سلطنة عمان تُطلق “عُمان سات-1” عبر شراكة استراتيجية مع إيرباص

كتب: د. محمد سعد
وقعت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات اتفاقية تعاون مع شركة إيرباص الفرنسية للدفاع والفضاء لتصميم وتصنيع وإطلاق أول قمر اصطناعي عُماني لخدمات الاتصالات، تحت اسم “عُمان سات-1”. تأتي هذه الخطوة ضمن الجهود الوطنية لتعزيز منظومة الاتصالات والسيادة الرقمية، وبناء القدرات الوطنية في مجالات الفضاء والتقنيات المستقبلية.
وقع الاتفاقية من جانب الوزارة معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي، وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، فيما وقعها من جانب شركة إيرباص آلان فوريه، الرئيس التنفيذي لأنظمة الفضاء.
ويتميز القمر الاصطناعي “عُمان سات-1” بسعة عالية في نطاق التردد Ka، ليغطي سلطنة عُمان بما فيها مياهها الاقتصادية، إضافة إلى منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وآسيا، وسيعتمد على منصة OneSat من إيرباص، مع مرونة رقمية كاملة لإعادة التكوين أثناء وجوده في المدار.
في إطار الاتفاقية، أسندت الوزارة تشغيل المشروع إلى شركة “تقنيات الاتصالات الفضائية” المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني، لتكون المشغل الوطني للمشروع والذراع التنفيذي خلال مراحل التصميم والتصنيع. ولضمان إدارة مثلى، أنشأت الوزارة مكتبًا لإدارة ومتابعة تنفيذ المشروع ضمن الشركة، ليتولى مسؤولية الإشراف الإداري والفني وضمان جاهزية البنية التحتية لتشغيل القمر الاصطناعي، وبناء منظومة تشغيلية متكاملة في سلطنة عمان لتقديم الخدمات للمؤسسات الحكومية والخاصة بعد الإطلاق.

تعزيز السيادة الرقمية
قال معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي:
“يهدف المشروع إلى تعزيز السيادة الرقمية لسلطنة عمان من خلال امتلاك بنية تحتية فضائية وطنية قادرة على تقديم خدمات الاتصالات والبيانات بصورة مستقلة وآمنة، مما يعزز مستوى أمن المعلومات الوطني، ويدعم استمرارية الخدمات الحيوية، ويوسع نطاق التغطية في المناطق الريفية، ويحسن جودة الاتصالات وخدمات الإنترنت، بما يتماشى مع رؤية عمان 2040”.
وأضاف أن المشروع يعتبر رافدًا رئيسيًا لنقل وتوطين المعرفة التقنية، من خلال برامج تدريبية مكثفة لتأهيل الكوادر العُمانية في جميع مراحل المشروع، وتمكين الشركات المحلية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، للمشاركة في سلسلة الإمداد، وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الفضائي الوطني، ودعم البحث العلمي والشراكة بين الجامعات المحلية وشركة إيرباص.
تمكين تقني وفضائي
أوضح سعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني، وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات ورئيس فريق التفاوض على المشروع:
“يمثل المشروع نقلة نوعية في مسيرة سلطنة عمان نحو التمكين التقني والفضائي، ويعكس التزام الحكومة ببناء اقتصاد رقمي مستدام قائم على المعرفة والتكنولوجيا. كما يضمن الدور الوطني لشركة تقنيات الاتصالات الفضائية تحقيق أعلى مستويات الكفاءة ونقل المعرفة وبناء القدرات الوطنية”.
وأضاف أن التعاون مع شركة إيرباص يضمن تكاملًا مؤسسيًا فعالًا بين الجهات الحكومية والاستثمارية والخاصة لتحقيق الرؤية الوطنية للفضاء والاتصالات.
اتصالات فضائية عالمية
أعرب آلان فوريه، الرئيس التنفيذي لأنظمة الفضاء في إيرباص، عن سعادته بتوقيع العقد، مؤكدًا على توفير قدرات اتصالات فضائية عالمية ومرنة بالكامل لأول قمر اصطناعي جغرافي ثابت لعُمان، ودعم تنفيذ برنامجها الوطني للأقمار الاصطناعية وبناء القدرات السيادية لخدمة العملاء مستقبلًا.
رؤية وطنية نحو الفضاء
قال الدكتور سعود بن حميد الشعيلي، رئيس برنامج الفضاء الوطني ورئيس مكتب إدارة ومتابعة تنفيذ المشروع:
“يعد المشروع أحد المبادرات الاستراتيجية في تنفيذ السياسة الوطنية للفضاء (2023-2033)، التي تهدف إلى جعل سلطنة عمان البوابة الإقليمية لخدمات وتقنيات الفضاء، وتعزيز مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وتوسيع نطاق الخدمات الفضائية الوطنية”.
وأضاف أن المشروع متكامل مع مبادرات الوزارة في مجال إطلاق الأقمار الاصطناعية من ميناء الدقم، وبرامج بناء القدرات، ومشروعات البيانات الجغرافية والمراقبة الأرضية، لتشكيل منظومة متكاملة لدعم وتمكين الاقتصاد الفضائي في عمان.
شراكة وطنية
قال المهندس سالم بن سعيد العلوي، المدير التنفيذي لشركة تقنيات الاتصالات الفضائية:
“نفخر بثقة الوزارة وجهاز الاستثمار العُماني في إسناد مسؤولية تشغيل هذا المشروع الوطني إلينا، وسنعمل بالتعاون مع شركة إيرباص على تنفيذه وفق أعلى المعايير العالمية”.
وأضاف: “نهدف لبناء منظومة تشغيلية عمانية خالصة تُدار بأيدٍ وطنية مؤهلة، وتمكّن سلطنة عمان من تقديم خدمات اتصالات متقدمة وآمنة، باستخدام أحدث قمر اصطناعي مع مرونة كاملة وسعة عالية في نطاق Ka”.
بهذا، تدخل سلطنة عمان مرحلة جديدة من التمكين التقني والفضائي، مؤسِّسة لبنية تحتية وطنية مستقلة في مجال الاتصالات، وداعمة لجهود التحول الرقمي.



