008.
- وماهو إنطباعك عن سلطنة عُمان وشعبها؟
- حقيقة وليست مجاملة ، منذ أن وطئت قدمي عُمان شعرت أنه بلد تألفه ولا تشعر فيه بالغربة ، بل تشعر بود وطيبة ناسه مع أول حديث معهم ، وتشعر من الوهلة الأولى بعمق التاريخ والإرث الحضاري والتنوع الجغرافي ، والشواهد على ذلك كثيرة في القلاع وغيرها من الآثار التاريخية.
- كلمة اخيرة للفنان خالد جلل؟
- أقول أن الكاريكاتير يلعب دور الواعظ والمحرض معاً ، في كل حقول الألغام التي تحيط بالفرد ، لأنه يمتلك شرط الإدانة والمعارضة في وقت واحد ، ولايمكن أن يكون مهادناً أو حيادياً ، ولايمكن أن يعمل أيضاً ، حارساً ليلياً على أبواب المجتمع المتخم ، وهو كذلك ليس خفيراً على شواطىء المفرطين في السعادة والذين ينظرون لهذا العالم معلباً ومثلجاً ومرتباً على الرفوف في عقول المتسوقين ، وفي دراسة علم المنظور ، جميع الخطوط المرسومة ، تلتقي في نقطة واحدة على خط الأفق ، وأنا أرى أن فن الكاريكاتير ، هو تلك النقطة.
- وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لمهرجان مسقط السينمائي الدولي والقائمين عليه على دعوتهم الكريمة ، وآمل أن يكون المهرجان كما هو دائماً نافذة للفن الحقيقي والوضوح والجرأة والمصداقية بالطرح والتصورات ، وأخيراً الشكر موصول لجريدة “هرمز نيوز” على اتاحتها تلك الفرصة لهذا اللقاء وأتمنى لكم مزيداً من النجاح والعطاء.